كانت تقف بالقرب من جسر الجمرات تلتفت يمنة ويسرة قبل أن تدقق بعناية في اختيار الحاج الذي تتسول منه، فعينها على القادر مادياً والأخرى خشية أن تصطادها لجان مكافحة التسول بالمشاعر. احترفت (ن. ه) التسول في المشاعر سنوياً حتى بات موسماً يدر عليها أكثر من 5 آلاف ريال في أيام معدودة. وعندما أمعنت الاستماع إلى حديثها لبعض الحجاج كان من السهل أن اكتشف بأنها وافدة لكن احترفت التسول بالعباءة والنقاب اعتقاداً منها أن ذلك أقصر الطرق لاستدرار العطف من أجل الوصول إلى أكبر حصيلة ممكنة. وعندما استدرت محاولاً الحديث معها أوأمت بعبارة قصيرة بأنها مطلقة وتسعى على أيتام وعندما هممت بسؤال آخر قالت أرجوك لا تسألني في هذا اليوم الفضيل، فقد لجأت للكثيرين من أجل مساعدتي ولكن دون جدوى. ولم أكد أنهي حديثي معها حتى صدمني المشهد، أنهم صفوف متراصة تقريباً من المتسولين ما كاد سيتسلم لإلحاحهم أحد حتى يطارده الآخرون بإصرار غريب حتى لا يجد أمامه مناصاً سوى الرضوخ لهم. أفقت من الصورة التي هالتني لهذه الجيوش من المتسولين وانتقلت عارضاً الأمر على مصدر رسمي بلجنة مكافحة التسول فقال إن غالبية هؤلاء المتسولات يعمدن إلى ارتداء العباءة والنقاب وبعضهن يجدن اللهجة السعودية، وحينما يتم الحديث لهن يلجأن إلى اللهجة المكسرة في محاولة للتهرب من فعلتهن. وقد تم الإمساك بمجموعة منهن سواء في المشاعر المقدسة أو مكةالمكرمة ووجدن أنهن متخلفات وبعضهن قدمن للعمرة وتخلفن إلى الحج. فيما قال مصدر آخر في اللجنة تحتفظ المدينة باسمه أن مهمة ملاحقة المتسولات والقبض عليهن في المشاعر تعود إلى الجهات الأمنية فيما يتولى المكتب الخاص بمركز مكافحة التسول استلام الأطفال الأجانب وتوفير الرعاية اللازمة لهن حتى يتم إنهاء وضعهن عبر الجوازات. وعما إذا كان هؤلاء المتسولات سعوديات بالفعل قال إنه يتم ملاحقتهن والقبض عليهن وتسليمهن لمكتب مكافحة التسول لدراسة حالتهن ومعرفة المحتاج وتقديم العون له عبر القنوات الرسمية أما من يثبت امتهانه للتسول ويتكرر القبض عليه فيتم إحالته للشرطة لتنفيذ التعليمات الصادرة بحقه. وأضاف إن المركز يشارك في العمل الميداني من خلال لجنة مكافحة المظاهر السلبية بإشراف مباشر من إمارة منطقة مكةالمكرمة. تركت المصدر بحديثه «المدبج» بالعبارات الجميلة وعدت أدراجي لأشهد صفوف المتسولات وهي في ازدياد وكأن اللجنة تتحدث عن واقع مغاير لما هو موجود على الأرض!!.