رأى أستاذ الفقه الدكتور عبدالعزيز الفوزان في التصفيق أنه جائز. وهو رأي سبق إليه الدكتور سلمان العودة. واعترف فضيلته بأن العرف (الشرعي) هو تحريم التصفيق جملة وتفصيلاً لأن فيه تشبهًا بالكفار، لكن تبين له أخيرًا أن الاستدلال بحرمته على الإطلاق لا يصح. وإذا كان التصفيق يجوز، وهو فعل يُؤدى جماعة لتشجيع شخص أو إبداء الإعجاب بما يقول أو يفعل، فلماذا يا ترى يُعد التكبير جماعة من المنكرات التي يشدد البعض فيها. وحتى تكبير الأعياد يؤدى بصورة فردية، لكن بأصوات مرتفعة تشكل في مجموعها نشازًا متداخلاً يصرف السامع عن الخشوع للتكبير، إذ هو محروم من الترديد المنظم المرتب. ورفع اليد بالدعاء للتأمين على خطيب الجمعة لا يصح عند كثير من العلماء، بل هو مثار إنكار على مَن يفعله، فهل التصفيق ممارسة مقبولة، بينما رفع اليد بالدعاء يوم الجمعة منكر لا يجوز؟! هذه الإنكارات طبعًا خاصة بنا في المملكة، إذ لا مكان لها من الإعراب في بقية دول العالم الإسلامي الذي يقدر ذلك التنوع في مدارس الفقه، ويحترم الثراء في عالم الاجتهاد، ويغض الطرف عن اختلافات هي في واقع الحياة اليوم شكلية بالنسبة لما يحدث في عالم الأخلاق من تقهقر وتراجع لا يسر العقلاء أبدًا. وهذه الأحكام التي تحرّم الأفعال (ولا يُكتفى بتكريهها مثلاً) دون روية، ولا تثبت هي عائق حقيقي نحو مفاهيم القبول بالآخر، والتسامح مع المخالف (في غير ثابت، أو كبيرة من الكبائر). هل بتنا في حاجة ماسّة إلى إعادة النظر في كثير من المسلّمات التي كنا نرددها دون بحث، ولا نقاش (التصفيق مثلاً) كأنها من الثوابت القطعية! وهل حان الوقت لقبول الاختلافات في المذاهب الأربعة؟! وهل آن لنا أن نتنبه إلى القضايا الكبرى التي تؤرق المجتمع وتقض مضاجعه من شاكلة انتشار حمّى المخدرات، وشيوع العنف وطغيان الرذائل من الكذب، والغش، وأكل أموال الناس بالباطل، وغيرها كثير. سنظل تائهين بلا بوصلة إذا لم توضع الأولويات وتُحدد الأهداف وتُرسم خرائط الطريق. [email protected]