بعد هذه القراءة المتأنيِّة لمنهج «نظام الأسرة في الإسلام» المقرر في مادة الثقافة الإسلامية في جامعاتنا، أقترح الآتي: أولًا: تغيير مناقشة مواضيع الكتاب من الخطاب الديني المُفسّر من قبل البشر، إلى الخطاب الإلهي المُنزّل من خالق البشر وهذا يتطلب الآتي: 1. نزع قدسية الزوج التي منحها له هذا الخطاب، بموجب أحاديث ضعيفة وموضوعة، والمُستدل بها في مناهج الثقافة الإسلامية، وذلك بحذفها جميعها من المنهج، وكذلك الأحاديث المستدل بها في غير مواضعها التي أعطته تلك القُدسية، فجعلت الزوجة تحت وصاية زوجها، فلا تتصرّف في نفسها ومالها إلّا بإذنه، ولا تخرج إلّا بإذنه ولا تتعلّم ولا تعمل إلّا بإذنه، بل لا تزور أهلها وأقاربها ولا تسمح لهم بزيارتها في بيتها إلّا بإذنه إلّا والديها اللذيْن جُعلت الزوجة تُفضل زوجها عليهما، فأُعطيتْ للزوج حقوق ليست له، خالفت قوله تعالى:(ولهنّ مثلُ الذي عليهِنّ بالمعروفِ) وقوله تعالى:(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[المُلك:15]، وبما يخالف قوله صلى الله عليه وسلم «طلب العلم فريضة على كل مسلم» ويُخالف منح الإسلام المرأة أهلية حقوقية كاملة، وذمة مالية مستقلة. 2. عدم تعميم آية (وقرن في بيوتكنّ) الخاصة بأمهات المؤمنين رضوان الله عليهن على النساء المسلمات، ومنعهن من العمل والمشاركة في الحياة العامة بموجب هذا الفهم الخاطئ لهذه الآية. 3. تصحيح مفهوم (واضربوهن) في آية النشوز، وأنّها لا تعني الضرب البدني، وإنّما المفارقة والمباعدة. 4. الاكتفاء بمعنى الأسرة في اللغة بِ»الدِّرع الحصينة»، وإلغاء معنى «عشيرة الرجل وأهل بيته»، لأنّ فيه إقصاء للمرأة كشريك في الأسرة، ومُكوِّن أساسي لها. 5. إعادة النظر في الحقوق المالية للمُطلقة، فقد حرمها معدو المنهج معظم حقوقها المالية، مع ضرورة وضع نفقة الجراية كحق من حقوق المطلقة المالية. 6. تصحيح مفهوم قوله تعالى: (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) بأنّها لا تعني الطفلات اللائي لم يحضن، وإنّما النساء اللائي لم يحضن لعلل فيهن -سبق توضيح العلل-، فهي معطوفة على قوله تعالى:(وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ)، ولم يقل «من طفلاتكم»، ومُصطلح «طفل» وارد في القرآن الكريم. 7. ما ورد في بعض هذه المناهج من تقييد عمل المرأة في مجالات معينة، باعتبار أنّ بقاءها في البيت هو الأصل يُخالف تمامًا طبيعة وواقع المجتمعات البشرية عامة، والمجتمع المسلم في العهد النبوي وما تلاه من عصور خاصة، فمن الحقائق التاريخية والمُثبتة في السيرة النبوية، والتاريخ الإسلامي أنّ المرأة المُسلمة أسهمت في تأسيس الدولة الإسلامية، وبناء الحضارة الإسلامية، وشاركت في الحياة العامة في مختلف المجالات بما فيها الجانب الحربي القتالي. 8. إلزام الأخت بالتزامات أسرية، فيه ظلم بيّن لها، لأنّ هذا يُعرّضها للذل والإذلال من قبل زوجة أخيها إن تُوفي والداها، ويُعرّضها لعضل أخيها بحرمانها من الزواج باعتباره وليها، لتصبح مربية لأولاده ، وخادمة لهم ولزوجته، لأنّه لا يوجد لها دخل مستقل خاص بها تعيش منه، أو إن كانت موظفة فقد يستولي على راتبها الشهري بحجة إسكانها معه، ونفقته على مأكلها ومشربها وملبسها، وحتى إنْ ورثت من والديها مالًا يُعيشها حياة كريمة، لكن في الغالب يستولي أخوها على أموالها بحكم وكالته لها، وهناك بعض المناطق في المملكة، وبعض الدول العربية تحرم الأخوات من حظوظهن في الميراث بموجب أعراف قبلية، وقد لا تجد من ينفق عليها، وتعيش على الصدقات والضمان الاجتماعي، إضافة إلى أنّنا نجد بعض القوانين في بعض الدول العربية لا تعتبر الأخت من ضمن أفراد الأسرة، كما لا تعتبر درجة قرابتها من الدرجة الأولى، كما أنّها لا ترث أخاها إن كان له أولاد، وللأسف في عصرنا هذا نجد معظم الإخوة لا يوصون بشيء من أموالهم لأخواتهم اللائي لم يتزوجن، ولا يوصون أولادهم البر بعماتهم. 9. عدم إلحاق تهمة الخطيئة الأزلية بحواء التي برأها الله منها في قوله تعالى: (وعصى آدمُ رّبَّه فغوى) 10. إضافة الزيجات المعاصرة ضمن الأنكحة المُحرّمة. 11. بيان أحكام المعتدة لوفاة زوجها والمطلقة طلاقًا بائنًا 12. إلغاء مبررات التعدد المذكورة في الكتاب لعدم موافقتها للأحوال الاجتماعية للمجتمعات العربية والإسلامية المعاصرة، ممّا يؤكد على عدم فهم التعدد الفهم الصحيح؛ إذ لابد من تصحيح مفهومه، وتقنينه طبقًا للضوابط السابق توضيحها. 13. جعل الحوار بين الزوجين من مقومات الحياة الزوجية، وليست أوامر الزوج التي يجب على الزوجة طاعتها، وإن خالفتها دخلت النّار. 14. جعل حوار الآباء مع أولادهم حقاً من حقوق الأولاد، مع بيان أسس وقواعد هذا الحوار، بدلاً من تصوير علاقة الآباء بأولادهم أوامر يجب طاعتها، ومن العقوق عصيانها. 15. تسليط الضوء على مكانة المرأة في الأسرة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة أُمّاً وأختاً وزوجة وابنة، التي كاد يخلو الكتاب منها. 17.التأكد من صحة الآيات القرآنية المُستدّل بها بأنّه مُستدل بها في مواضعها، وعدم نزعها من سياقها لتدعم رأيًا يتوافق مع رؤية معدي المنهج، كما لا بد من التأكد من صحة الأحاديث النبوية المستدل بها، وعدم الأخذ بالأحاديث المخالفة للقرآن الكريم، وإن كانت واردة في الصحيحيْن، لأنّ السنة الصحيحة لا تُخالف القرآن الكريم. 18. مراجعة الكتب من قبل مراجعين ومُدققين لُغويين للتأكد من خلوها من أخطاء لغوية. آمل أن أكون قد وُفِّقت في هذه الدراسة، وأن يُعاد النظر في مناهج الثقافة الإسلامية في جامعاتنا، وفي لجان واضعيها. وبالله التوفيق.