تمثل محافظة «العلا» بآثارها وروائعها الضاربة في أعماق التاريخ مرآة لحضارات العالم القديم في الجزيرة العربية، لتبهر بكنوزها العائدة لعصور غائرة بعمر الزمن في صفحات الماضي وألهمت الباحثين للكشف عن حقب مرت بها الإنسانية، فجاءت الأبحاث كاشفة عن حضارة عريقة، في ذات المكان على امتداد طريق تجارة البخور القديم من جنوب الجزيرة باتجاه الشمال. وباتت العلا بفضل العناية بالآثار والطبيعة والفنون والثقافة وجهة سياحية يقصدها الزائرون من مختلف دول العالم في تجربة مثيرة للموقع الأعلى تسجيلاً للأرقام القياسية في عالم الآثار من خلال ما خلفته الحضارات المتعاقبة على مدى سبعة آلاف سنة إذ تحتضن 111 مدفنًا أثريًا تضم 94 قبرًا منحوتًا، ونحو 5000 نقش نحتت على الصخور في جبل عكمة. ومكنت المملكة السياح من جميع بلدان العالم من زيارة «العلا» بعد أن أعادت الهيئة الملكية لمحافظة العلا ، المكان إلى متحف نابض بالحياة لتكون جزءًا من التراث العالمي. وتعد الفترة بين شهري أكتوبر وأبريل هي الأفضل لزيارة «العلا» نظرًا لاعتدال الأجواء التي تبلغ درجة الحرارة فيها بين 10-25 درجات مئوية، أما في الفترة بين مايو إلى سبتمبر فتكون درجات الحرارة مرتفعة في المنطقة ذات المناخ الصحراوي حيث تتراوح بين 20 إلى 35 درجة. ومن أهم المواقع الأساسية في مدينة العلا «الحجر» وهو أول موقع في المملكة مدرج على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي ويشتهر بمدافنه الشهيرة إلى جانب حضارة «دادان» العائدة للألف الأول قبل الميلاد، فيما يطلق على جبل عكمة «المكتبة المفتوحة» حيث تمتلئ جنباته بالنقوش الأثرية التي تعود إلى فجر الحضارة العربية بالإضافة إلى كتابات ونقوش تعود لحضارات أخرى. وتمتاز «العلا» بالتكوينات الصخرية المنتشرة في أرجائها لتعكس جمال الصحراء إلى جانب الواحة الخضراء لتجعل من المكان وجهة مميزة لعشاق الطبيعة، وتزخر العلا بالتراث الإنساني العريق الذي يتطلع إليه الزائر وتعكس جمال الطبيعة فهي موطن للعديد من النباتات والحيوانات وتعد متحفًا يحتفظ بعبق الحضارات العريقة التي يمتد تاريخها إلى آلاف السنين.