في وقت اكتست فيه منى بوشاح البياض سواء بمخيماتها أو بإحرامات الحجاج المنتشرين في بطون أوديتها ، تزينت سماؤها أيضا بطائرات القوات الجوية والتي ترحب هي الأخرى بأفواج الحجيج بطريقتها الخاصة ، فطلعة تتبعها أخرى وطائرة تهبط وأخرى تقلع لتنقل بالصوت والصورة كيف مشهد منى في يومها الثامن من شهر الحج. (المدينة) من على ارتفاع1000 قدم رافقت القوات الجوية في آخر اللحظات التي تسبق قدوم الحجاج ورصدت مدى تهيئة مدينة الخيام لاستقبال ملايين الحجاج وبدأت ملامح الصورة تكتمل سواء بانتشار الجهات الأمنية في كافة مراكزها أو كذلك الجهات الخدمية الأخرى. فكما بدأت رحلة (المدينة) الجوية بإشارة الجاهزية المعروفة OK قبل إقلاعنا من مطار عرفات (المغمس) من قبل قائدي الطيارة انتهت كذلك ب OK من قبلي أنا وزميلي المصور، وبين هذه وتلك شاهدنا ومن علو 1000 قدم كيف أصبحت منشأة الجمرات مدعاة للفخر، فمنظرها من هذا العلو يكاد يكون هو المميز بين عناصر منى المختلفة ليس لتميز لونها مثلا، بل لضخامة مكوناتها وجمال تصميمها ، ولعل الملفت في هذا العام هو وجود مهابط الطائرات التي وضعت على جانبي الجسر لتكتمل بذلك منظومة العملقة في هذه المنشأة العملاقة، لم تقف مروحيات طائرتنا عند هذا الحد بل دفعت بنا لكي نحلق فوق أجواء المسجد الحرام والذي تكاد تخجل فيه الصورة عن نقل منظر الحرم والملايين تطوف بالكعبة وتملأ ساحاته في صورة اكتمل جمالها بالتنسيق والترتيب الذي تعمل عليه مختلف الأجهزة الأمنية والخدمية والذي تنكشف حقيقة وجوده من أعلى (من الطائرة). لم تنته طلعتنا الجوية بعد فبمجرد الاستدارة والاتجاه نحو مهبط المدرج بعرفات لاحظنا تلك السلسلة الاسمنتية متناسقة التصميم والتي انطلقت من عرفات باتجاه مشعري مزدلفة وعرفات وبالتمحيص تبين ان هذه السلسلة ماهي إلا امتداد لمشروع قطار المشاعر المقدسة والذي تم البدء فيه هذا العام.. هبطت طائرتنا في مهبط عرفات وملامح السعادة تتضح على وجوه قائديها وتزيدنا تأكيدا ان جميع جنود هذا الوطن مجندون لخدمة ضيوف الرحمن.