يقع مسجد القبلتين على ربوة من الحرة الغربيةبالمدينة وقد بناه بنو سواد بن غنم بن كعب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الثاني للهجرة النبوية المباركة وكانت مواد البناء آنذاك هي اللبن والسعف وجذوع النخيل ، ولهذا المسجد أهمية خاصة في التاريخ الإسلامي . ففيه نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتحول إلى قبلة الكعبة المشرفة بعد أن كانت القبلة هي بيت المقدس،كان ذلك يوم 15 شعبان من العام الثاني للهجرة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور أم بشر من بني سلمة معزّياً فصنعت له طعاماً وعند صلاة الظهر نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وبعد أن أتم ركعتين نزل عليه الوحي بالتحوّل إلى الكعبة المشرفة في الآية الكريمة :- (( قد نرى تقلّب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره )) وقد استقبل اليهود هذا التحوّل بغيظ شديد فتساءلوا ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فنزل الوحي الإلهي :( قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) ومنذ ذلك الحين عرف المسجد باسم ( مسجد القبلتين ) لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى فيه شطر صلاته قِبل المسجد الأقصى والشطر الآخر قِبل المسجد الحرام . وذكر ابن سعد (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار أم بشير بن البراء بن معرور في بني سلمة فصنعت له طعاماً وحانت الظهر فصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ركعتين ثم أمر أن يوجّه إلى الكعبة فاستدار إلى الكعبة واستقبل الميزاب فسمي المسجد مسجد القبلتين )) . وفي عام 87ه جدد والي المدينةالمنورة ( عمر بن عبد العزيز ) عمارة المسجد مع سائر المساجد التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وظل المسجد على حاله أكثر من ثمانمائة سنة إلى أن جدده شاهين الجمالي عام 893ه وفي عهد السلطان العثماني ( سليمان القانوني ) أصلحت عمارة المسجد ودوّن ذلك على لوحة رخامية وضعت على أحد جدار المسجد الخارجية . وقد وصفه بعض الرحالة :( أنه مسطح مغطى بقبة وليس له مئذنة ) ومع مرور الزمن تهدم شيء من بنيان المسجد وأهمل أمره حتى العهد السعودي الزاهر فقد أمر الملك عبد العزيز الذي أمر بتجديد عمارته وتوسعته وبناء مئذنة وإقامة سور حوله وبلغت مساحة المسجد بعد التوسعة العزيزية هذه 425 متراً مربعاً. وفي سياق اهتمام خادم الحرمين الشريفين واستشعاره يحفظه الله بمدى وضرورة أن تكون المساجد على أحسن وجه وذلك لمكانتها الدينية أمر حفظه الله وعلى نفقته الخاصة بهدم وإعادة بناء المسجد إعادة تخطيط المنطقة التي يقع المسجد فيها وتوسعته وفق أحدث التقنيات والتصاميم الهندسية مع إضفاء اللمسة الهندسية المعمارية ذات الطابع الإسلامي عليه وحرص يحفظه الله على تفقد سير العمل به أثناء زياراته المتكررة . ولا يخفى على أعين المترددين على مسجد القبلتين ما تم تنفيذه بهذا المسجد في العهد السعودي الزاهر .