كانت مياه السيول والأمطار تشكل هاجساً مقلقاً في مشعر منى باعتباره واديا ذا منحدر وطبيعة طبوغرافية وتضاريس جبلية مرتفعة تتخللها شبكة من الشعاب التي تصب في بطن وادي منى مما يشكل خطرا يتطلب العمل على مواجهته أساليب تحقق حماية الحجاج ووقايتهم من الأخطار الطبيعية التي قد يتعرضون لها. ومن أجل سلامة الحجيج عكفت حكومة خادم الحرمين الشريفين على إعداد الخطط والدراسات وتحديد المواقع الخطرة في محيط المشعر الحرام، وتحديد المسارات الطبيعية لمياه السيول بالوادي من خلال منهج وصفي تحليلي لتحليل ظاهرة السيول وتقويم مخاطرها على حجيج بيت الله الحرام. سر نجاح المشروع وكان نتاج ذلك مشروع عملاق لتصريف السيول في المشاعر المقدسة واستيعاب كافة الشعاب التي تصبّ في بطن الوادي من خلال النمط الشجري للمشروع والذي ساهم في سرعة وصول المياه إلى المصبات وقنوات التصريف. ونجح المشروع في الاختبار الأول له أمس الأول عندما هطلت أمطار غزيرة على منى استمرت عدة ساعات نتيجة التركيز على تصريف السيول والأمطار في سفوح الجبال الشمالية بمنى من خلال ثلاثة سدود ضخمة أحدها عند مجر الكبش والثاني على طريق الملك خالد والثالث في الشعيب الغربي والقنوات الجبلية بطول خمسة كيلومترات وطرق الخدمة والأنفاق بطول خمسة كيلومترات من مجرّ الكبش إلى المعيصم لنقل وتحويل السيول الى منطقة المعيصم. كما ركز المشروع على عمل ممرات ومحددات للخيام مع ضبط مناسيب تلك الممرات بحيث يسمح بالتصريف السطحي لمياه الأمطار لتصب بعبارات تصريف السيول داخل مربعات الخيام وحتى مصباتها النهائية. بطل حقيقي في الحج وبذلك يعتبر مشروع تصريف مياه السيول والأمطار بمشعر منى البطل الحقيقي وراء النجاح الذي تحقق يوم التروية في عدم مداهمة السيول لمخيمات الحجاج بل توجيهها إلى مواقع التصريف التي أنشئت في مناطق تجمع مياه الأمطار وبإحكام فلم يترك المطر أثراً ولم يتح المشروع الفرصة للسيول حتى تنهمر على مواقع الحجيج ومخيماتهم بل التهمها من لحظة نزولها مما يعكس النجاح الكبير لهذا المشروع الذي بلغت تكلفته المليارات من أجل ضيوف الرحمن. ولن نجد أكثر وصفاً لهذا البطل من الوصف البطولي لاستيعابه كل الكميات المنهمرة من الأمطار وصرفها في وقت قياسي وكأن شيئاً لم يكن بمشعر منى الأمر الذي انعكس نفسياً على ملايين الحجاج الذين أبهرهم هذا المشروع عندما لم يروا أثراً للمطر والسيول بعد هطولها على المشعر. ومن عمق هذا الشعور رفع الحجاج أيديهم إلى السماء مبتهلين بالقبول وشاكرين الله على كل الجهود التي بذلت في هذا المشروع العملاق بتوجيه خادم الحرمين الشريفين الذي جعل همه الأكبر راحة ضيوف الرحمن وأن يؤدوا نسكهم في أمن وسلام وراحة واطمئنان وتهيئة كل ما من شأنه تحقيق ذلك. إن مشروع تصريف مياه السيول بالمشاعر بطل أطل بكامل حلته هذا العام نتيجة التخطيط كما قال سمو أمير منطقة مكةالمكرمة، إنه نتاج مشاريع ودراسات وجهود كبيرة أفرزت هذا المشروع العملاق.