بات التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر يملك ورقة ضغط في اختيار رئيس الوزراء العراقي المقبل بعد مكاسبه في الانتخابات التشريعية، لكن لا يزال عليه التوافق مع قوى الحشد الشعبي رغم تراجع أدائها الانتخابي. وحلّ الصدر في الطليعة بحصوله على أكثر من سبعين مقعداً من أصل 329، لكن استحواذه على اختيار رئيس وزراء وحيداً لا يزال أمراً مستبعداً. وأبعد من الخطابات ذات النبرة العالية والتوترات المنتظرة بين مختلف الأطراف السياسية، يرى خبراء أن انتخابات الأحد لن تفضي إلى زعزعة توازن القوى الهش القائم في بغداد، الذي يتحكم به الشيعة منذ نحو عقدين. لذلك لا بد للصدر من التحاور مع خصومه السياسيين في الحشد الشعبي. أبرز القوى المكوّنة للبرلمان العراقي الجديد مكاسب التيار الصدري أعلن التيار الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، ويحظى بقاعدة جماهيرية واسعة، تصدره النتائج بأكثر من 70 مقعداً في البرلمان الجديد، مقابل 54 في 2018، وفق تعداد لعدد المرشحين الفائزين والنتائج الأولية للمفوضية العليا للانتخابات. ويقدّم الصدر، الذي تزعّم أبرز فصيل مسلح قاتل القوات الأميركية بعد 2003، نفسه كرافض للفساد ومكافح لسوء الإدارة. إذا تأكدت هذه النتائج، يصبح للتيار الصدري، الذي يتبنى خطاباً مناهضاً لإيران، قدرة على الضغط في تشكيل الحكومة، علماً أنه أعرب مراراً عن طموحاته في اختيار رئيس للوزراء. الموالون لإيران مع نحو 20 مقعداً، سجلت هذه القوى التي يعدّ تحالف "الفتح" أبرز الممثلين لها في البرلمان تراجعاً قوياً بحسب النتائج الأولية، بعدما كانت القوة الثانية (48 نائباً) في برلمان 2018 الذي دخلته مدفوعةً بالانتصارات ضد تنظيم داعش. وأعلن التحالف وفصائل موالية لإيران نيتها الطعن بالنتائج لأنه شابها "احتيال". في المقابل اتهم فصيل نافذ في الحشد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بأنه "عراب التزوير". وصعدت تنظيمات تعدّ مقربة من إيران وغير منضوية في الحشد تهديداتها ضد الأممالمتحدة على وسائل التواصل. ويرى خبراء أن لعبة التفاوض قد تسمح للحشد الذي يطالب بانسحاب القوات الأجنبية من العراق، بالاحتفاظ ببعض المكاسب. ومع دعم حليفته إيران، يبقى قوة لا يمكن تفاديها في السياسة العراقية. وحقق تحالف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي رئيس حزب الدعوة الذي هيمن على موقع رئاسة الوزراء لمدة 13 عاماً، والموالي لإيران أيضاً، خرقاً في هذه الانتخابات مع نحو 37 مقعداً، مقابل 24 فقط في الدورة السابقة. تحالف "قوى الدولة الوطنية" سجل تحالف "قوى الدولة" برئاسة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي ويضمّ أيضاً "تيار الحكمة" بزعامة رجل الدين الشيعي عمار الحكيم الذي يقدم نفسه كتيار شيعي معتدل، تراجعاً ملحوظاً إلى خمسة نواب فقط. كان تيار الحكمة يملك 19 نائباً في البرلمان السابق، وائتلاف العبادي 42 نائباً. الحلبوسي القوة الثانية في البرلمان نجح رئيس البرلمان والسياسي السني الصاعد محمد الحلبوسي، على رأس تحالف "تقدم"، بتحقيق نتائج قوية مع نحو 40 مقعداً، ما قد يجعل منه القوة الثانية فيه. وتمكن الحلبوسي البالغ من العمر 40 عاماً من التحول إلى لاعب مهم في السياسة العراقية خلال فترة قصيرة، لا سيما من خلال عمله على استثمارات في مناطق سنية مثل الرمادي في محافظة الأنبار غرباً، وتوسيع علاقاته الإقليمية لا سيما مع الإمارات. ولم يتمكن منافسه الرئيسي تحالف "عزم" من تحقيق نحو 12 مقعداً، وفق النتائج الأولية، وهو يضم عدداً كبيراً من السياسيين السنة الموجودين على الساحة منذ زمن، بزعامة خميس الخنجر الخاضع لعقوبات أميركية على خلفية "فساد". امتداد والمستقلون تمكنت حركة امتداد، التي تقول إنها منبثقة من الحركة الاحتجاجية، من كسب نحو 10 مقاعد وفق النتائج الأولية، منها خمس في الناصرية في جنوب البلاد، حيث تركزت التظاهرات قبل عامين. وتعرف الحركة عن نفسها على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي بأنها "حركة سياسية عراقية لا طائفية لا قومية لا عنصرية تهدف إلى بناء دولة المواطنة والمؤسسات". وبعيد إعلان النتائج الأولية، قال أمينها العام علاء الركابي في تصريح لقناة محلية"هذه نهاية صفحة سيئة في تاريخ العراق". وفاز كذلك عدد ممن يقدمون أنفسهم على أنهم مستقلين، لكن هؤلاء قد ينضوون لاحقاً في تحالفات حزبية ما من شأنه تغيير حجم التكتلات النهائية في البرلمان. الأحزاب الكردية لا يزال الحزبان الرئيسيان، الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة نجل وابن شقيق رئيسه الراحل جلال طالباني، مهيمنان على المشهد السياسي الكردي في العراق عموما وإقليم كردستان الذي يتمتع باستقلال ذاتي ويدعم الوجود الأميركي في العراق. وأعلن الديموقراطي الكردستاني عن حيازته نحو 33 مقعداً، أي أكثر بنحو سبع مقاعد عن الدورة السابقة، مقابل 16 لطالباني كما أعلن حزبه. بالنسبة للأحزاب التي تمثل المعارضة في الإقليم، فقد زاد عدد مقاعد "حزب الاتحاد الإسلامي" من 2 إلى 3. وحققت حركة الجيل الجديد تقدماً من 4 إلى 9 مقاعد كما أعلنت. لكن حزب "كوران" أو "التغيير" الذي كان يملك 8 مقاعد في البرلمان السابق، لم يحظ حتى الآن بأي مقعد كما قال، وأعلنت قيادته استقالتها إثر النتائج.