يجد العاطلون عن العمل أنفسهم في وضع حرج، فقد كانوا قبل تفشّي جائحة كورونا يسعون للعثور على وظائف تلائم تخصّصاتهم الدراسية، أو حتّى لا تلائمها، إذ لم يعد يهمّهم ملائمة الوظائف لتخصّصاتهم الدراسية بقدر ما يهمّهم اصطياد الوظائف نفسها كما يصطاد الإنسان السمك من البحر الهائج، بعد أن قضوا سنوات طويلة على مقاعد الدراسة!. وها هم بعد الجائحة يُصدمون بوضع أكثر حرجاً، فالجهات الحكومية وجهات القطاع الخاص التي بأيديها خزائن الوظائف قد تأثرت سلبياً بالجائحة، ولا أحد يلومها على ذلك، فالجائحة مثل القشّة التي تقصم الظهر، وتُصيبه بما يُشبِه الانزلاق الغضروفي الذي يحتاج علاجه لعملية جراحية كُبْرى!. لكنّي أتمنّى ألّا تتغيّر أولويات الجهات بنسبة طاغية من برامج توظيفية متنامية ولو بوتيرة متباطئة إلى أولويات عدم توظيفية بحُجّة أنّ المرحلة الكورونية الحالية تقتضيها، هذا عشمي فيها، وألّا تُؤجّل الجهات برامجها التوظيفية لأجلٍ مُسمّى أو أجلٍ غير مُسمّى لأنّ المُحصِّلة تعني مُعاناة أكثر للعاطلين، وتعطيل كامل لمؤهّلاتهم، وإقباع لشريحة عزيزة من المواطنين في حجْر منزلي هو أسوأ من الحجْر الاضطراري بسبب جائحة كورونا، وهم من هم؟ هم فلذات أكبادنا من أولاد وبنات في أرجاء الوطن من الخليج العربي للبحر الأحمر!. وفي سبيل ذلك، لابُدّ من تخصيص جزء ثمين من دعم الدولة -أيّدها الله- من الحوافز الاقتصادية الخاصة بجائحة كورونا لحلّ مشكلة البطالة، وتوظيف العاطلين، وأنا متأكّد أنّ وضْع الجهات الحكومية والخاصّة بخير وعافية، وأنّ لُقْمة خزائن وظائفها تكفي مئة لو صفت النيّة، وعرفت أنّ عليها مسؤولية كبيرة يُسأل عنها مسؤولوها يوم القيامة، وأنّ كبار أثريائنا وملياديراتنا مدعوون بشدّة لمؤازرة الدولة، والمساهمة في حلّ مشكلة البطالة، في زمن كورونا الصعب وفي غير زمنه، من باب التكافل الاجتماعي الذي شرّعه الدين، وفرضته الأعراف الإسلامية، والعدل والقسطاس المستقيم، وهذا هو الواجب المطلوب، إرضاءً لله، ثمّ رِفْعَةً للوطن.