أغرقت السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة في الأيام الثلاثة الأخيرة مخيمات النازحين المكتظة في شمال غرب سوريا، متسبّبة بمصرع طفل على الأقل وتشريد عشرات الآلاف من خيمهم، وفق ما أفادت منظمة "أنقذوا الأطفال" (سايف ذي تشيلدرن) الثلاثاء. وحذّرت الأممالمتحدة الثلاثاء من "ظروف مأسوية" في المخيمات التي "أغرقها الفيضان" في إدلب ومحيطها. وشاهد مراسل وكالة فرانس خيماً دخلتها الوحول وانهمك قاطنوها بإخراج المياه منها وبإنقاذ مقتنياتهم وأطفالهم. في مخيم الحاسوب في بلدة معرة مصرين، قال النازح محمود العليوي (24 عاماً) الذي يعيش مع عائلته المؤلفة من عشرة أشخاص لفرانس برس "لا كلمات تعبّر عن خمسة في المئة من المعاناة التي نعيشها. نحن منذ ثلاثة أيام غارقون في المياه". وأضاف بحرقة "لم نترك جهة إنسانية أو منظمة أو جمعية إلا ناشدناها، وحدها فرق الدفاع المدني لبّت النداء اليوم وأخرجت الأطفال من المخيم، بعدما بات عبارة عن بحيرة" كبيرة حوصرت فيها الخيم وسكانها. وأفادت منظمة "سايف ذي تشيلدرن" في بيان الثلاثاء عن مصرع طفل في السادسة من عمره ونزوح أكثر من عشرين ألف طفل جراء الفيضانات. وقالت إن أكثر من 41 ألف شخص تأثروا بالعاصفة التي ألحقت أضراراً أو دماراً ب62 مخيماً و2500 خيمة على الأقل، وتحديداً في شمال إدلب وغرب حلب. وقالت إيميلي ويت من المنظمة لفرانس برس إن "الطفل كان داخل خيمته أثناء تساقط أمطار غزيرة فانهارت الخيمة فوقه، من دون أن يتمكن أحد من انقاذه". وشرّدت العاصفة المستمرة عشرات الآلاف من الأشخاص الذين نزحوا إلى المدارس والمساجد، وفق المنظمة فيما أُجبر آخرون على النوم في الهواء الطلق الليلة الماضية في ظل درجات حرارة أقل من الصفر. وعمل نازحون وفق مراسل فرانس برس على انتشال مقتنياتهم المبللة من سجاد وأغطية وأوان منزلية، بينما انهمكت نسوة في اخراج المياه من الخيم بوسائل تقليدية. وفي الخارج، رفعت جرافة تابعة لفرق الدفاع المدني، الناشطة في مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة، كميات كبيرة من الوحول التي خلفتها الفيضانات. وحُرم نازحون من النوم لليال عدّة بسبب تضرّر خيمهم. وقال أبو قاسم، وهو أب لثمانية أطفال، "دخلت المياه الخيم والناس على أقدامهم منذ ثلاثة أيام". وحذّر نائب منسق الأممالمتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا مارك كتس الثلاثاء من أن تدهور الأحوال الجوية قد "يزيد الأوضاع سوءاً مع تساقط الثلوج وانخفاض الحرارة إلى ما دون ثلاث درجات مئوية في الأيام المقبلة". وفي تغريدة الإثنين، أحصى "تضرّر ما لا يقل عن 4000 شخص في شمال غرب سوريا بشدّة بسبب الأمطار والرياح العاتية التي دمرت أو خرّبت أكثر من 800 خيمة". ودعت مديرة الاستجابة الخاصة بسوريا في منظمة سايف ذي تشيلدرن سونيا خوش الى "الإسراع بتوسيع جهود الإغاثة للأطفال والأسر في المناطق المتضررة" مشددة على وجوب "تسهيل وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود بشكل عاجل". وتؤوي مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة وعلى رأسها هيئة تحرير الشام في إدلب ومحيطها نحو ثلاثة ملايين شخص، نصفهم من النازحين الموزعين على أكثر من ألف مخيم على طول الحدود بين إدلب وتركيا. وفرّ هؤلاء من منازلهم تدريجياً على وقع هجمات متكررة لقوات النظام. وتشهد سوريا نزاعاً دامياً منذ العام 2011 تسبّب بمقتل أكثر من 380 ألف شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.