بعد أن قمنا بتقليد الغرب في المأكل والمشرب والملبس أتى الدور على الاختلاط، وقام البعض بالمطالبه به، ووصف معارضيه بالمتشددين والمتزمتين -وما أجمل التشدّد إذا كان على الحق-! وكأننا لا نستطيع التقدم والتطور بجميع المجالات إلاّ بالاختلاط، وكأن سبب تقدم الغرب علينا هو أنهم شعوب تبيح الاختلاط، وهذا منطق غير صحيح. فها هي أغلب الدول العربيه وغيرها من دول العالم الثالث أيضًا تبيح الاختلاط، ولازالت هذه الدول متخلّفة عن ركب الغرب، ثم ألم يعلم هؤلاء أن بعض دول أوروبا بدأت في عزل الأولاد عن البنات؟ وذلك لما لاحظوه من مشاكل تسبب فيها الاختلاط، وعندما يزعم بعضهم أن الاختلاط كان موجودًا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من قيام الصحابيات -رضي الله عنهن- بمداواة الجرحى في الحرب، نقول ذلك صحيح، ولكننا لا نعلم عن الكيفية التي كنّ عليها.. من الممكن أن كل صحابية لا تعالج إلاّ مَن هو محرم لها، ثم إن هذا الموقف يعتبر من الضروريات، وهن مجاهدات، ولا يمكن القياس عليه. ويقابله في وقتنا الحاضر الممرضات في المستشفيات، فوجودهن ضرورة للكشف على المريضات، وهل هناك مقارنة بين زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وزمننا هذا؟ ففي ذاك الوقت كان المسلمون مهتمّين بنشر الدّين، والحرص على تطبيقه، أمّا نحن فالفتن تحيط بنا من كل جانب، ولا نذهب بعيدًا فزمن أجدادنا القريب لم تكن هناك أحداث أو مشكلات تمس المرأة، كالاختطاف، أو الاغتصاب والتي انتشرت في وقتنا هذا.. فما بالك إذا كان هناك اختلاط. فهناك مَن يحاول إقحام المرأه في كل شيء بزعم إعطاء المرأة حقوقها، وأنها مضطهدة، وهذا غير صحيح، فقد كفل الإسلام للمرأة جميع حقوقها، وإنزلها المكانة التي تستحقها، وحافظ عليها بأن أمرها بالحجاب، فهل بالاختلاط سيصمد الحجاب؟ والاختلاط سبب رئيسي للخلوة الشرعية المحرمة شرعًا، وأيضًا ذهاب الحياء وقتل الغيرة على العرض. فيجب علينا ونحن نعيش في بلاد الحرمين مهبط الوحي، وأننا القدوة لجميع المسلمين في جميع أرجاء المعمورة أن نقف بالمرصاد لدعاة الاختلاط، ولا نترك لهم المجال للمساس بثوابتنا الدينية، وفي نفس الوقت نبين لهم فداحة ما يطالبون به، ونسأل الله لهم الهداية..