فتح إنجاز الهيئة الملكية لمحافظة العلا المرحلة الثانية من مشروع تطوير المطار شهية العوائل السعودية لتكون وجهتهم السياحية الأكثر متعة والأقل كلفة خلال إجازة الصيف، حيث يستقبل الزائر للعلا نسمة هواء نقيّة تنشر العليل في المكان لتبهج النفس التواقة للراحة خاصة في ليلها الهادئ الذي كلما زادت عتمته أضحت السماء قطعة من النجوم المتلألئة، بينما تجتمع في الوادي نخيل باسقات ارتوت بماء العلا العذب المتدفق من عيونها الجوفية، فيما يتزامن الانتهاء من المرحلة الثانية من مشروع تطوير مطار العلا مع استعدادات الهيئة الملكية لمحافظة العلا لإعادة افتتاح المنطقة واستقبال الزوار مجددا في شهر أكتوبر المقبل. رحلات من جدة للعلا وتمكنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالتعاون مع الخطوط السعودية من إعادة تسيير الرحلات الجوية من الرياض إلى العلا حيث تتوفر الآن أربع رحلات أسبوعية، ومن المتوقع استئناف الرحلات إلى مطار العلا من جدة وعدة مدن أخرى، فضلاً عن استقبال المطار قريباً لعدد من الرحلات الدولية المباشرة، وتشمل المرحلة الثانية من تطوير المطار تجديد المبنى الرئيسي وتوسيع ساحة خدمات الطائرات لتستوعب طائرات أكبر حجماً، بالإضافة إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للمطار من 100 ألف مسافر إلى 400 ألف مسافر سنوياً، كما تضمن مشروع التطوير إنشاء صالة لكبار الشخصيات تم فيها استخدام مواد بناء محلية تنسجم وبيئة العلا الخلابة وإرثها العريق، بالإضافة إلى مجموعة من التحديثات الأخرى التي تهدف إلى تحسين تجربة المسافر، بينما تضمنت المرحلة الأولى من تطوير المطار، والتي انتهت عام 2019، توسعة المطار لاستيعاب المزيد من الطائرات، والعمل بنظام معلومات رقمي جديد في صالتي الوصول والمغادرة، بالإضافة إلى تطوير التصاميم الداخلية والخارجية لصالتي المطار. واستقبل مطار العلا قرابة 52 ألف مسافر على متن 855 رحلة خلال عام 2019. ويحرص زوار العلا على زيارة مواقع أثرية فيها لها قيمتها التاريخية في الإسلام وفيها تجتمع لحظات التأمل والتدبر عند مشاهدة: مدائن صالح، والخريبة الأثري، وجبل عكمه الأثري، ومداخيل البرية، والمعتدل الصحراوية، بالإضافة إلى نقش زهير التاريخي، والبلدة التراثية، ومطل حرة عويرض، وجبل الفيل. برامج تسويقية وترفيهية واستطاعت المملكة أن تكشف عن كنوز العلا للزوار والسياح عبر برامج تسويقية مختلفة عززت من حضوره على مختلف الأصعدة شملت بذلك المؤتمرات والملتقيات والمنتديات العالمية لتصبح العلاء أحد أهم الوجهات العالمية المسجلة بمنظمة اليونسكو. لم يقف الأمر عند الجانب التاريخي لعاصمة الأنباط الثانية قديماً بل باتت تسجل رقماً قياسياً في حماية معالمها البيئية وتطويرها عبر مبادرة حماية النمور العربية، التي أطلقتها الهيئة الملكية لمحافظة العلا، ومشاريع عدة، تعمل على دعم الحفاظ على هذه الأنواع المهددة بالانقراض، بما في ذلك برنامج مكثف للتربية وإعادة الإكثار، إضافة إلى إنشاء الصندوق العالمي لحماية النمر العربي كمنصة فعالة للعديد من المبادرات المستقبلية. ولم تكمن أهمية محافظة العلا في وجود مدائن صالح وحسب، بل في القرية التراثية التي يوجد فيها مسجد بناه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالحجارة، وخط محرابه بعظم، فأطلق عليه مسجد "العظام"، ويحيط بالقرية من ثلاثة اتجاهات عدد من الحقول، ومزارع النخيل، والحمضيات، والفواكه، كما تميزت أرض العلا بتربة خصبة صالحة للزراعة، ووفرة كبيرة من المياه العذبة التي تنبع من 35 عينًا جوفية. شتاء طنطورة ولما كانت العلا في سالف العصر جسراً حضارياً بين الشرق والغرب بوصفها إحدى محطات طريق البخور، وملتقى للحوار الثقافي والحضاري سعت الهيئة الملكية للعلا لتجسيد قيم التنوع بإبرازها من خلال المهرجان العالمي (شتاء طنطورة) الذي يسلط الضوء على الفنون والثقافة والتاريخ والتراث في محافظة العلا، ومكنت عبر فعالياتها السياح والزوار من مختلف دول العالم الاستمتاع بالعروض الفنية والثقافة والمغامرات،دعمت ذلك الخطوات التي انتهجتها المملكة مؤخرا لدعم السياحة واستقبال السياح عالمياً منها إطلاق التأشيرة السياحية الإلكترونية. رحلات السفاري و يستطيع سائح المدينة القيام بها أثناء زيارة المدينة، خاصة إذا كان من هواة السياحة الترفيهية، فسيجد رحلات السفاري والدارجات النارية، ويقوم بزيارة السوق القديمة والاستمتاع بالعروض الفنية الفلكورية ومشاهدة صناع الحرف التراثية القديمة. البلدة القديمة تشتهر العلا بعدة معالم أثرية من بينها « البلدة القديمة « ويعود تاريخها إلى القرن ال14 ميلادي، فعمرها يبلغ 650 عاماً، وهي عبارة عن أطلال لنحو 800 منزل تنتشر حول قلعة مرتفعة بمواجهة المزارع التي روتها اليانبيع التي جفت منذ سنوات، وترتفع البلدة القديمة 70 متراً عن سطح البحر، هجرها السكان في بداية الثمانيات لتصبح مزاراً سياحياً. وتتوسط البلدة القديمة قلعة موسى بن نصير، التي تعود إلى القرن ال6 قبل الميلاد، وهو مبنى من الحجر المشذب المقام على رأس هضبة صغيرة. الخريبة (مقابر الأسود) هي منطقة أثرية تمثل جزءاً من أطلال مدينة دادان القديمة التي تعود لحضارة مملكة دادان العربية، والتي برزت سيادتها في تلك المنطقة في القرن ال7 قبل الميلاد. واحتوت «الخريبة» على مقابر الأسود ال4 التي تعلو مقبرتين جنوب موقع الخريبة، أبرزها نحت الأسد الذي عثر عليه عام 1914. صخرة جبل الفيل تقع على بعد 7 كيلومترات إلى جهة الشرق من محافظة العلا، وهي صخرة ضخمة يبلغ ارتفاعها عن الأرض 50 متراً، تتميز بشكلها الفريد الذي يشبه الفيل، وتحيط بالصخرة مجموعة من الجبال ذات الألوان الفاتحة. رحالة عرب أوروبيون يوثقون حضارة المدينة تشير العديد من الدراسات التاريخية إلى أن "العلا" زارها رحالة مسلمون خلال رحلتهم إلى الحج، ومنهم: ابن بطوطة سنة 726ه، وعبدالقادر الجزيري الأنصاري سنة 961ه، كما زارها مجموعة من المستكشفين الغربيين خلال زيارتهم للجزيرة العربية في أعوام 1880م، 1903م، 1907م، 1909م، 1910م، و1964م، وأعد الرحالة الإنجليزي ج كوك دراسة عام 1903م عن العلا بعنوان ( الكتابات السامية الشمالية). وزار الرحالة أنطوان جوسن، ورفائيل سافينياك، مدائن صالح عام 1907م، واستكشفا النقوش: "النبطية"، و"المعينية" و"اللحيانية" و"الثمودية" التي وجدت في البيوت المنحوتة على جبالها، وعملا على تحليلها وترجمتها إلى معانِ معروفة، فضلاً عن تقديم وصف شامل لآثار موطن "الأنباط" المعروف ب"الحِجر" عند المؤرخين والجغرافيين العرب. وألّف المؤرخان بعد رحلاتهما الثلاث إلى الجزيرة العربية كتابًا بعنوان ( رحلة استكشافية أثرية إلى الجزيرة العربية) يتكون من خمسة مجلدات عدّ مرجعًا للكثير من الباحثين في العالم على الرغم من تطور قراءة اللغات القديمة والنبطية، خاصة عند المتخصصين في مجالات: النقوش، والآثار، والجغرافيا، والاجتماع. مدينة التقنية توثق معالم مدائن صالح أسهمت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في خدمة هذا الكيان التراثي الذي يحظى بمتابعة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة، حيث أعدت مشروعًا تجريبيًا لتقنية أجهزة المسح الليزري الأرضية التي تقوم بتحويل كامل تفاصيل المعلم (قصر الفريد كمثال) إلى نقاط سحابية منسوبة إلى إحداثيات الموقع، بحيث يمكن تحويله إلى نماذج ثلاثية الأبعاد ليصبح التعامل معها سهلًا رقميًا، وربطها بقواعد المعلومات الجغرافية. وتُسهم هذه التقنية في توثيق معالم مدائن صالح بكامل تفاصيلها وتسهل على الباحثين دراسة تفاصيل المعلم الدقيقة مع مراقبة التغيرات التي قد تطرأ عليه خلال الفترات الزمنية المختلفة. المطرفى: فرص عمل متنوعة للسكان المحليين أكد سعد المطرفي، المتحدث الرسمي للهيئة الملكية لمحافظة العلا أن مشاريع تطوير البنية التحتية الحيوية في العلا تمثل الأسس الداعمة لاستراتيجية النمو المستدام للهيئة، إذ سيساهم المطار في خلق فرص العمل للسكان المحليين بصفته محوراً لوجستياً يلبي احتياجات شمال غرب المملكة.» وبين أن الهيئة الملكية لمحافظة العلاء عملت منذ تأسيسها على دراسة شاملة لتأهيل وتطوير منطقة العلا وآثارها بما يحقق للسائح والزائر أرقى الخدمات إلى جانب الحفاظ على ما تكتنزه المدينة من جمال في الطبيعة وبدون أي تغيير يمكن أن يؤثر على الطبيعة. وجلبت الهيئة لمحافظة العلا عدداً من المطاعم والنزل العالمية بين أوديتها، كما صممت جبالها وفق أحدث المقاييس الهندسية مع الحفاظ على أدق تفاصيل الطبيعة الخلابة إلى جانب تطوير وتدريب أبناء وبنات المحافظة للقيام بمهام الخدمات والإرشاد السياحي شملت الطبخ والفندقة والسياحة في أكبر وأهم المعاهد العالمية عبر برامج ابتعاث بادرت بها الهيئة. ناقة النبي صالح شاهد على حضارة عريقة عرفت «العلا» قبل الإسلام باسم (دادان) وورد ذلك في كُتب الآشوريين، والكتب العربية القديمة حسب أحد أبناء العلا المهتمين بالتاريخ عبدالحكيم آل عبدالدائم، حيث قال: إنها عرفت كذلك بمسمى "وادي القرى" لكن اسمها ارتبط عند العامة بإرث حضارة الأنباط الذين بنوا مدائن صالح على بُعد 22 كم عن العلا، وشهدت أرضها قصة نبي الله صالح عليه السلام مع قوم ثمود، وبقيت معالم قصتهم مع ناقة صالح خالدة بين صخورها حتى الآن.