هنا عاشوا أجمل لحظات العمر ، لازالت ذاكرتهم تقبض على لحظات سعادة نادرة ، كانوا قد اقتنصوها خلسة قبل ان تداهمهم رائحة الموت من كل مكان . عندما يتذكرونها الان لايجدون سوى حطام وبصيص أمل في ان يعيدوا البناء على انقاضها فيما بعد . على هذا الاثاث ، المتواضع في بعضه والفاره في أحيان قليلة ، والذى قذفت به الامطار الى عرض الشارع عاشوا وتحركوا وحلموا بغد افضل ،لكنهم يرونه اليوم الى زوال بفعل امطار الاربعاء الحزين . " قويزة بعد الكارثة " تعنى فاجعة بمعنى الكلمة انها سلسلة قصص ومشاهدات كثيرة تدمع العين وتعصر القلب تجولنا أنا وزميلي المصور وسط أكثر من منزل وشاهدنا المعاناة الحقيقية ليست فقط في غرق الشقق ولا الخسائر في الأثاث الذي أصبح تالفا وإنما في معنى الفقد وقيمة الانسان ، فهذا هو الحارثي الذي أنقذ أخوه الأصم والأبكم هو وزوجته وطفليه بقدرة قادر يعيش معاناة ولا يستطيع ان يلملم جراحه براتب لا يتجاوز 1600 ريال، والنماذج عديدة لبسطاء ينتظرون من القلوب الرحيمة أن تشاركهم ليس فقط القوت بل شراء ما خسروه من أثاث وعفش وسيارات وإصلاح بيوتهم ليعودوا ويسكنوا فيها من جديد. دمار ليس له مثيل هذا الحي فجع بدمار كبير في سياراته وبيوته وناسه ولعل الخطر الاكبر الذى لم يلتفت له احد الى الان يكمن في امكانية انتشار الأوبئة والأمراض من الحشرات والمياه الملوثة هنا وهناك، ولاسيما وأن عمليات الشفط لم تنته رغم مرور 12 يوما على الامطار . يقول العم ردينان فارس مواطن سبعيني يسكن بالقرب من شارع جاك بحي قويزة المنكوبة، : " لم أشهد سيولا مثل هذه الكارثة طيلة حياتى ، فمنزلي تحطم والجدران تهدمت ولم يعد يصلح ويحتاج إلى ترميم " . اما سعد المحمادي مواطن من سكان حي قويزة فروى لنا معاناته مع السيول عندما دخلت المياه شقته في الدور الأرضي، ووصلت إلى أعلى نقطة بالقرب من أسقف الغرف . أما الفاتح محمد علي مقيم من الجالية السودانية جرف السيل طفلته إلا أن إرادة الله أنقذتها من الغرق، ولم يسلم اثاث منزله في الدور الاول من الغرق ، كما يروي لنا معاناة جاره مواطن مسن توفى وهو في منزله عندما داهمه السيل . ويقول ممدوح صلاح ناس أحد سكان الحي المقيمين في حي قويزة وهو يشير بيده إلى أحد الشوارع الممتلئة بمياه الصرف الصحي، أنه قلق من الحشرات والبعوض الذى ينتشر في الشوارع ، ويخشى أن تصيب الأمراض أسرته "" . أما عبدالله المطيري أحد المتطوعين فمهمته تسجيل وتسكين المتضررين وتقديم الإعانة لهم بعد أن أوكل له صاحب شقة هذه المهمة . ولم يسلم عبدالله الزهراني أحد المواطنين الذين يسكنون بحي قويزة مع أربع عائلات، من السيول التى اغرقت منازلهم وكبدتهم خسائر في الأثاث . ويقول لازلنا نقوم بعمليات لسحب المياه من امام المنازل حتى نتمكن من السكن مجددا أما مشبب الحارثي مواطن جاء إلى حي قويزة لينقذ شقيقه وزوجته وأطفاله ومولودهما، وقد فجع عندما وجد أخاه الأصم، يقاوم الغرق وقال : " أخي أصم وأبكم تكبد خسائر كبيرة فهو موظف بسيط لا يتجاوز راتبه 1600 ريال أب ورب أسرة ولديه 2 من الأطفال، وجدناهم يغرقون في شقتهم، وأخرجناهم من النافذة بعد قدرة الله عز وجل ، أما فواز الجهني مواطن يسكن في إحدى العمائر في حي قويزة ومعه عائلات اخرى ، تكبد كثيرا من الخسائر المادية ، وعندما دخلنا منزله وجدناه مليئا بالمياه والطين ووجدنا الأثاث كله لم يعد يصلح ولم تقف معاناته إلى هذا الحد بل أن أسرته خسرت طفلهم الذي توفى ،ويقول الجهني : " أنه تكبد خسائر بقيمة 50 ألف ريال.