أوضح عدد من الأكاديميين والباحثين في التاريخ والتراث، أن فوز المملكة بمقعد في المجلس التنفيذي لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، وانتخابها عضوًا في لجنة التراث العالمي للمرة الأولى؛ جاء تأكيدًا لثقة المجتمع الدولي بمكانتها ودورها، مضيفين أنها تنهض بدور كبير في بناء السلام والإسهام بفاعلية في إرساء مبادئ الثقافة والعلوم بين الشعوب وحفظ التراث العالمي، مشيرين إلى أهمية تسجيل العديد من المواقع السعودية ضمن قائمة التراث العالمي، واقترح بعضهم تسجيل مهن كالطوافة والأدلاء كذلك باعتبارها إرثًا، كما أشاروا إلى اهتمام القيادة الرشيدة بالتاريخ والتراث والثقافة، والحرص على العناية بها. عثمان: المملكة تقدم تراثها العريق للعالم أوضح الدكتور زاهر بن عبدالرحمن عثمان، الأمين العام لمركز الإدارة المحليَّة، أن علاقة المملكة بمنظَّمة اليونسكو وثيقةُ تاريخيًّا فالمملكة من أوائل الدُّول الموقِّعة على الميثاق التأسيسي للمنظَّمة، كما أنَّها من أكثر الدول دعمًا للمنظَّمة ووفاءً بالتزاماتها تجاهها. وقد مرَّت العلاقة بين المملكة والمنظَّمة بعدَّة مراحل، الأولى كانت مرحلةً يمكن تسميتها بالمتابِعة والمراقِبة والمشارِكة الحذرة، والتي كانت في الحدِّ الأدنى من الاستفادة والتعامل مع اليونسكو. ثم جاءت المرحلة الثَّانية والتي ابتدأت المملكة العمل فيها بدوْرٍ أكثر فاعليَّة في أنشطة المنظَّمة وفعالياتها، وتمَّ التنبُّه إلى تأخُّرنا في إظهار ما لدينا من تراثٍ عريقٍ للعالم، وابتدأت خطوات تسجيل مواقع التراث العالمي تدريجيًّا تاركةً علامات اهتمام عالميَّ تعرِّف بشكلٍ مختلفٍ بالتطوُّر الحضاري للمملكة. وأخيرًا جاءت المرحلة الحاليَّة التي تنطلق من رؤية المملكة 2030 والتي يعدُّ الاهتمام بالثقافة والفنون أحد أهمِّ ركائزها، والتي أدركت بأنَّ ما تمَّ تسجيله من مواقع تراث عالميٍّ أقلُّ بكثيرٍ مما تحتضنه المملكة ويستحقُّ أن يعرفه العالم، وبالتَّالي سيجري العمل على ضمِّ المزيد إلى قائمة التراث العالمي وسيمكِّن الانضمام إلى عضويَّة لجنة التراث العالميِّ المملكة من لعب دورٍ فاعلٍ ومؤثِّرٍ من أجل حضورٍ عالميٍّ يبرز إمكانات المملكة الثَّقافيَّة والتراثيَّة، ويمكِّن من مشاركة قدرات أبنائها في حدودٍ عالميَّة. الفاضل: عناية فائقة بالتاريخ والثقافة والتراث قال الدكتور فيصل الفاضل، عضو مجلس الشورى رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة بالمجلس: «جاء انتخاب المملكة من قبل منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) عضوًا في لجنة التراث العالمي للمرة الأولى وفوزها بمقعد في المجلس التنفيذي لليونسكو تأكيدًا لثقة المجتمع الدولي بمكانة المملكة ودورها الكبير في حفظ التراث العالمي». وأضاف الدكتور الفاضل أن تاريخ والثقافة والتراث الوطني تحظى بعناية بالغة واهتمام ودعم كبيرين من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين حفظهما الله وتمثل ذلك في العديد من الأوجه، منها: صدور نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني، والعديد من القرارات المهمة، فضلًا عن دعم المبادرات التي تسهم في إثراء الأنشطة الثقافية والحفاظ على التراث الوطني وحمايته كتراث إنساني وعالمي، ومنها وضع حجر الأساس لمشروع «بوابة الدرعية» لترميم المنطقة التاريخية لهذا المشروع الوطني الرائد كتراثي ثقافي وإعادتها إلى ماضيها العريق؛ ولتكون وجهة سياحية وثقافية محلية وعالمية تجسد سيرة الوطن الشامخ ورجاله المخلصين منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى بإشراف ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة هيئة تطوير بوابة الدرعية. تسجيل الطوافة والأدلاء كتراث ثقافي واقترح المطوف الدكتور سمير أحمد برقة، باحث في التاريخ المكي ومعالم السيرة النبوية، تسجيل المهن التالية: الطوافة والأدلاء والوكلاء والزمازمة ضمن التراث الثقافي غير المادي، لاسيما وأن هذه المهن قائمة ولا يوجد لها مثيل لارتباطها بخدمات الحج والعمرة، وهي ضاربة في التاريخ وقائمة ولن تتلاشى لوجود أفراد ومجموعات قائمة عليها، وإن كانت تعتبر تراثًا ولكنه تراث متجدد ومتطور ومواكب للتغيرات. وقال الدكتور برقة: «إنه سبق لبلادنا أن سجلت العرضة السعودية، والمزمار، والقط العسيري، ضمن التراث غير المادي، بجانب تسجيل مدائن صالح، والدرعية، وجدة التاريخية، وواحة الأحساء، ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي لليونسكو. وكلنا أمل في سمو وزير الثقافة، وبالتعاون مع وزير الحج والعمرة، ومؤسسات أرباب الطوائف، وجمعية الثقافة والفنون، بالبدء في تكوين المجاميع واللجان لتوثيق وتدوين هذه المهن العريقة- والتي تمتاز بها بلادنا- ومن ثم الدفع بها لتسجيلها عالميًا ضمن التراث العالمي غير المادي، لاسيما وأن هناك قوائم كثيرة تنتظر التسجيل». آثار عمرها أكثر من 3 آلاف عام وقال وليد عبد العزيز محمد شلبي، باحث في تاريخ جدة: «إن المملكة دولة تحظى بمساحة قارية على شبه الجزيرة العربية، وفيها ثقل تاريخي، واقتصادي، وقبلة المسلمين، وسبق لها قبل أعوام تسجيل عدد من المواقع التراثية والقادم أكثر»، مضيفًا أن: «هذا ليس بمستغرب فالمملكة بها طريق الأنبياء، وملتقى الحضارات في رحلة ورد ذكرها في القرآن الكريم (رحلة الشتاء والصيف)، كما بها أقدم وأول بيت وضع للناس، كما ثبت وجود آثار يعود تاريخها إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد لم ينف أحد حتى تاريخه وجود قبر أمنا حواء». 9 مواقع مرشحة للإدراج ضمن التراث العالمي وقال الدكتور فوزي محمد ساعاتي، أستاذ التاريخ الإسلامي والمكي: «إن هذا التقدير الدولي للمملكة لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة لبرنامج خادم الحرمين الشريفين في العناية بالتراث الحضاري، والجهود الكبيرة والمنظمة من عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية المختصة لتحقيق برنامج رؤية المملكة 2030، ومن ضمن برامجها حفظ التراث الوطني كتراث عالمي». وأضاف الدكتور ساعاتي أنه تم بالفعل إدراج خمسة مواقع تراثية سعودية في قائمة التراث العالمي، وهي: «مدائن صالح»، ويعتبر أول موقع يتم تسجيله في قائمة التراث الإنساني العالمي باليونسكو في عام 1429ه/ 2008 م، و»حي الطريف» بالدرعية التاريخية، ويعتبر من أهم معالم الدرعية الأثرية ليصبح الموقع السعودي الثاني الذي يتم تسجيله، و»جدة التاريخية»، وأدرجت في قائمة التراث العالمي عام 1435ه/ 2014م، و»مواقع الرسوم الصخرية» في موقعي جبة والشويمس بمنطقة حائل، وهي من أهم وأكبر المواقع الأثرية في المملكة التي يعود تاريخها إلى أكثر من 10 آلاف سنة قبل الميلاد، ورابع المواقع الأثرية التي تم إدراجها ضمن التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو في عام 1436ه/ 2015م، و»واحة الأحساء»، وتعد من أشهر واحات النخيل المحاطة بالرمال في العالم، وتضم 1.5 مليون نخلة منتجة للتمور، ويوجد تسعة مواقع أخرى مرشحة لإدراجها.