عندما تقرأ درس «حقوق الزوجيْن» في الصفحتين (170،171) من مادة الثقافة الإسلامية للمرحلة الثانوية لعام 2018/2019م، ستجد أنّ نظرة معدِّي المنهج إلى الزوج أنّه السيد الآمر النّاهي، العالم بأمور الدين والدنيا، والبيت بيته، أمّا الزوجة فما هي إلّا أَمَة مُستعبدة للزوج، وأمية، وفي حاجة إلى تقويم الزوج، فجعلوها تحت وصايته، فمِن حقوقها كزوجة، عناية زوجها بدينها وخلقها، وأن يُعلِّمها الضروري من أمور دينها إن كانت لا تعلم ذلك، أو يأذن لها أن تحضر مجالس العلم لتتعلم ذلك، ويلزمها بأحكام الإسلام وآدابه، ويمنعها أن تتبرج، ويحول بينها وبين الاختلاط بغير محارمها من الرجال، ويُلزمها اللباس الساتر المحتشم، وأن يسمح لها بالخروج إذا احتاجت إليه، وأنّ حقوق الزوج على الزوجة طاعته في المعروف في غير معصية، وصيانة عرضه، والمحافظة على ماله، وكتمان أسرار المنزل، وقيامها بحق الزوج وطاعته إذا دعاها لحاجته، وتلزم بيت زوجها فلا تخرج منه إلّا بإذنه، ولا تأذن لأحد أن يدخل بيته إلّا بإذنه، لقوله تعالى: (وقرن في بيوتكن).. و»لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلّا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلّا بإذنه». هذا ما يريد واضعو هذا المنهج تدريسه لأولادنا وبناتنا، وينسبونه إلى الإسلام وثقافته، فإن قبلته بناتنا قبل ثلاثة عقود، فلن تقبله بناتنا المراهقات في زمن الانفتاح العالمي.، فما كان مقبولًا من قبل، لا يمكن قبوله الآن. فالطالبات اللائي يُدرّس لهنّ أنّ دينهن ينظر إليهنّ نظرة دونية، كأنّهن إماء للأزواج، ليس لهن شخصية مستقلة، وحرية في الرأي واتخاذ القرار، فلا يتعلَّمن ولا يخرجن، ولا يزورهن أحد إلّا بإذنهم، عليهنّ أن يُلبّين رغبات أزواجهن في أي وقت، وفي المقابل لم يلزموا الأزواج تلبية رغبات زوجاتهم عملًا بقوله تعالى: (ولهنّ مثل الذي عليهن بالمعروف)، فاللائي يُدرّسن هذا الكلام سرعان ما يستجبن لدعوات الإلحاد والتمرُّد، فهذه إحدى الثغرات التي نَفَذَت من خلالها المنظمّات الدولية والإقليمية المُسيّسة لتنفيذ أجندات دول كبرى، ودول إقليمية، في بلادنا، بدفع بناتنا إلى التمرد، ولستُ أدرى على أي أساس أعطى واضعو المنهج هذه الحقوق للزوج، وافترضوا أنّ كل الزوجات جاهلات بدينهن، فاسدات، وأنّ كل الأزواج أتقياء، وعالمون بدينهم؟! واستدلال معدّو المنهج بآية: (وقرن في بيوتكن)، على بقاء المرأة في البيت، ولا تخرج منه إلّا بإذن زوجها ليس في محله، فالآية لم تتطرَّق إلى أنّ الخروج من البيت إلّا بإذن الزوج، كما أنّ الخطاب فيها لأمهات المؤمنين، وليس لعموم المسلمات، ويتعارض مع مشاركة المرأة في الحياة العامة في العهديْن النبوي والراشدي. كما نجدهم استدلّوا بحديث مخالف للقرآن لاعتباره بيت الزوجية، هو بيت الزوج، ولا يحق للزوجة أن تخرج منه إلّا بإذنه، ولا تُدخل فيه أحداً إلّا بإذنه!. فإن كان الخالق -جل شأنه- اعتبر بيت الزوجية هو بيت الزوجة، حتى لو كان الزوج مالكًا له، والأدلة واضحة من القرآن كقوله تعالى: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ).. (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِه).. فامرأة العزيز تُراود يوسف وتَهُمُّ بالمعصية، ورغم ذلك لم يقل عز وجل راودت امرأة العزيز يوسف في بيته.. (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)، (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ)، فهذه البيوت ملك للنبي عليه الصلاة والسلام، ولكنها نُسبت لنسائه، بل نجد حتى في أوقات الخلاف وحين يشتد النزاع وتصل الأمور إلى الطلاق الرجعي هو بيتها، (...وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنّ).. حالة واحدة لم ينسب فيها البيت للمرأة، وهي عند ارتكابها الفاحشة: (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ... فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ..).. ومع هذا لم ينسب البيوت للأزواج، وإنّما قال: (في البُيُوت)، أمّا الحديث الذي استدل به معدّو المنهج، «ولا تأذن في بيته إلّا بإذنه»، فلا يُؤخذ به لمخالفته للقرآن الكريم، فالقرآن يقول: (بيوتهن)، والحديث يقول «بيته»، والسنة الصحيحة لا تخالف القرآن الكريم. للحديث صلة.