يعد الواتساب أحد وسائل التواصل الاجتماعي المعاصرة، وقد أصبح وسيلة إعلامية مساعدة للتنويه عن المناشط والبرامج الأدبية والثقافية، لما له من دور سريع وفاعل في إيصال الدعوات ونشر الإعلانات الخاصة بهذه المناشط،وأصبحت الأندية الأدبية تعتمد الدعوات لمناشطها عبر الواتساب وفق قوائم مدرجة لديها مثل نادي الرياض الأدبي ونادي الباحة وغيرها، كما أستثمر الواتساب في التنسيق للملتقيات الثقافية؛ فأصبح معينا على التحضير المسبق والمصاحب لأي ملتقى ثقافي عبر إنشاء مجموعة واتساب تضم منظمي الفعالية والمشاركين بدراسات وبحوث في الملتقى كما فعل ويفعل نادي جدة الأدبي ونادي أبها وغيرهما، وكل ماسبق يندرج ضمن الدعم المساند للحراك الثقافي، إلا أن وسيلة الواتساب أصبحت تمارس مناشط خاصة بها من خلال استقطاب مجموعات متجانسة في جانب معين من جوانب الثقافية، ومن ثم تقوم بالتخطيط والتنفيذ لبرامج ثقافية عبر الواتساب، وقد سبق لنا في مجموعة واتساب (حقول المعرفة) القيام بتنظيم عدد من البرامج الثقافية النوعية في بداية الحجر الصحي لكورونا وقمنا في هذه المجموعة -التي أسسها د. نايف الرشدان – بتنفيذ أكثر من ثلاثين لقاء ثقافيا متنوعا مع شخصيات ثقافية وفكرية وأدبية تدار جميعها عبر الواتساب طرحا ومناقشة ومداخلات صوتية ومكتوبة، كما نفذنا برامج مماثلة وإن كانت مختصة بالأدب بشكل أكبر من خلال مجوعة واتساب (مجموعة الأدب والبلاغة) التي أسسها د. ظافر العمري ونفذنا عددا من اللقاءات والمحاضرات عبر الواتساب لأكثر من دورة، وكانت تحظى بنقاشات علمية جادة ومداخلات مثرية ،مع توثيق وتدوين بعض هذه اللقاءات، ولم يكن الحراك الثقافي عبر الواتساب إيجابيا في مجمله؛ فقد أسهم بعض الحراك الثقافي القائم على النقل والنسخ واللصق لمايرد عبر الرسائل ؛ أدى إلى تسطيح في المعلومة ، وضعف في الأسلوب اللغوي والتعبيري ، كما أسهم بعض حين في تعميم الجهل عبر ترويج المعلومات الخاطئة والمغلوطة دون تدقيق أو تمحيص، كما عزز من الكسل المعرفي وثقافة التلقي السريع دون كد ذهن أو بذل جهد للبحث المكتبي، لكنه في أحيان أخرى كان مسهما في تعميم بعض المناشط الثقافية المنفذة عبر إرسال روابطها على اليوتيوب مما يضاعف عدد المشاهدين لما يقدم من مناشط أدبية وثقافية دون اقتصارها على الحضور الآني، بل وأسهم في تيسير مشاهدة هذه المناشط في الوقت المناسب للمتلقي، وحفظ مادة النشاط الأدبي في ذاكرة الواتساب للمتلقي، كما أسهم ويسهم عبر المناقشات اليومية والطرح المتنوع في تحقيق قدر من المرونة الفكرية والارتقاء بالحوار والإسهام في تقبل وجهات النظر الأخرى وسرعة الاطلاع على الجديد في الأدب والثقافة، لكنه يشف بعض حين عن التعصب والانغلاق الفكري لبعض أعضاء المجموعات وقد يؤدي للتخندق والتحزب والمعاداة، وكما يسهم في تجسير العلاقات بين المثقفين فهو يساعد على المعرفة الحقيقية لهشاشة وضعف ثقافة بعض الأسماء التي روج لها بشكل أو بآخر فجاءت المجموعات كاشفة لحقيقة ماتكتنزه من ثقافة وفكر، كما تكشف عن الاتجاهات الفكرية والتيارات الثقافية المختلفة.. وإجمالا فإن أثر الواتساب في الحراك الثقافي يعود للفكر الذي يوظفه، والقيم التي توجهه، وعلى ضوء ذلك يكون مخرجه.