وما ذكرتم عن تعميركم بيتا لسكنانا تدعو إليه الضرورة عند الحاجة قرب القشلة على جده كان معلوما ونظركم وهمتكم إن شاء الله فيهما البركة نص من خطاب تاريخي من الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه إلى جناب المكرم الأفخم علي بن ناصر العماري كما كان يلقبه الملك في خطاباته لكن من هو علي العماري صاحب هذه المكانة البارزة لدى ملك البلاد وموحدها؟ هو الشيخ علي بن ناصر بن عمار، بدأ حياته في التجارة، وبرع فيها حتى ذاع صيته في العديد من الاقطار والدول، وعرف عنه مساعدة الناس لتنمية مواردهم، حتى صار من رجال المؤسس البارزين، حيث ولاه الملك مناصبا متعددة بالدولة، مثل قائم مقام مدينة جدة، ومدير الجمارك، ومدير المالية في جدة، وكان ذلك في بداية تأسيس الدولة السعودية، وله مواقف وطنية بارزة، اثنى عليها واشاد بها الملك عبدالعزيز في العديد من خطاباته. وهو صاحب القصر الأخضر بطل قصتنا لليوم، يعد من اوائل القصور التي نزل بها الملك عبدالعزيز في جدة، وأول قصر يبنى بالأسمنت والحديد المسلح في جدة، القصر الذي قاوم وما زال يقاوم عوامل التعرية والاهمال التي طالته ليبقى شاهداً على فترة مهمة وفارقة في تاريخ المملكة استضافنا في جولة داخل القصر أحد أحفاد الشيخ علي، الاستاذ عبدالله العمري وبدأ كلامه بتصريحات تاريخية لكنها لنا كانت جديدة، فبداية كلامه كانت بتصريح خلاف المتعارف عليه بان القصر الأخضر كان اول قصر يتم بنائه بالأسمنت والحديد المسلح في جدة، وبني سنة 1347 ه، ويعتقد العماري أن القصر صمم على الطراز الهندي الشائع آنذاك، وأضاف أن القصر في ذلك الوقت لم يكن يحيط به منازل كما هو الحال الآن، وكان مطلاً على البحر مباشرة، وأشار العماري إلى أن الملك عبد العزيز امر بتخصيص مبنى للخدم بجوار القصر. وعند دخولنا صدمنا من منظر القصر في الداخل فلقد كنا نتوقع أن تكون يد الإهمال طالته، ولكن ما وجدناه فاق كل التوقعات، حتى أننا اضطررنا للتسلق إلى الدور الثاني لتهدم الدرج بالكامل حيث كان جناح الملك عبدالعزيز. فوجئنا بالأثاث القديم جدا، والذي ويعتقد عبدالله العماري أنه - أو بعض منه - متواجد منذ زيارة الملك عبدالعزيز وهناك صورة تؤكد ذلك، وأضاف العماري الى وجود وثائق تدل ليس فقط على سكن الملك عبدالعزيز للقصر الأخضر ولكن أيضا سكن أبنائه، مؤكدا ذلك بوجود صورة للملك عبدالعزيز مع أولاده على باب القصر وذكر أن الشيخ علي العماري سكن القصر بعد الملك عبدالعزيز. وأضاف العماري أن الشارع أمام القصر لم يكن بنفس الشكل أو الكيفية فكل المباني الشاهقة والعمائر والشركات المتواجدة الآن، لم يكن لأيا منها وجود، فالقصر بني خارج أسوار جدة، كأول مبنى يبنى خارج سور المدينة في ذلك الوقت. ورغم الخراب والاتربة المنتشرة في كل مكان وبعض الارضيات الواقعة، إلا أن هناك بعض المشاعر المتناقضة التي أصابتنا عند التجول في القصر، فبعضها كان جميلا، فنحن الآن في قصر كان شاهدا على التاريخ، وعلى زيارات المؤسس، حجم الأبواب وشكل الأعمدة وحتى البلاط المختوم بختم جدة يعطي إحساسا بالألفة وبحنين لماضي لم نعش فيه ولكن أحببناه، ومن ثم يهاجمك شعور بالحزن على أن كل هذا مضى وانقضى، وعلى أن القصر نفسه صار مهملا خربا وربما يكون آيلا للسقوط، فهل ينقذ أحدهم القصر الأخضر؟