خطت المرأة السعودية ولا تزال، يدا بيد أخيها الرجل، خطوات تاريخية مشرّفة في المشاركة في كل ما من شأنه دفع عجلة التنمية الوطنية، محققة بعطائها، فكراً وعملاً، العديد من النجاحات والإنجازات التي تباينت مجالاتها علمياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، فأصبحت محط الأنظار في كافة المحافل المحلية والدولية، بعدما أثبتت أنها جزء أساسي في هذه المنظومة، ولا يمكن أن تكتمل فصول التنمية إلا بعطائها. فطالما عملت المملكة وتعمل منذ توحيدها على تعزيز دور المرأة في سياق إشراكها في مشاريع التنمية، والمساهمة في تطوير واستثمار طاقتها وقدراتها مع حفظ حقوقها ومكانتها الاجتماعية اللائقة، حيث شهد ملف تمكين المرأة اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وتعزيز فرص مشاركتها في المسيرة التنموية المتنوعة اهتماما كبيرا من قبل ولاة الأمر، بدءا من عهد المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، وصولا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله . ومنذ تولي الملك سلمان مقاليد الحكم في العام 2015، شهدت مسيرة الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والمدنية خطوات غير مسبوقة بغية تعزيز مكانتها وتمكينها، بما يتلاءم مع قدراتها تحقيقاً للمزيد من النجاحات في مختلف المجالات، فسنت المملكة تشريعات جديدة في الأنظمة واللوائح المتعلقة بها. وتوّج اهتمام القيادة الرشيدة بالمرأة بدعمها في رؤية 2030 التي عكست التقدير الحقيقي لها، فباتت شريكة وعنصراً رئيساً ومهدت أمامها الطريق، وما عزز من كيانها ما تضمنته الرؤية الطموحة من إصلاحات وتغييرات قادها صانع التغيير وملهم الشباب سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والتي تضمنت صدور العديد من الأوامر والقرارات والأنظمة التي تعزز حقوق المرأة. وشهد عام 2019 حراكا تنمويا كبيرا بتقلد المرأة لأول مرة مناصب في بعض سفارات وقنصليات وممثليات المملكة بالخارج، في صورة مشرقة لقدرات وكفاءة السعوديات في كل مجال. أصبحت المرأة السعودية تعيش مرحلة استثنائية انعكست على عطائها في خدمة مجتمعها، فحققت خلال السنوات الأخيرة منجزات في مناح عدة، وستبقى لغة الحروف عاجزة أمام لغة الأرقام والمؤشرات الحقيقية التي تسطر للتاريخ فصول الإنجاز السعودي المتميز ، فوفقا للبيانات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء ظهر ارتفاع قياسي في نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة، بأكثر من خمس نقاط مئوية، لتصل إلى 31.4٪، كما أسهم برنامج التحول الوطني في ارتفاع نسبة السعوديات المشاركات في سوق العمل، إذ ارتفعت المشاركة الاقتصادية للسيدات لتصل إلى 23.2 في المئة كذلك ارتفع عدد العاملات في القطاع الحكومي إلى 41 في المئة، أيضا زاد عدد النساء في المناصب القيادية المتوسطة والعليا إلى 28 في المئة. ولم تقف إنجازات ونجاحات المرأة السعودية عند حدود المملكة بل امتدت خارجها، فتأكيداً لدورها ومكانتها ودعمها المستمر، فقد جاء إعلان "الرياض عاصمة للمرأة العربية" لعام 2020م من قبل لجنة المرأة العربية تحت مظلة جامعة الدول العربية، متوجاً لما شهدته المرأة السعودية من تقدم وتبوؤها لمناصب مرموقة. وبحسب نتائج التقرير الذي يهدف إلى مُقارنة مستوى التمييز في الأنظمة بين الجنسين في مجال التنمية الاقتصادية وريادة الأعمال بين (190) دولة، فقد حققت المملكة الدرجة الكاملة والتي تبلغ (100) في خمسة مؤشرات رئيسة من أصل ثمانية يقيسها التقرير وهي: (التنقل، والحصول على معاش التقاعد، وريادة الأعمال، وبيئة العمل، والحصول على الأجر)، فيما حافظت على درجتها في الثلاثة مؤشرات الأخرى وهي: (الزواج، ورعاية الأطفال، والأصول والممتلكات). وستظل منصات مركز الحوار الوطني منبرًا تتحدث من خلاله المرأة بكل فخر عن منجزاتها وثقة ولاة الأمر فيها وعن رحلة نجاحها، فطالما عمل مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني على دعم ومساندة جهود الدولة في تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها وإبراز دورها البناء في بناء وتنمية مجتمعها، وذلك عبر تسليط الضوء على إسهاماتها في المملكة، وخاصة بعدما أثبتت كفاءتها في جميع مجالات التنمية في أبعادها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها. فمنذ إنشائه في العام 2003م، وانطلاقا من مسؤوليته المجتمعية، حرص المركز على اشراك المرأة ابتداء من مجلس امناءه إلى المستويات الوظيفية المختلفة فيه وعلى أن تكون المرأة عضوا فاعلا في كافة فعالياته، حيث أتاح لها الفرصة لمناصفة شقيقها الرجل في جميع مشروعاته وبرامجه فاهتم بالنوع والكم وأتاح المجال لأصوات نسائية مختلفة ومن مناطق متعددة وبتخصصات متنوعة وبعدد يتوازى مع المشاركين. ولعل المتتبع للقاءات وبرامج المركز منذ إنشائه سيجد أن الحضور النسائي في جميع اللقاءات كان يماثل الحضور الرجالي فيها، إيمانا منه بأن المرأة نصف المجتمع ولها الحق في تقديم رؤيتها والمساهمة بالنهوض بالمجتمع. وتتويجا لجهوده، نجح المركز في إشراك المرأة في قضايا المجتمع والشأن العام من خلال المشاركة في تقديم وجهات نظرها، مما أسهم في تقديم الصورة الحقيقية للمرأة المثقفة والمفكرة والعاملة والمنتجة، وساعد في تدعيم صوتها وتعزيز مشاركاتها في الرأي وصنع القرار، كما فتح لها الآفاق للتعبير بشكل أوسع عن قضاياها ومطالبها. وحرصا منه على زيادة الفرص الوظيفية للمرأة للعمل في مختلف إداراته، قام المركز منذ عام 2017م بتوفير فرص عمل لمجموع 42 امرأة في وظائف متعددة، شملت جمع المعلومات البحثية والإحصاء وتصميم الجرافيكس. ويشكّل عام 2004م عاما مفصليا في تاريخ مسيرة المرأة السعودية، حيث تبنى المركز قضايا المرأة وناقشها بجرأة ووضوح وذلك من خلال تخصيص اللقاء الوطني الثالث الذي عقده في المدينةالمنورة تحت عنوان "المرأة حقوقها وواجباتها"، والتي تناول فيه قضايا الحقوق والواجبات الشرعية للمرأة وواقع الأنظمة، واقتراح آليات تمكين المرأة من حقوقها الشرعية والمدنية وواجباتها، وموضوع القواعد والأنظمة لعمل المرأة، وكفاية مؤسسات التعليم وتنوع التخصصات في التعليم الجامعي والمهني للمرأة، وموضوع المشكلات الاجتماعية للمرأة وتطوير الخدمات الاجتماعية المقدمة لها، والعنف الأسري، ومدى تضرر المرأة السعودية من ذلك، والتأكيد على التمسك بالثوابت مع الاستفادة، من الجديد المفيد الذي لا يتعارض مع الثوابت باعتبار ذلك الأسلوب الأمثل للإصلاح، من خلال الجمع بين الأصالة والتجديد. ومنذ ذلك اللقاء، بات موضوع المرأة حجر الأساس في فعاليات الحوار الوطني، فأصبحت مشاركتها تقليدا دائما يحرص المركز على وجوده وإبرازه في كافة فعالياته والتي كانت شريكا وعضوا فاعلا فيها على مستوى كافة إداراته، وأكدت خلالها على أنها نموذج يحتذى مع مراعاة الضوابط التي لا تتعارض مع القيم والأخلاق الإسلامية المعتدلة. ففيما يتعلق بإدارة الدراسات والبحوث التابعة للمركز، بلغ عدد النساء المشاركات في أعمالها نحو 11 ألف امرأة منذ العام 2017 وحتى العام 2020 تم إشراكهن في مناقشة مختلف القضايا الوطنية والمجتمعية بنسبة مشاركة بلغت 42% من مجموع المشاركين في الدراسات والبحوث المنفذة. في حين بلغ عدد النساء المشاركات في الاستطلاعات التي نفذها المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام (رأي) أكثر من 30 ألف امرأة بنسبة مشاركة 36% تم استطلاع آرائهم حول عدد من القضايا الوطنية والمجتمعية ومنها العنف ضد المرأة وبرامج التمكين الخاصة بها واتجاهات وثقافة المرأة السعودية نحو قيادة السيارة والعنف الأسري حول جودة خدمات الحماية الاجتماعية والاسرة المنتجة وما إلى ذلك وفيما يتعلق باللقاءات الوطنية والخطابات الثقافية ومقاهي الحوار والملتقيات المخصصة للشابات السعوديات، يأتي اللقاء الذي نظمه المركز بعنوان: "دور شركاء التربية في الحماية من التطرف الفكري" عام 2016م كأبرز الفعاليات التي تبرز دور المرأة وقد هدف هذا اللقاء إلى التعريف بأهمية دور الأسرة والتعليم والإعلام في تعزيز الأمن الفكري ومحاربة التطرف وإيضاح الدور المأمول من هذه المؤسسات في تعزيز الأمن الفكري ومحاربة التطرف. فضلا عن اقتراح آليات وتوصيات عملية لتعزيز دور هذه المؤسسات في تحقيق الأمن الفكري ومحاربة التطرف. كما عقد المركز في نفس العام ورشة عمل بعنوان آليات تفعيل دور المرأة في تنمية الحس الوطني لدى الناشئة خلصت إلى جملة من النتائج ركزت أبرزها على تفعيل الخطاب النسائي والاستفادة منه في غرس المواطنة، وتمكين المرأة وإعطائها كامل حقوقها كمواطنة، واستثمار كل الطاقات النسوية لبناء بيئات عمل جيدة تجذب الشابات، وتفعيل دور المرأة المبتعثة، وتوثيق التجارب الخاصة لنساء بارزات في تاريخ الوطن ونشرها. وعلى مستوى برامج التدريب، نالت المرأة حظها من الدورات والبرامج التدريبية التي نفذها المركز حيث بلغ عدد الدورات والبرامج المقدمة من أكاديمية الحوار للتدريب التابعة للمركز للمرأة 116 برنامجا ودورة تدريبية استفاد منها 3005 من المواطنات من مختلف مناطق المملكة تم تدريبهن على الحوار الفكري والحوار الحضاري والحوار مع الطفل إضافة إلى جلسة حوارية عن المرأة وريادة الاعمال وأيضا دور الأسرة في تعزيز الهوية الوطنية. كما أطلقت الأكاديمية هذا العام دبلوم متخصص لتمكين القيادات النسائية، والذي يسعى إلى دعم المرأة ومساعدتها في صقل خبراتها وقدراتها في مهارات التواصل والحوار لرفع إنتاجيتها في المناصب القيادية وتنمية خبراتها الوظيفية في مجال إدارة الحوار كقيادة بما يعزز كفاءتها في إدارة الأزمات، وتفعيل أسس القيادة المؤثرة من خلال الاستفادة من النماذج العالمية والتطبيق على العديد من المواقف الميدانية، علاوة على محاكاة بناء نموذج حوار خاص للقيادة بما يساهم في التوطين لقيادات الوطن في المراكز القيادية. وبالنسبة لإدارة البرامج بالمركز، فقد نفذت منذ العام 2017 وحتى الربع الأول من العام الحالي، 17 اثنينية حوار خاصة بالمرأة استفاد منها نحو 9000 مواطنة، تناولت مواضيع: تحفيز النجاح لتحقيق رؤية 2030، ولقاءات توعوية، وأهمية الوعي القانوني للمرأة في حياتها الدراسية والوظيفية والزوجية، والتدريب على التغيير، و"المرأة السعودية في رؤية 2030: الإنجازات والتطلعات". كما شملت مواضيع الاثنينية بناء الهوية الذاتية، وعدوى النجاح وريادة الأعمال للشباب، والحوار لمواجهة العنف وتمكين المرأة في عالم المال والأعمال ومفهوم إدارة التغيير والوعي القانوني في الممارسات الإلكترونية والهوية الوطنية في ظل الرؤية التقدمية 2030 إضافة إلى الانسجام في بيئة العمل ومناهضة العنف ضد المرأة ودور المرأة الوطني وتحديات التمكين والمرأة في القيادة والأسرة والتنشئة الحقوقية للطفل. وفيما يخص إدارة مشرفي المناطق، فقد دأب المركز على تنظيم فعاليات متخصصة في عدد من مناطق المملكة، جاء من أبرزها الفعاليات التي نفذها المركز احتفاء باليوم العالمي للمرأة، الذي يصادف 8 مارس من كل عام، ففي العام 2020 نظم المركز بمحافظة ينبع ملتقى حواريا تحت شعار "مسارات تمكين المرأة في عهد الملك سلمان"، صاحبه معرض للفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي والحرف اليدوية والمواهب الفنية، إضافة إلى تدشين مكتبة مركز الحوار الوطني في المنطقة التاريخية كما عقدت أمسية ثقافية بهذه المناسبة، إضافة إلى عرض أفلام وثائقية عن منجزات وطنية سطرت بأسماء نساء مبدعات. كما تحتفل إدارة مشرفي المناطق بالمركز هذا العام 2021 بإقامة لقاء حواري في محافظة ينبع أيضا بعنوان: "تمكين الاستثمار النسائي في القطاع الصناعي"، إضافة إلى معرض فني وحرفي لنساء وفتيات مدينة ينبع، وكذلك معرض للصور الفوتوغرافية وأمسيات ثقافية وشعرية.