اصطف الكثير من شباب عسير في فرق خيرية في الشوارع، والمساجد، وأمام بعض الجمعيات الخيرية، للقيام بأعمال الخير والإحسان دون مقابل، في وقت اعتبر البعض هذا الأمر مقتصرا على رمضان فقط مما يعني أنه مجرد بحث عن الشهرة. إلا أن المدافعين عن هذه الفرق يعتقدون أن التطوع في عمل الخير وإن كان في شهر بعينه يجب ألا يتحول إلى موضوع للانتقاد، لأنه يساهم في الكثير من الإيجابيات أقلها جمع الشباب في عمل خيري يفيد المحتاجين ولا يضرهم، ويكرس الأجواء الرمضانية في شوارع المنطقة بعينها والمناطق الأخرى بصورة عامة. وعلى الرغم من أن هذا المظهر الرمضاني يعتبر ظاهرة صحية تعكس الملامح العامة لعمل الخير في شهر رمضان المبارك الذي تتضاعف فيه الحسنات، إلا أن بروز أصوات منتقدة للتطوع الوقتي يفتح الكثير من علامات الاستفهام حول سعي البعض لشهرة الخير، ورغبة البعض الآخر في خير الشهرة، وتفضيل الفئة الثالثة للعمل الخيري بعيدا عن أضواء الشهرة. مؤسس فريق خدام المساجد بمدينة أبها أحمد الأسمري، يرفض أي انتقادات لمبدأ التطوع، لأنه سلوك محمود حثنا عليه ديننا الحنيف في كثير من المواضع في القرآن والسنة، وهو مصدر راحة للنفس وتزكيتها عندما تكون النية خالصة لوجه الله تعالى، والتي لا يعلم بها إلا المولى عز وجل، كما أن العمل التطوعي هو تلبية لكلام الله عز وجل ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام، ثم الإسهام في رفع شأن المجتمع في جانب معين، ناهيك عن الفائدة العائدة التي يحصل عليها المتطوع فهو بذلك يجد فرصة لشغل وتمضية وقت الفراغ وتجميع الطاقات المهدرة عند الكثير مما يسهم في الرقي بمختلف الجوانب كتنمية حس المسؤولية عند المتطوع وصقل مواهبه وقدراته وزيادة ثقته بنفسه، بالإضافة إلى أنها تعلمه الانخراط في المجتمع بشكل أكبر لإيصال رسالة توعوية أو تقديم مساعدة أو تنمية فكر للنهوض بأفراد أكثر وعياً. ويؤيده مهدي مدخلي مشرف فريق الحور العين لخدمة المساجد، مبينا أن التطوعية ثقافة موجودة في المجتمع السعودي والإسلامي منذ القِدم ولله الحمد، ولكن مع عصر العولمة والثورة المعلوماتية التي شملت جميع نواحي الحياة تغير مفهوم الأعمال التطوعية وأصبحت ركيزة أساسية في غرس مفاهيم التكافل الاجتماعي بعيداً عن المقابل المادي والمعنوي وأضحت صورة متعددة بتعدد الثقافات وغيرها. وأضاف في المجتمع السعودي كان مفهوم التطوع مغايرا لما هو عليه اليوم وقد حفظ النسيج الاجتماعي وضرب أروع الأمثلة في تكافل الغني مع الفقير وغيرها من النماذج. ويشير الشاب عبد المجيد شروق أحد أعضاء الفرق التطوعية بعسير إلى أن العطاء والتطوع ليس له حدود بحيث نعطي بما تجود به أيدينا والعطاء نوع من السعادة والتطوع يبني الحضارة ويكرس حب الخير لدى الناس وهو لايشترط أن يكون ماديا، معتبرا أن الفرق التطوعية هي مبادرات خيرية من المجتمع المدني تسعى إلى تحقيق الأفضل وتعد أداة مكملة للقطاعات الأخرى. ويبين صالح الشهراني أن العمل التطوعي خلق تربى عليه الإنسان المسلم، ولكن ربما بمسمى الصدقة يزاوله في حياته العادية بطرق مختلفة ولكن برز هذا العمل في الآونة الأخيرة بصورة جماعات وفرق ذاع صيتها ولكنه يبقى عملا خيريا ينبع بقناعة ذاتية وحب له. وتشدد معظم الفرق التطوعية على أنه من المستحيل أن تكون هذه الفرق باحثة عن الشهرة، مبررين بأن كثرة برامج التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام جعلت الترويج للأعمال التطوعية تنافس على الشهرة. وقال موسى عسيري إنه لا يعد الترويج للأعمال التطوعية تنافسا على الشهرة لكن يعد تنافسا شريفا في الإبداع ووضع بصمة له. وأضاف خالد عبد الرحمن الأسمري: ليست كل الفرق التي تظهر نشاطها في مواقع التواصل الاجتماعي تتنافس من أجل الشهرة فبعض الفرق تسعى إلى التعريف بأعمالها من أجل كسب مؤسسات تدعمها والبعض لغرس وتشجيع ثقافة العمل التطوعي بين أفراد المجتمع، كما أن آخرين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لجذب مواهب ومهارات لفرقهم من أجل تطويرها ورفع رصيد العمل، وإن كان الهدف من وراء كل هذا الشهرة فلا أتوقع أنه يستحق اسم عمل تطوعي. ويقول عبدالله العاصمي إن الإعلام الحديث كوسائل التواصل وغيرها يخدم الفرق التطوعية بإيصال الهدف من المشروع وتعريف المجتمع بأهمية التعاون والتكاتف لفعل الخير وغرس روح المنافسة لعمل الخير والتشجيع عليه، ولكن حب الظهور لأسباب أخرى قد يجعل الفرق وسيلة للشهرة مما يفسد العمل التطوعي الذي يقوم به الفريق وهنا سيختلف الهدف من تكوين فريق تطوعي إلى فريق يبحث عن الشهرة. فيما خالفه عبدالملك طالبي الرأي مبينا أن الأعمال التطوعية تحتاج إلى دعم، والدعم لا يأتي بدون شهرة وتبقى النية في القلوب ولكن في النهاية هذه الفرق تخدم المجتمع.