أضيف صوتي لصوت الفاضلين خالد الطويل وعاصم حمدان بإغاثة هذا الجبل فامتلاكُ قطعة أرض منه بعد إزالة الصخور نفع محدود لفرد واحد أما الجبل الذي حافظت عليه الأجيال فهو تاريخ لكل مسلم أحياناً تكون الحكاية التراثية حقيقة، أو يكون الخيال حقيقة أو قريباً منها، هذا ما خطر ببالي بعد أن اطلعت على ما كتبه الفاضلان أ. خالد الطويل ود. عاصم حمدان عن جبل (سلع) بالمدينةالمنورة، وما يحصل له من تعد بتحطيم جزء من صخوره الصلدة من شماله ليبني عليها مواطنون عمائر كما حصل في (ثنية الوداع) في شرقه قبل سنوات. تقول الحكاية التي أوردتها أكثر كتب تاريخ المدينة حينما أرّخت لجبل (سلع) -فيما رواه الأصمعي- إنّ حَبَابة جارية يزيد بن عبدالملك بن مروان، كانت من أحسن الناس وجهاً ومسموعاً، وكان الخليفة يزيد شديد الكَلَف (الحب) بها، وكان منشؤها في المدينة بسلع، فغنت يوماً بين يديه في دمشق قول قيس بن ذَريح صاحب لُبْنَى: لعمركَ إنني لا حبُّ سلعاً لرؤيته، ومن أكنافِ سلع تقرّ بقربه عيني وإني لأخشى أن يكون يريد بخعي (والبخع: هو القتل) ثم تنفّست الصعداء (تنفس طويل) فقال لها يزيد: لِمَ تَنَفّسين؟ والله لو أردت سلعاً لنقلته إليك حجراً حجراً، فقالت: وما أصنع به، إنما أردت ساكنيه. ويبدو أن نقل صخور سلع حجراً حجراً صار حقيقة، ولئن كان ذلك مستحيلاً في العهد الأموي فإن المعدات الثقيلة في زماننا نجحت في تحطيم صخور سلع في شماله من ثنية الوداع إلى المساجد السبعة، وكان هذا العمل قد توقف قبل حوالى 3 سنوات بأمر من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد -حفظه الله- فما أدري ما الذي جعله يستأنف الآن، وقد كان العمران حول هذا الجبل محدوداً بعدما تجاوز السياج الحديدي الذي أحاطت به وزارة الدفاع هذا الجبل التاريخي. جبل سلع كان بعيداً عن المدينة أما الآن فقد صار وسط المدينة بل لا يبعد كثيراً عن المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة العظيمة له في عهدي الملك فهد والملك عبدالله، وشهد أحداثاً تاريخية، منها غزوة الأحزاب في غربه، ودَوَران الخندق حوله من الشمال والغرب، وفي غربه كهف بني حرام الذي كانوا يخرجون بالرسول صلى الله عليه وسلم إليه، فيبيت فيه في غزوق الخندق، وعلى صخوره كتابات ونقوش أثرية ذكرتها كتب تاريخ المدينة. وجبل سلع جبل كبير لا تتصل به جبال، وكان فوقه (المدفع) الذي يُؤذن بدخول وقت الإفطار في رمضان بطلقة واحدة بعد إضاءة مؤذن المسجد النبوي الشريف لمصباح المئذنة الأحمر، وكان يطلق طلقة واحدة عند بدء وقت السحور واثنتين عند انتهائه، وواحدة وعشرين طلقة إذا زار المدينة شخصية كبيرة. جبل سلع زينة للمدينة ومعلم يُعرف به كثير من معالم المدينة، لأنه شامخ ثابت لا يتغير بمرور السنين، وفي شرقه (بينه وبين المسجد النبوي) جبل صغير اسمه (سليع) تناوشته معدات الإزالة فأزالت قلعته واقتلعت حجارته ولم يبق منه سوى صخرة مدفونة بين عمارات ذات أدوار، والأمل ألا يصل ذلك لجبل سلع. إنني أضيف صوتي لصوت الفاضلين خالد الطويل وعاصم حمدان بإغاثة هذا الجبل فامتلاكُ قطعة أرض منه بعد إزالة الصخور نفع محدود لفرد واحد أما الجبل الذي حافظت عليه الأجيال فهو تاريخ لكل مسلم، وتاريخ وطني، وآثار عظيمة وليست تاريخاً جامداً بل تاريخاً حياً، وأكرر ما سبق أن طالبت به ألّا يتم التصرف في الآثار إلا من هيئة السياحة والآثار بالرجوع لأهل الاختصاص .