في وداع عام كوروني بكل ما فيه من آلام وأحزان وهموم، استقبل الناس العام الجديد بكميات من الورود، تكفيهم طوال الشهور الاثني عشر المقبلة، لو أنهم تحروا معانيها وما تحمله من خير ومن وفرح ومن وفاء ومن أمل!، وطغى اللون الأحمر، الذي لا يعرف كثيرون أنه يكتسب جماله وأهميته وقيمته اللونية والوجدانية من شدة النقاء!. لقد بدأ الأمر بالأمس، ولعله كذلك اليوم بما يشي بأن الكون مازال جميلاً، وبأن النفس البشرية تواقة أكثر من أي وقت مضى الى الجمال، وهو أمر بالفعل جميل خاصة اذا ارتبط الجمال بالخير.. الخير لنفسك ولغيرك ولمجتمعك وللكون كله! وحتى لو ارتبط الخير بالنفع فلا غرو أن يرتبط بضروريات الحياة، وكذلك فإن ارتباط الجمال والإحساس به بالنقاء مسألة لازمة! والواقع أن الشعور الحقيقي بالجمال الطبيعي، سيؤدي بالتأكيد للخير، ذلك أنه ذو فاعلية وتأثير شديدين على النفس البشرية، بحيث يصبح المرء أو يمسي وهو أكثر جمالاً ورضا وتسامحاً وصبراً وتحملاً! أما إذا اقتصر الأمر على مجرد وردة منقولة أو مجرد صورة، فهذا لا يضيف ولو بقدر ضئيل ما يجعل الكون جميلاً بحق، ومن هنا تبرز أهمية النقاء وتتجلى قيمة الصدق. فبمقدار إحساسك بالجمال الحقيقي، ستشعر بالطاقة الايجابية الحقيقية الخلاقة!. ومن الأهمية بمكان، اذا أردت أن تشعر شعوراً حقيقياً بالجمال المحفز للحياة في عام كورونا المقبل، أن تحول نظرك الى ظواهر الشروق والغروب.. الى سطوع الشمس والى غروبها، ثم الى بزوغ القمر وانسحابه، وهي كلها أشياء مجانية! والأهم بالتأكيد أن تمتلك حاسة أو ذائقة الإدراك الجمالي في الأشياء البسيطة، لأنه في الحقيقة حس ووجدان معاً! تتذوقه باللسان وتسمعه بالأذن وتشمه بالأنف وتراه بالعين، لكنك قد تستغني عن هذه الأدوات الحسية وتستدعيه من الذاكرة فيملؤك جمالاً ورضا، وصولاً الى الاستمتاع بالحياة!. ولكي تستمتع بالحياة لابد ألا تكون ظالماً، أو منافقاً، أو حاقداً، أو حاسداً، وعندها ستشعر النعمة في أشياء كثيرة ظللت طوال عمرك تظنها بسيطة ولا تستحق الشكر والحمد!. ولكي يكون العام المقبل جميلاً بالفعل، لابد أن تستشعر الحب مع من أحببته، وأن توزعه على من حولك من أهلك وأصدقائك، وزملائك بنفس قدر وحجم الورد الذي وزعته، وبرقيات التهاني التي نثرتها، ووزعها بالأمس واليوم ملايين البشر!. كنت أنهي المقال وأنا أردد مع صلاح عبد الصبور: لو كنا نملك شيئاً غير الحب لبعثرناه.. فوق رؤوس الأحباب! لو قلبانا من ذهب مكنوز خلف جدار.. لكشفناه.. وملأنا راحات الأحباب.. لو قلبانا زاد من تمر ومعين أوقدنا النار.. وجمعنا الأحباب! لو كنا نعرف أن نفرح فرحة طفل غفل القلب.. عرف الدنيا حبا ينمو في ظلة حب.. لأذبنا الفرحة في أكواب الأحباب! لا تقنطوا: فالدر ينثر عقده.. ليعود أحسن في النظام وأجملا