أعادت جولات ولي العهد الخارجية تشكيل الاقتصاد السعودي والسياسة الخارجية، واللافت في جولات سمو ولي العهد أنها تركز في معظمها على الالتقاء بالشركات المهمة في كل بلد ومحاولة جذبها للعمل والاستثمار في السعودية، حيث توجد نتيجة لتلك الجهود شراكات مع أبرز القطاعات الصناعية في كوريا تعمل في المملكة بأكثر من مليار دولار، وكذلك يبلغ حجم الاستثمارات للشركات اليابانية العاملة في المملكة أكثر من خمسين مليار ريال، وكذلك الشركات الصينية، التي تستثمر في المملكة بمبالغ تصل إلى عشرة مليارات ريال، وأيضًا الشركات الأمريكية، التي تم الإعلان عن مشاركتها في مشروع القدية وتطويره وغيرها الكثير من العلامات الصناعية في كل دول العالم المتقدمة، التي ترغب في الاستثمار محليا نظير ما تجده ولله الحمد من أمن وأمان واستقرار سياسي لا يتحقق في الكثير من الدول. وتحظى زيارات سمو ولي العهد الخارجية بأهمية كبيرة ومتابعة مستمرة من كل وسائل الإعلام العالمية نظير ما يتم في تلك الجولات من عقد صفقات بالغة الأهمية سواء للبلد أو للمنطقة بشكل عام وجميعنا نستذكر مقولة الأمير محمد بن سلمان عندما ذكر أنه يأمل أن تكون منطقة الشرق الأوسط أوربا الجديدة في تأكيد لسعي سموه أن يعم السلام والازدهار هذه المنطقة بشرط أن تتخلى إيران وأذنابها من الحوثيين وحزب الله عن الفكر التخريبي والتدمير الذي يتعاملون به في تفكيك المنطقة وإعادتها للوراء بدلا من المساهمة في نموها وتطويرها لتصبح منطقة جذب للعالم أجمع. موسكو.. تفاهمات ومعالجات لقضايا عدة بدأت جولات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في يونيو 2015 بزيارة روسيا فهي دولة مهمة وصاحبة مواقف لها وزنها، والدور الروسي المؤثر في إيجاد تفاهمات ومعالجات في قضايا عديدة سياسية واقتصادية، وتعاملت روسيا مع الزيارة باهتمام بالغ، وتواصلت المباحثات واللقاءات التي أجراها سمو ولي العهد لإيجاد قواسم مشتركة للتوافق على التعاون في مجمل القضايا أمنية أو اقتصادية، وأن المراحل القادمة ستشهد نموا مطردا في العلاقات المتبادلة في جميع المجالات بين الجانبين وتم توقيع عدة اتفاقيات اقتصادية خاصة في مجال الطاقة والتي مهدت لاتفاق تاريخي بين السعودية وروسيا ومنظمة الأوبك فيما بعد بتخفيض إنتاج النفط للحفاظ على سعر عادل في ظل زيادة المعروض والحفاظ على استقرار سوق النفط. باريس.. تجديد الوهج والحيوية للعلاقات الثنائية جاءت زيارة الأمير محمد بن سلمان لفرنسا في يوليو 2015 لتجدد الوهج والحيوية والتفاعل فيما سبق من علاقات تاريخية لتضيف مجموعة من الاتفاقيات الاستثمارية والتي تعني بناء شراكة حقيقية بين الدولتين ليعزز استمرار وديمومة التعاون لبناء الثقة والتعاون والانفتاح على المستقبل ومناخ التكامل بينهما وحسب حاجة كل دولة للأخرى والتي سمحت بفرصة نحو مستقبل اقتصادي وصناعي ومعرفي وأمني واعد، والمهم في زيارات الأمير محمد بن سلمان لفرنسا وقبلها إلى روسيا يأتي في حدود الملفات التي يحملها سموه في حدود احتياجات المملكة وضمن ما يدخل في إطار مصالحها ويلبي احتياجاتها ضمن سياسة تنويع المصادر وعدم احتكارها واقتصارها على دولة أو دولتين وهو ما يمكن فهمه وقراءاته في زياراته اللاحقة. واشنطن.. علاقات استراتيجية التقى سمو الأمير محمد بن سلمان في زيارته للولايات المتحدةالأمريكية في يونيو 2016 برموز السلطات الأمريكية ومؤسساتها التي تصنع السياسة العالمية، فيتحدث معهم بهدوء وثقة وسلاحه الوضوع والمعلومة الصحيحة بدأ من الرئيس الأمريكي أوباما ومرورا بكل القيادات الأمريكية، واستمرارا للنهج السياسي للمملكة التي لا تتنازل عن موقف يرتبط بمصالحها، ولا تفرط بسياسة لا تخدم مواطنيها ولا تتهاون فيما يمس أمنها واستقرار، لكنها تحتفظ بعلاقتها الثنائية باحترام والتزام مع جميع الدول الصديقة وعلى رأسها الولايات المتحدةالأمريكية، ونقل ولي العهد في زيارته لواشنطن والتي تنسجم مع رؤية المملكة 2030، الموقف السعودي الإيجابي وتعاونه مع الولايات المتحدة والعالم لخلق بيئة من التعاون الذي يخدم شعوب العالم والدولتين الصديقتين. بكين.. حوارات مثمرة مع العملاق الاقتصادي أنهى الأمير محمد بن سلمان زيارته الرسمية الأولى للصين بفتح آفاق جديدة لمزيد من الشراكة السعودية الصينية في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية، وتم خلالها التوقيع على عدد من الاتفاقيات رشحت العلاقات المتبادلة للصعود في كل مجالات التعاون، وتزامنت الزيارة مع التحديات التي يواجهها العالم أمنيًا واقتصاديًا، وتزامنها مع التطورات الإيجابية في العلاقة الثنائية بعد زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز الأخيرة للصين، وكذلك زيارة الرئيس الصيني شين جين بينج في يناير 2016 إلى الرياض، ومن المؤكد أن الصين أكبر مستهلك للنفط في العالم وأكبر لمستهلك لنفط المملكة وثاني أكبر اقتصاد في العالم مدعوة بشكل كبير للمشاركة في برامج التنمية والتصنيع وجميع ما تحمله الرؤية السعودية من برامج سواء. طوكيو.. شراكة مع عاصمة الصناعة جاءت زيارة الأمير محمد بن سلمان لليابان استكمالا للصداقة التاريخية بين الشعب السعودي والشعب الياباني، واحيطت الزيارة برعاية وأهتمام كبير حيث ألتقى سمو بولي عهد اليابان ناروهيتو في طوكيو وكذلك أمبراطور اليابان أكيهيتو، كما شملت الزيارة لقاءات ومباحثات عديد مع المسؤولين اليابانيين حول فرص مشاركة اليابان في رؤية المملكة 2030، واستعد اليابانيون جيدا للزيارة للمشاركة في الانفتاح الاقتصادي السعودي واغتنام فرص الاستثمار والمشاركة في المشروعات الاقتصادية والصناعية والتجارية التي أعلنت عنها المملكة بوضوح وبشكل يساعد الآخرين على أخذ قراراتهم المناسبة. السيسي يكسر البروتوكول ويستقبل ولي العهد بالمطار تأتي أهمية زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة في مارس 2018 كأول زيارة خارجية بعد توليه ولاية العهد لكونها دولة عربية وإقليمية مهمة، وكان استقبال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لولي العهد بالمطار كسرا للبروتوكول وإدراكا لحجم العلاقات الثنائية بين البلدين وبحث الملفات المشتركة والمتعلقة بأمن واستقرار المنطقة ومكافحة الإرهاب وتنسيق الجهود لتعزيز العمل العربي المشترك كما شهد توقيع عدد من الاتفاقيات والمذكرات المشتركة.. وأعطى الأمير انطباعات وإشارات مهمة خلال زيارته لمصر عن الوسطية والاعتدال واحترام الأديان والثقافات في تعزيز التسامح ونبذ العنف والتطرف، فترك انطباعا متميزا وهو يغادرها بنجاحات الزيارة في أحسن صورة. لندن.. زيارة ملكية عكست زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لبريطانيا في مارس 2018 الصورة الإيجابية لحجم المملكة وثقلها على المستوى العالمي سياسيا واقتصاديا ودينيا فقد كان الاستقبال التاريخي للملكة إليزابيث الثانية لولي العهد في قصر باكنجهام بمثابة دلالة واضحة على مكانة المملكة ومستوى العلاقات التاريخية السعودية البريطانية، كما التقى سموه برئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وتم عقد جلسة مباحثات ثنائية ناقشا فيها التصدي للتدخلات الإيرانية في المنطقة قبل ترأسهما للاجتماع الأول لمجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي – البريطاني، ناقشا فيه عدة ملفات في سوريا واليمن، وكذلك العلاقات الاقتصادية ورفع حجم التجارة البينية بين البلدين، والتبادل العلمي والثقافي في مختلف المجالات، حيث إن بريطانيا تسهم بأكثر من 200 مشروع في المملكة، وكذلك الاستفادة من الفرص المتاحة في رؤية المملكة 2030، حيث تم توقيع 18 اتفاقية ثنائية غطت كل القطاعات. فرنسا.. الانطلاق نحو الاستثمارات المشتركة لا يفوت ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الفرصة ليرسخ العلاقة التاريخية بين السعودية وفرنسا بزيارته الثالثة في إبريل 2018، وتتمحور الزيارة حول إقامة شراكة استراتيجية جديدة، والانطلاق نحو الاستثمار بين البلدين، وفتح المجال أمام الشركات الفرنسية ورجال الأعمال الفرنسيين للاستفادة من مجال التصنيع والتعليم والصحة والسياحة والترفيه وغيرها وبدأ الوزيارة بلقاء الرئيس الفرنسي ماكرون بمتحف اللوفر وتم بحث التطورات في منطقة الشرق الأوسط، ثم أجرى سموه لقاء موسعا مع رئيس الوزراء الفرنسي أدوارد فيليب بحضور وفدي البلدين، كما أجرى سموه لقاءً منفردا مع وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي وتم توقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم، وتم مناقشة العديد من الملفات والقضايا المشتركة وبحث أفاق التعاون في مجالات عدة ليصنع مستقبل المملكة الجديد. أسبانيا.. توقيع 6 اتفاقيات شهدت الزيارة الرسمية التي قام بها ولي العهد لأسبانيا استقبالا حافلا من الملك فيلبي السادس لولي العهد، ثم التقى ولي العهد برئيس الوزراء الأسباني وتم توقيع عدة اتفاقيات، وكذلك تم عقد لقاء ثنائي بين الأمير محمد بن سلمان وزيرة الدفاع وتم توقيع عدة اتفاقيات شملت الدفاع والنقل الجوي والتعليم والثقافة والتقنية والتنمية ويدفع باتجاه رؤية المملكة 2030، وتهدف الشراكة إلى نقل التقنية وأبرزها اتفاق بين الشركة السعودية للصناعات العسكرية وشركة نافيتنا الإسبانية لتوطين 60% من كافة الأعمال المتعلقة بأنظمة القتال على السفن ونقل التقنيات البحرية وهندسة وتصميم النظم. باكستان.. علاقات راسخة وتمضي جولات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، لتعزيز علاقات المملكة الراسخة مع البلد الإسلامي الكبير باكستان، على أن زيارة سموّه لباكستان لم تكتفِ فقط بترسيخ العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين، وإنما امتدت إلى آفاق سياسية واقتصادية رحبة، لخصها سمو ولي العهد بقوله: «إن باكستان دولة مهمة، وأثق من مستقبلها الزاهر، فلديها طاقات وفرص هائلة، وأعتقد بأن باكستان ستكون من أكبر الاقتصادات في العالم مع حلول عام (2030). والتقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، الذي استقبله وشعب باكستان بحفاوة بالغة في شوارع إسلام آباد. وعلى الصعيد الاقتصادي وتحديدًا على مستوى الوفود التجارية والاستثمارية، تم إبرام اتفاقيات ومذكرات تفاهم عديدة تسهم في استثمار نحو 20 مليار دولار أمريكي في باكستان في مختلف المجالات. نيودلهي وسياسة التوازن اكتسبت زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الهند، أهميةً خاصةً يدعمها تاريخ عريق وحاضر ساطع ومستقبل زاهر، وتعد العلاقات الاقتصادية مع الهند هي الأكثر حيوية، من خلال اعتماد الهند في جزء كبير من وارداتها البترولية على إنتاج السعودية؛ لأنها تحصل على أكثر من 30 في المائة من حاجاتها البترولية من المملكة. فيما تجاوز حجم التبادل التجاري الثنائي نحو 43 مليار دولار في عام 2013، ويغطي مجموعة واسعة من القطاعات بما في ذلك خدمات الإدارة والاستشارات، ومشروعات البناء، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والمستحضرات الصيدلانية، كما تحول الوجود الهندي من مجرد قوى عاملة بلغت 2 مليون عامل مقيم بالمملكة إلى شركات ومؤسسات هندية، تتعاون مع الشركات الوطنية، وتتنافس مع كبريات الشركات العالمية في تقديم الخدمات الهندسية والاستشارية. بما في ذلك هناك نحو 500 مشروع مشترك، ولا سيما مشروعات الطاقة.