منذ بداية أزمة «كورونا» لم تألُ المملكة جهدًا في التخفيف من آثار تلك الجائحة في كل النواحي والاتجاهات.. وبرز القطاع الثالث (الاجتماعي غير الربحي) كأهم القطاعات الداعمة بقوة لتلك الجهود، وهو ما يؤكد عمق رؤية القيادة الرشيدة، التي حرصت على دعم هذا القطاع، ليصبح شريكًا في التنمية، مما كان له الأثر الكبير في نمو القطاع ومؤسساته وتفعيل دوره المجتمعي. ولعل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بحكم مسؤوليتها في هذا المجال، عملت على اشراك هذا القطاع في العديد من مبادراتها، ومن أهم تلك المبادرات يبرز الصندوق المجتمعي، الذي دشنته الوزارة في مطلع شهر ابريل الجاري، من أجل التخفيف من آثار أزمة كورونا على المتضررين من المواطنين والمقيمين في آن واحد. ويعد أبرز ما قامت به وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية هو تنسيق جهود القطاعات الثلاثة (الحكومية والخاص والاجتماعية)، في مواجهة آثار الجائحة، وتمثل مبادرة الصندوق المجتمعي مثالا واضحًا على ذلك.. حيث جاء الصندوق بمبادرة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والهيئة العامة للأوقاف، وبمشاركة صندوق الوقف الصحي، ومجلس المؤسسات الأهلية، ومجلس الجمعيات الأهلية، وعدد من الأوقاف والجهات المانحة والشركات. وتعد مشاركة كل هذه الجهات تجسيدًا لهذا التكامل بين القطاعات الثلاث، عبر وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، من أجل إعلاء قيمة المسؤولية المجتمعية للقطاع غير الربحي في مساندة الجهود الحكومية لاحتواء أضرار هذا الوباء اجتماعيًا. ولعل رأس مال الصندوق، الذي بلغ 500 مليون ريال، هو دليل عملي على قوة احتشاد الجهود المجتمعية لمساندة الدولة، وتوجيه تلك الجهود نحو احتياجات وأولويات المجتمع في هذه المرحلة، وتمويل مجموعة من المبادرات والمشروعات لدعم الفئات الأشد حاجةً، والأكثر تضرراً من هذا الوباء، من الفقراء وذوي الإعاقة والأرامل والمطلقات وأسر السجناء وكبار السن، وأصحاب المهن الصغيرة والعمالة المتضررة والطلاب المحتاجين، والمعتمرين الذين انقطعت بهم السبل وغيرهم، وذلك في مجالات متنوعة كالمجال الإغاثي والاجتماعي والتعليمي والتوعوي الصحي والتقني والخدمي والإيواء وغيرها. وفي هذا الإطار يبدو أبرز ما يميز هذا الصندوق عن غيره، انه أتاح المجال كاملا للجمعيات الأهلية، لتتولى دوراً محورياً في تنفيذ المبادرة، من أجل تغطية جميع مناطق المملكة والتركيز على المناطق الأكثر احتياجاً وفق خطة واضحة وبرنامج زمني محدد.