مشاهد صراع سيل الأربعاء و تمسك البشر بتلابيب الحياة لاتزال تحكى فاجعة جدة وكارثتها المريرة بصوت مسموع ... فوراء كل ضحية قصة وخلف كل مفقود سيناريو أكبر من أن يرسم فصوله انسان وخالد الدوسري واحد من كثير قدّم للسيل العارم كل عوامل المقاومة وحاول أن ينجو بنفسه مع زوجته من الموت القادم مرتديا ثوب الماء ولكن يا للأسف لم يتقبل السيل ذلك بل نحسبه كان مصرّا أن ينال منه ومن أسرته المكونة من زوجة واربعة ابناء ... فرّق السيل بين الدوسرى وزوجته بعدما تماسكا يدا بيد وألقى كل منهما فى طريق حتى اذا ما استفاق الرجل من غيبوبة الصراع لم يجد فى يده شيئا ليدرك لحظتها أن السيل العارم قد نال من الزوجة ولم يبال بصرخات ضعفها وعجزها ليس هذا فقط بل اصاب قدمه بألم انتهى به الى العجز وعدم الحركة. ومع هول مأساة الفقد والعجز كانت كلمة “ الحمدلله “ تتردد على لسان الدوسرى فى اليوم ألف مرة. بين الصواعد والراية يقول الدوسري : أنا أسكن في منطقة بين حي الصواعد و حي الراية و ككل قاطنى هذا المكان تفاجأت بأمطار بسيطة في البداية و من ثم زادت حدة هطول الأمطار . شعرت لحظتها بشىء من الخوف لذا حاولت الهرب ولكن جاءتنا موجة السيل الكبرى وداهمت المكان الذي نسكن فيه و أحمد الله لم يكن أبنائي موجودين في المنزل . وضعت يدى فى يد زوجتى فى محاولة للهرب من طوفان السيل الجارف ولكن السيل فرقنا ولا أدرى حتى اللحظة أمفقودة هى أم متوفاة .. قاومت السيل وكنت أضرب بيدي يمنة و يسرة ' أغطس أحياناً و أخرج أحياناً أخرى لاستنشق الهواء ويبقى الغريب فى صراعى مع الطوفان اننى كنت اصطدم بجثث بشر و أغنام و سيارات و ثلاجات و براميل نفايات , وأسمع أصوات أطفال تعلو و تخبو وفي خضم المعركة مع السيل و قلقي على زوجتي , وجدت صخرة بالقرب من الجبل تعلقت بها و صعدت فوق الجبل .. لم أكن مصدقاً لما أرى وكأننى أشاهد فيلما من أفلام الرعب .. استجمعت قوتى و توجهت إلى أقرب منزل لي و الماء يقطر من ملابسي و إحساس البرد من الماء الملتصق على جسدي يجعلني أرتجف . شعرت بآلام في جسدي من جراء مقاومتى الطويلة واصطدامى بجدران الجبل . تحاملت وحاولت الصلاة ولكنى سقطت ولم أقو على الحركة وقال الدوسري : إن المواطنين كانوا متعاونين كل التعاون مع المتضررين ولا أنسى ان الذى نقلنى فى سيارته الى وسط المدينة كان مواطنا لا اعرفه ولا يعرفنى وانما جمعتنا فقط رفقة المروءة والشهامة . الطب النفسي وقال الدوسري :إن اللجنة السعودية للطب النفسي زارتنا فى المفروشة “ للإطمئنان على أوضاعنا وقال الدكتور محمد شاووش ,: إن ما ألمّ بي كان من هول الصدمة بالاضافة إلى إصابتي بصدمة عنيفة و إكتئاب و أعطانى 6 أصناف من الأدوية اتعاطاها باستمرار في اليوم و الليلة مع إستمراري على العلاج الطبيعي وعن وضع أبنائه قال: أبنائي ولدان حاتم 13 عاما , جواد 10 سنوات وبناتى نورة 12 عاماً جود 4 سنوات وللأسف أن اثنين يعانيان من التبول اللاإرادي و القلق و الإكتئاب و يعالجان نفسياً معي .