دعا خبير أمني أمريكي رئيسه باراك اوباما إلى تغيير الإستراتيجية الأمريكية في محاربة القاعدة، إثر فشل وكالة المخابرات الأمريكية (سي آي إيه) في اكتشاف محاولة تفجير طائرة عيد الميلاد بالرغم من المعلومات الكافية القادرة على كشفها، ومصرع سبعة من عملائها بعد بضعة أيام من ذلك الحدث، وهو ما يدل على أن القاعدة غيرت من إستراتيجيتها.ورصد أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة “جورج تاون” وزميل الأكاديمية العسكرية الأمريكية لمكافحة الإرهاب بروس هوفمان في افتتاحية صحيفة “واشنطن بوست” أمس، خمسة رهانات أساسية للقاعدة، مطالبا بأخذها بعين الاعتبار في الاستراتيجية الأمريكيةالجديدة. واعتبر هوفمان أنه على الرغم من عدم وجود قواسم مشتركة بين عمر فاروق عبدالمطلب المهندس النيجيري المتهم بمحاولة تفجير طائرة “نورث ويست” والأردني خليل همام البلوي الطبيب الموثوق به من قبل الاستخبارات المركزية الذي تحول إلى قاتل، إلا أن كلاهما جسد إستراتيجية جديدة تمكنت القاعدة من اتباعها بنجاح طيلة عام على الأقل. واستطرد هوفمان أنه خلال الفترة من 2008-2009 راهن المسؤولون الأمريكيون على زوال القاعدة، حيث أكد مايكل هايدن مدير وكالة الاستخبارات المركزية فيما بعد في مقابلة أجرتها “واشنطن بوست” في مايو 2008 بأن القاعدة أصبحت على وشك تلقي هزيمة إستراتيجية وأن الغارات المكثفة التي تشنها الطائرات الأمريكية بلا طيار التي أمر بها أوباما لضرب أهداف للقاعدة في باكستان أسفرت عن قتل أكثر من نصف ما تبقى من قيادتها العليا. واستطرد هوفمان إنه من الغريب بالرغم من ذلك، لحركة إرهابية يفترض أنها في النفس الأخير أن تشن هجومين منفصلين في غضون أقل من أسبوع واحد - أحدهما فشل فيما نجح الآخر - وأن يستهدف الهجومان سياسات الأمن القومي الأمريكي في الصميم لأول مرة منذ هجمات 11 سبتمبر الإرهابية بما يعتبر بأنه نتاج لإستراتيجية جديدة للقاعدة تعتمد على قوة شبكاتها وتعويض الضعف الناتج عن نقص قوتها العددية. وعلى النقيض من خطة 11 سبتمبر التي سعت إلى توجيه ضربة قاضية للولايات المتحدة، فإن قيادة القاعدة تبنت في إستراتيجيتها الجديدة القيام بآلاف العمليات الصغيرة. العنصر الأول: تسعى القاعدة إلى التركيز بشكل متزايد على ارهاق الولاياتالمتحدة بهدف النيل من نظم معلوماتها الاستخباراتية الوطنية على خلفية ضجيج التهديدات المتلاحقة. وتأمل القاعدة من جراء ذلك أن ننشغل بتلك المعلومات على نحو ما حدث قبل احتفالات عيد الميلاد التي ربطت بين عبدالمطلب ومحاولة مؤامرة تفجير القاعدة للطائرة الأمريكية. العنصر الثاني : كثفت القاعدة جهودها في أعقاب الأزمة المالية العالمية في اتجاه تبني إستراتيجية حرب اقتصادية. ولنا أن نذكر أن الرئيس السوفيتي نيكيتا خروشوف هددنا قبل نحو 50 عامًا بقوله : «سندفنكم». اليوم تهدد القاعدة بالقول : «سوف نعمل على إفلاسكم»، وهو ما تمثل خلال العام الماضي في عدد من البيانات وأشرطة الفيديو والرسائل الصوتية ورسائل الانترنت التي استهدفت إبراز عيوب الأنظمة المالية الغربية. وتعتقد القاعدة أن التدابير الأمنية المشددة التي بدأت تطبق بعد محاولة تفجير الطائرة الأمريكية إلى جانب احتمال تطوير إجراءات المسح الكامل على الركاب والتقنيات الاستخباراتية، كل ذلك سيكلف أموالاً طائلة، لاسيما وأن الحرب في أفغانستان تشكل استنزافًا ضخمًا للموارد الأمريكية في ظل عدم توفر الاستقرار المالي في الداخل والخارج. وهو ما يجعل القاعدة تعتقد أن استراتيجية الاستنزاف المالي ستؤتي ثمارها. العنصر الثالث: لا تزال القاعدة تحاول خلق انقسامات داخل التحالف العالمي المحتشد ضدها من خلال استهداف شركاء الائتلاف الرئيسيين. ولنا أن نتذكر أن الهجمات الإرهابية على شبكات النقل الجماعي في مدريد 2004 ولندن عام 2005 كانت تهدف إلى معاقبة اسبانيا وبريطانيا لمشاركتهما في الحرب في العراق التي تقودها الولاياتالمتحدة، والقاعدة لا تزال تتمسك بهذا النهج حتى الآن. فخلال العامين الماضيين، حيكت مؤامرات إرهابية خطيرة في باكستان، إلى جانب مؤامرات بهدف معاقبة إسبانيا وهولندا لمشاركتهما في الحرب على الإرهاب - ضمن قوات الناتو - تم إحباطها في مدريد وامستردام. العنصر الرابع: تسعى القاعدة بقوة إلى زعزعة الاستقرار في الدول الفاشلة والمناطق الخارجة على القانون في حين أن الولاياتالمتحدة ما زالت مشغولة بمحاولة فرض الأمن في الدول الفاشلة سابقًا تحديدًا في أفغانستان. وترى الشبكات الإرهابية في الدول الفاشلة بأنها توفر لها الفرصة لتوسيع انتشارها، وهي لذلك تشن عليها حملات التخريب للإسراع في انحسارها. وعلى مدى السنة الماضية. العنصر الخامس: تسعى القاعدة إلى تجنيد عناصر لا تنتمي إلى الدول الإسلامية ليكونوا بعيدين عن دوائر الشك، ويمكنهم تنفيذ العمليات الإرهابية في دول الغرب بشكل أسهل.