في الوقت الذي بدأت فيه أفواج الحجيج مسيرتها المباركة بالتوجه إلى منى تتصاعد دعوات الأمة الإسلامية في كافة أنحاء المعمورة أن تحف العناية الإلهية مواكب النور وقوافل الإيمان وأن ترافق ضيوف الرحمن السلامة في تنقلهم بين المشاعر المقدسة وهم يهللون ويكبرون حامدين لله وشاكرين أنعمه بعد أن حقق أمنيتهم الغالية كي يطوفوا بالبيت العتيق ويؤدوا النسك ويشهدوا يوم الحج الأكبر. في هذه الأيام المباركة التي تتضافر فيها جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين لتحقيق عوامل النجاح لموسم حج هذا العام تتوالى الأنباء عن الخطط التي أعدتها الجهات المعنية في حكومتنا الرشيدة لمواجهة أي طارئ لا سمح الله بما في ذلك السيول المحتملة من خلال توفير الطائرات والقوارب والغواصين وفرق الإنقاذ لمواجهة هكذا احتمال، واستخدام التقنية في كشف انفلونزا الخنازير بمشعر منى وتأمين أجهزة الفيروسات لمعرفة وتحديد مكونات الفيروس، وتأمين كمية كافية من الأدوية والمستلزمات الطبية والمخبرية في المرافق الصحية التي هيأتها بلادنا رعاها الله في المشاعر المقدسة، إلى جانب تضمين خطة حج هذا العام آلية جديدة لتلافي تسرب الحجاج غير النظاميين إلى المشاعر المقدسة، والتأكيد على أن المملكة لن تسمح لأحد بتعكير صفو وأمن الحج أو السماح بأن يخرج الحج عن شعائره أو القيام ببعض الأمور التي تخالف مناسك وأركان الحج، وأن تسييس الحج أمر مرفوض رفضًا باتًا في الإسلام والشرع لأن من أهم مقاصد الحج وحدة الأمة الإسلامية والتعاون على البر والتقوى وأن يكون الناس في أمن وأمان وأن لا يعتدي بعضهم على بعض، وأيضًا لأن الله عز وجل جعل الحج مؤتمرا للتقارب والتآلف بين المسلمين بما يقتضي البعد عن تسييسه والحيلولة دون إحداث الفرقة أو الانشقاق في صفوفهم، وهو ما يقتضي من الجميع التعاون لتحقيق الأمن والسكينة والهدوء خلال تلك الرحلة الإيمانية المباركة والعمل على كشف المفاسد ودرء المخاطر والقضاء على الفتن إقرارًا للحقيقة بأن العبث بأمن الحج مخالف للعقيدة الإسلامية التي تدعو إلى عدم الإخلال بالأمن والمحافظة على الأماكن والمشاعر المقدسة وحجاج بيت الله الحرام.