من يقرأ المشهد الأمريكي من خلف الشاشات لا يتصور أن تتدهور السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط برمته لهذا الحد في الأونة الأخيرة وخلال مطلع الألفية الثانية حتى العشرين عامًا الماضية دخلت أمريكا في الشرق الأوسط بجنون وافتعلت الحروب ودمرت الكثير من دوله رغم سيطرتها على الكثير من ثرواته وموارده الطبيعية وكانت لها الحظوه ولها النصيب الأكبر مقابل ملفات عدة على رأسها الأمن والتجارة والاقتصاد والصحة والغذاء ولم يكن في ساحتها الدب الروسي ولا التنين الصيني ولكن بسبب قصر الأفق عن مشاهدة ما وراء المستقبل جعل الساسة الأمريكيين يلعبون بملفات حساسة ومهمة تخص حلفائهم الإستراتيجيين مما جعل حلفاءها بل وحتى من غيرهم يتجهون لعقد الصفقات مع روسيا لشراء الأسلحة المتطورة ما لم يتبعها عقد الصفقات بإنشاء قاعدة عسكرية لتزاحم أمريكا في المنطقة والصين أيضاً قادمة والسبب هو ترنح السياسة الأمريكية ولعبها بملفات مغلقة بالشمع الأحمر فتركيا اشترت من روسيا صواريخ إس400 وقامت أمريكا بتهديدها، واليوم السعودية ليس لها الخيار سوى التوقيع مع الجانب الروسي لما تراه من سياسة وتصرفات أمريكية بعيدة كل البعد عن مراعاة مصالح حلفائها فإيران قاربت على امتلاك السلاح النووي حسبما يبديه الخبراء والمسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين ومعروف عند الجاهل قبل العاقل من هي إيران وما هي غاياتها في امتلاك هذا السلاح؟ حتى الرئيس السابق لأمريكا ترامب انتقد السياسة الأمريكية انتقاداً مجنوناً وأنها أعادت أمريكا للوراء ولم تصبح أمريكا العظمى لذلك ترى دول الشرق الأوسط أن عقد الاتفاقات مع الجانب الروسي يمثل لها توازن القوى الدولية في أراضيها ويعتبر صمام أمان لسلامة أراضيها ومصالحها طالما لم تراع السياسة الأمريكية مصالح حلفائها ثم إن الخروج الأمريكي من أفغانستان بمثل هذا التوقيت وهذه السرعة وتسليمه لفئة كانت تتهمها بالإرهاب وغزت افغانستان من أجلها بسبب ضرب أبراجها بطائرتين واليوم تسلم أفغانستان لها هل هي بذلك ترغب أن يتم ضربها بعشرات الطائرات من جديد ليعلم من يشاهد مثل هذه الأحداث من خلف الشاشات أن السياسة الأمريكية تمر اليوم بما مرت به الإمبراطورية العثمانية حتى وصفت بالرجل المريض على آخر عهدها، فهل يعي الساسة الأمريكيون ما هم مقبلون عليه مستقبلاً أم أن داء العظمة لازال مطبقًا عليهم في ظل الورق الروسي والصيني.