أن الإيرانيين لا يبدو وأنهم يشعرون بالحيرة فيما يخطط ضدهم، بل يواصلون عبر حرسهم الثوري وإعلامهم التمدد داخل الإقليم المضطرب وهنا يأتي دور الحوثيين الذين يعتقد (مصدرو الثورة الإيرانيه) أنه يمكن عبرهم إقامة قاعدة لنفوذهم تحت راية الحوثيين داخل الأراضي اليمنية وإشغال السعودية عن الاهتمام بمؤامراتهم المتعلقة بأحلامهم الإمبراطورية لماذا أقدم الحوثيون، وهم مجموعة صغيره ليس هناك تكافؤ بينها وقوات دولة مثل السعودية، على الاعتداء على الأراضي السعودية؟.. ولماذا يواصلون استفزاز القوات السعودية بعد دحرهم وضربهم من أول محاولة استفزاز قاموا بها؟.. للحوثيين مطالب، أو هكذا يقولون، من الحكومة اليمنية وليس من الحكومة السعودية، وسعت المملكة جاهدة على عدم التدخل في تمردهم القائم منذ سنين على حكومتهم، بالرغم من تواجدهم داخل الحدود اليمنية القريبة من السعودية.. ولكنهم قرروا فجأة أن يستفزوا الدولة السعودية ويعتدوا على أمن حدودها.. وتفاجأ البعض بهذا التطور في التمرد الحوثي، إلا أن هذا الأمر لن يكون مستغرباً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الحوثيين يشنون حرباً بالوكالة عن الحرس الثوري الإيراني، وضمن مخطط التوسع الإقليمي لإيران.. ويبدو أنه جرى دفع الحوثيين إلى استفزاز السعودية بالاعتداء على أراضيها أملاً في جرها إلى الحرب داخل اليمن أو في أن يكون رد فعلها ضعيفاً مما يوفر الفرصة لمن هم خلف الحوثيين للتسلل إلى داخل الأراضي السعودية وإثارة عدم الاستقرار فيها. ما تواجهه المنطقة اليوم هو طموح إيراني في أن يتكرر لإيران الفقيه الولي ما تحقق لإيران الشاه بعد الخروج البريطاني من منطقة الخليج واليمن الجنوبي في السبعينات الميلادية، حينها أنسحب البريطانيون من الإمارات المتصالحة (أصبحت دولة الأمارات العربية المتحدة) وقطر والبحرين والكويت وعمان ومستعمرة عدن ومحميات الجنوب العربي (أصبحت دولة اليمن الجنوبي بعد الاستقلال)، وأدى ذلك إلى فراغ سعى الأميركيون إلى ملئه بتواجد عسكري في منطقة الخليج، وتركت دولة اليمن الجنوبي للعناصر الشيوعية واليسارية المتطرفة لحرمان المصريين المتواجدين في اليمن من التمدد إليها وإن كانت أدت إلى دخول الإتحاد السوفيتي إليها.. وبالإضافة إلى التواجد العسكري الأميركي في الخليج وبحر العرب فإن الأميركيين دخلوا في اتفاقات أمنية وعسكرية مع شاه إيران، وأعلن هنري كيسنجر حينها أن إيران هي «شرطي الخليج». الدولة التي وقفت في وجه تمدد إيران إلى الخليج حينها، كانت المملكة العربية السعودية، وقام الملك فيصل، رحمه الله، بجهد كبير حتى لا تستولي إيران على البحرين، وإن كان الشاه أرسل قواته إلى جزر أبو موسى وطمب الكبرى وطمب الصغرى الإماراتية، قبل أن تتمكن الدبلوماسية السعودية من إيقاف ذلك. ويتكرر اليوم سيناريو انسحاب قوة استعمارية كبرى من المنطقة وتصاعد الأطماع الإيرانيه في أن تكسب من هذا الخروج ما لم يتمكن شاه إيران من كسبه في السابق.. فالرئيس الأميركي أوباما أعلن عن أن قوات بلاده سوف تكمل انسحابها من العراق مع نهاية عام 2011م.. وبالتالي تعتقد طهران أن وقت إعادتها شرطياً لا لمنطقة الخليج فحسب بل لكامل منطقة الشرق الأوسط قد أزف وبمباركة أمريكية، مقابل ضمانات تستعد إيران لتقديمها لأميركا وحلفائها. فأميركا، استعانت بها عندما هجمت على أفغانستان وفتحت لها البوابة الشرقية التي كان صدام حسين يقفلها في وجهها لتدخل جحافل من قواتها المستترة تحت رايات حزبية عراقيه إلى أرض الرافدين.. وهي ترسل لها الرسل وتتحدث معها سراً وعلناً عن مستقبل العراق وأفغانستان.. مما يعطي الإيرانيين الانطباع بأن هناك رغبة أمريكية مستترة بتوليهم مقاليد المنطقة.. وحرص الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما على توجيه رسالة ودية إلى حكام طهران يوم عشرين مارس من العام الماضي يدعوهم فيها إلى الحوار والتعاون. بل أنه بالرغم من الحديث عن مخاوف إسرائيلية من تطوير إيران لقدرات نوويه عسكريه فإن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز أدلى بتصريح، في سبتمبر 2008، يطمئن فيه المجموعة الحاكمة في إيران بأنه لا توجد دوافع لدى تل أبيب لشن حرب ضد إيران وأنه يعارض أي توجه إلى ذلك. هل إيران مرشحة حقاً لخلافة النفوذ الأميركي في المنطقة وخاصة في كل من أفغانستان والعراق، أم أننا نعيش في ظل فترة من التضليل الإعلامي، يشارك فيه السياسيون الأوربيون والأميركيون وعدد من أجهزة المخابرات الدولية؟؟ من الواضح أن حكام إيران واقعون في ظل خديعة كبرى ستؤدي إلى استنفاذ جزء من ثروتهم وتعطيل نمو بلادهم وإشغال المنطقة بهم حتى يحين موعد أيجاد حل للقضية الفلسطينية، إن وجد، وترتيب وضع إسرائيل في المنطقة.. وكمثال على ذلك ما صدر مؤخراً من كتاب تحت عنوان (أين الطريق إلى فارس؟) شارك في كتابته ستة من الخبراء الأميركيين في شؤون الشرق الأوسط وإيران، منهم كينيث بولاك، ومارتين أنديك، وضعوا فيه تسعة خيارات ضمن أربع مجموعات من الخيارات السياسية لصانع القرار الأميركي شملت حلاً سياسياً ورد فعل عسكري والسعي لتغيير النظام أو احتوائه.. وقالوا أنه لا يوجد خيار أفضل من الآخر.. وتركوا من يقرأ كتابهم حائراْ فيما يريدون التوصية به. إلا أن الإيرانيين لا يبدو وأنهم يشعرون بالحيرة فيما يخطط ضدهم، بل يواصلون عبر حرسهم الثوري وإعلامهم التمدد داخل الإقليم المضطرب حيث أمكنهم ذلك.. وهنا يأتي دور الحوثيين الذين يعتقد (مصدرو الثورة الإيرانية) أنه يمكن عبرهم إقامة قاعدة لنفوذهم تحت راية الحوثيين داخل الأراضي اليمنية وإشغال السعودية عن الاهتمام بمؤامراتهم المتعلقة بأحلامهم الإمبراطورية بالمعارك الجانبية مع الحوثيين على حدودها مع اليمن. من المؤكد أن صنعاء ستجد حلاً لقضية تمرد الحوثيين داخل أراضيها بالتعاون مع القبائل اليمنية التي لا ترحب بحرب الوكالة القائمة الآن وبعد أن وجه الجيش اليمني ضربات قويه للتنظيم الحوثي وتمكنت القوات السعودية بفضل جنودها البواسل من السيطرة الكاملة على حدودها.. وسينجلي غبار المعركة عن حوار يمني داخلي ويجد الحرس الثوري نفسه وقد فشل في إنشاء القاعدة التي كان يأمل فيها داخل الأراضي اليمنية.. وربما يجد العقلاء في طهران خلال ذلك فرصة لإيقاف انزلاق بلادهم إلى وضع تكون إيران الخاسر الأكبر فيه .