من نافلة الحديث القول بتميّز الكاتبة والباحثة الإسلامية والأكاديميّة المتخصّصة أميمة بنت أحمد الجلاهمة في جوانب عديدة يسْتعصي القلم استيعابها بجملة من السّطور في صحيفة سيّارة. فإذا كانت هذه الزّاوية أبت إلاَّ الخوض في جوانب هذه الشخصيّة فمن الحق استحضار الخطأ غير المقصود في عدد "الرسالة" الفارط؛ عندما نشرنا في هذا الملحق صورة شخصيّة ظنًا من الإخوان في القسم الفنيّ أنَّها لها، وهي في حقيقة الأمر لا تمت للكاتبة القديرة بأيّة صلة؛ لا من قريب، ولا من بعيد، خاصّة وأنَّ الوسط الثقافيّ والفكريّ يتفهّم موقفها من نشر صورتها، حيث أنّها لا ترى شرعيّة كشف الوجه للمرأة، ولذلك لم تظهر ولا مرّة واحدةً على امتداد تاريخها كاشفة الوجه. وعطفًا على ما وقعنا فيه من خطأ لا شك أنَّنا أسأنا من غير قصد منّا؛ وللكاتبة القديرة الحق الكامل أن نقدم لها الاعتذار على بساط من الاعتراف بالخطأ غير المتعمّد. لهذا فنحن نقدر للأستاذة الدكتور أميمة مشوارها الطويل؛ دفاعًا عن القضايا الإنسانيّة، ليس على المستوى المحليّ فقط؛ بل يتجاوز ذلك إلى مساحات أكبر وأوسع، مع تنوّع في الطّرح المستنير، والأكاديميّة المتخصّصة حريٌّ بنا أن نحتفي بمنجز كهذا، ونعدّه مفخرة يسعد به الوطن على امتداده. لقد مثلت هذه الشخصيّة الصّورة الحقيقيّة للمرأة السعودية حقّ تمثيل في العديد من المؤتمرات النسائيّة العالميّة، ووقفت مواقفَ مشرّفة مع أخواتها من عضوات مجلس الشورى في التّحفظ على الاتفاقيات الدوليّة التي تتنافى والمُثل التي يؤمن بها هذا الوطن؛ لعل أبرزها اتفاقية "سيداو" والتي تنصّ صراحة على حق المرأة في جسدها. ولا يقف الأمر عند هذا الحدّ؛ فقد شاركت في العديد من البرامج الفضائيّة ممثّلة للمرأة السعودية إيماناً بمفاهيم السّلف الصّالح خاصّة ما له علاقة بواجبات المرأة وحقوقها، يظهر ذلك جليًّا في مشاركتها المتميّزة في قناة "المستقلة" حيث كانت ضيفة عبر الهاتف في مساجلة شاركت فيها نُخبٌ فكريّة وثقافيّة من أمثال الدكتورة حسناء القنيعير، والصديق الدكتور محمد السعيدي، والدكتور تركي الحمد فكانت صوت غالبيّة النّساء في المملكة اللواتي يلتزمن بالمفهوم الإسلاميّ الأصيل بحقوق المرأة وواجباتها. إنَّ الدكتورة أميمة تعدُّ أنموذجًا متميّزًا للمرأة المحجبة والتي لم يحل حجابها وإيمانها بوجود المحرم، وولاية الرجل من أن تنال أعلا المراتب العلميّة؛ فضلاً عمّا تتمتع به من معطيات علميّة أبرزها امتلاكها العديد اللّغات الأجنبيّة تحدّثًا، وكتابة، وبحثًا، ومحاضرة؛ فكان أن أوجد لها الحضور والتّمثيل لبلادها في الدّاخل والخارج. والدكتور أميمة بنت أحمد الجلاهمة أستاذة للثقافة الإسلاميّة بجامعة الملك فيصل وتمتلك تخصصًا نادرًا في مقارنة الأديان، وتعود براعتها في هذا التّخصص إلى إتقانها للغة الانجليزية بحثًا ودراسة. كما أنَّها مستشارة في مجلس الشّورى لفترتين متوليتين، وعضوة في العديد من الجمعيات واللّجان، وكاتبة لامعة في العديد من الصّحف المحليّة كان أخرها صحيفة "الوطن" التي ما زالت تكتب فيها مقالاً أسبوعيًّا يتندّى بجميل الفكر، وثمين القول. وقصارى القول.. لقد كان للدكتورة أميمة مواقف يقدرها أصحاب الفكر الرأي، سعايةً لبيان الحق والصّواب وهي صادقة فيما تسعى إليه، ومؤمنة بما نعتقد به، مستمدة كلّ ذلك من رسوخ العقيدة، وقوة الصبر، والثقة في المنجز والعطاء.. فهنئينًا لنا بامثالها!!