ما يدعو إلى التفاؤل بإمكانية وضع نهاية لمعاناة جدة مع مشكلة الصرف الصحي ما صرح به سمو أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل بأن «اللجنة الخماسية» التي أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتشكيلها ستظل في حالة انعقاد مستمر حتى يتم إنجاز المهمة المناطة بها في أسرع وقت ممكن، وأن هذه المهمة لا تقتصر فقط على معرفة المقصرين الذين تسببوا في كارثة جدة التي راح ضحيتها أكثر من مائة شخص غرقوا في السيول التي خلفت وراءها اليتم والبؤس والخراب، وإنما أيضًا على تقديم الحل لمعالجة مشكلة الصرف الصحي علاجًا جذريًا يضع حدًا لهذه المشكلة المزمنة التي جاءت نتيجة أخطاء متراكمة، وتقصير واضح من قبل البعض الذين فرطوا في الأمانة، ولم يكونوا أهلاً للمسؤولية التي أوكلت إليهم، وهو ما أشار إليه المليك المفدى بمنتهى الصراحة بقوله إنه «لا يمكن إغفال أن هناك أخطاءً أو تقصيرًا من بعض الجهات، ولدينا الشجاعة الكافية للإفصاح عن ذلك والتصدي له بكل حزم». قرار المليك الحاسم بأنه سيتم محاسبة المقصرين والمهملين في ضوء ما ستنتهي إليه اللجنة والكشف عن المتسببين في ارتكاب الأخطاء التي أودت بحياة العشرات وساهمت في إهدار المال العام أو اتخاذ قرارات غير مسؤولة أدت إلى الكارثة يعتبر خطوة إجرائية هامة على طريق ترسيخ الإستراتيجية العامة للنزاهة ومحاربة الفساد التي تعتبر ركيزة كبرى في خطة الإصلاح والتطوير الشامل التي دشنها خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- في بداية تسلمه لمقاليد الحكم إدراكًا منه لخطورة الإهمال والفساد المالي والإداري الذي يعتبر العائق الأكبر والوباء الأخطر الذي يهدر طاقة الوطن، ويعطل مسيرة التقدم والنماء والازدهار. لعل أهم ما جاء في الأوامر السامية التي جاءت استجابة فورية وواقعية من لدن المليك المفدى تجسد بكل شفافية تجاوب القيادة، وتفاعلها مع أحاسيس المواطن ومشاعره إعطاء اللجنة صلاحيات مطلقة لاستدعاء أي شخص مسؤول كائنًا من كان بطلب إفادته أو مساءلته عند الاقتضاء بما يؤكد على ضمان عدم التمييز في عمل اللجنة وترسيخ مبدأ سيادة القانون وخضوع الجميع -بلا استثناء- لسلطته.