العطاء.. كلمةً تُجسد أسمى صفات علو النفس لدى الجميع، وقد يبدو ذلك جليًا عند القيام بالأعمال التطوعية الجيدة.. لما يُقدم فيها من بذل جهدٍ وإيثار لفئاتٍ مستهدفة دون شعورهم بالنقص أو الدونية. نحن الآن نعيش في مجتمع واعٍ ومثقّف، مجتمع بطابع ديني يدرك ويفهم معنى قيمة العمل التطوعي والذي يعتبر العطاء فيه سلوكًا إنسانيًا يمكننا من مساعدة الغير وقضاء حوائجهم.. هو ركيزة نرتقي بها للسمو بذواتنا. نحن نعلم أن هدف العمل التطوعي يكمن في نشر الخير وغرس القيم التي من أهمها التعاون.. ذلك السّلوك الحضاريّ الذي يُسهمُ في توجيه الطاقات البشرية وتفعيلها في وجوه الخير مما يوطد علاقة الفرد بمجتمعه وبيئته، فهو يعكسِ صورة إيجابيّة عن المجتمع بحيث تصبح ثقافة التطوع سمة بارزة وفق تخطيط منظم ومنهج مدروس بعيدًا عن مظاهر التطوع التي تستغل الشباب.. حيث أصبحت أضواء الكاميرات ووسائل الإعلام تسبقنا عند القيام بأي عمل تطوعي.. فكيف يكون هذا تطوعًا؟ فعاليات عشوائية التنظيم وخطط مبهمة غايتها الظهور والشهرة يتبعها تكرار البرامج التطوعية وافتقار الكوادر المؤهلة والمدربة الاحترافية، ناهيك عن التشتت وعدم وجود آلية أو رؤية واضحة للعمل مما أثر سلبًا على نِتاج العمل التطوعي.. فأين لذة التطوع؟! تنافسٌ غير محمود وفقدانٌ للمصداقية يتبعه حب الظهور للوصول إلى النجومية التطوعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي طمعًا في كثرة المتابعين وزيادة في رصيد الشهرة! كيف يكون ذلك عملٌ تطوعي سامٍ؟ ولا يزال مجتمعنا بصدد إنشاء فرق تطوعية جديدة وكأنني أرى التطوع إعصارٌ إجتاح وطمس كل معالم ذلك العمل شكلًا ومضمونًا، لتكون النهاية إشادة من جهات مختصه أو أناس لهم مناصب عليا تتبعه شهادات شكر وتقدير أو درع تذكاري يقدم لهم. ظاهرةٌ أصبحت واجبًا علينا الحد من انتشارها وهي دليل واضح على قلة الوعي والخبرة وغياب المسؤولية.