شهد الاجتماع الأخير للجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» في العاصمة البرازيلية برازيليا إدراج موقع «الدرعية» التاريخي ضمن قائمة التراث العالمي، لينضم إلى «مدائن صالح» التي أدرجت قبل مدة في القائمة نفسها، بما يجعل من آثار المملكة العربية السعودية مركزًا للعناية والمتابعة، ويفتح من آفاق السياحة فيها. ويأتي إدراج الدرعية في هذه القائمة تكليلًا للجهود الكبيرة التي بذلتها المملكة ممثلة في الهيئة العامة للسياحة والآثار، التي وضعت نصب عينها تسجيل ثلاثة مواقع في القائمة العالمية، مدائن صالح، الدرعية، وجدة القديمة، لتظل الأخيرة في انتظار تقييم اليونسكو من أجل إلحاقها بالسابقتين في السجل العالمي، بما يفتح باب السؤال مشرعًا: ماذا ينقص المنطقة التاريخية القديمة بجدة حتى يتم تسجيلها، وكيف للمملكة أن تهيئها وبقية المناطق التاريخية والأثرية الأخرى من أجل إدراجها في اليونسكو، وكيف لنا أن نستفيد من هذا الإدراج في اقتصادنا السياحي على الوجه الذي يحقق معادلتي الربح والتعريف بحضارتنا.. عدد من المهتمين بشأن الآثار والتراث تناولوا ما وراء إدراج الدرعية في القائمة التراث العالمي، والجهود التي يجب أن تبذل لإدراج المنطقة التاريخية في جدة ليتم إدراجها أيضًا. شبه اعتماد استهلالًا قدم المدير التنفيذي لجهاز التنمية السياحية بمنطقة مكةالمكرمة محمد عبدالله العمري صورة لما تم اتباعه من أجل إدراج المنطقة التاريخية بجدة في قائمة التراث العالمي بقوله: من إحدى مميزات انضمام أي موقع لقائمة التراث العمراني العالمي بعد اعتماده لدى اليونسكو هو ما يحظى به من اهتمام كبير من شرائح عموم الناس أكثر منه قبل انضمامه، فبعد تسجيل اليونسكو لحي طريف بالدرعية أصبحت الأنظار متسلطة عليه أكثر من السابق، وهو ما سيخلق العديد من المناطق السياحية الجاذبة والتي تنعش مثل هذه المواقع المسجلة، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فذلك يزيد من شحذ همم الحكومات لتنفيذ المشروعات في المواقع المسجلة، لأن مثل هذه المواقع والتي تحظى بامتيازات عن غيرها ستكون محط إشراف ومراقبة دولية من دول المنظمة التابعة لليونسكو، وفي حال عدم تنفيذ المشروعات ستسحب تلك الامتيازات الخاصة لمثل هذه المواقع، فالمنظمة تتابع وبشكل مستمر خطة تطوير الموقع وطريقة تنفيذه؛ لذلك تحرص جميع الدول بما فيها المملكة العربية السعودية على عدم سحب أي موقع يسجل لدى المنظمة، وبالتالي ذلك سيدعم خطة أمانة جدة في تطوير المنطقة التاريخية في الاعتمادات المالية والجوانب التطويرية لها، لأن المنطقة التاريخية بطبيعة الحال وبدون أدنى شك هي مؤهلة أن تكون ضمن قائمة مواقع التراث العمراني العالمي، ولكن ينقصها جانب التطوير والذي يفترض أن يتزامن والإعلان عن انضمام أي موقع أثري، وبصرف النظر عن المنطقة التاريخية لدى اليونسكو، وهذا ما أقدمنا عليه عندما قمنا برفع ملف المنطقة التاريخية لدى المنظمة العالمية للتراث العمراني حيث إن ملف المنطقة التاريخية قد سلم في شهر يناير من العام الحالي 2010 إذ قمنا بإنشاء مكتب خاص بالمنطقة التاريخية فقط ويتبع للهيئة العامة للسياحة والآثار، كما قامت أمانة مدينة جدة بإنشاء بلدية فرعية مستقلة تعنى بالمنطقة التاريخية، وكان ذلك ضمن برامج التطوير التي أرفقناها مع الملف الذي رفعناه لليونسكو، يأتي هذا ضمن شروط انضمام أي موقع لدى منظمة التراث العمراني؛ إذ يقع ضمن شروط الانضمام إلى قائمة التراث العالمي وجود إدارة مستقلة تدير الموقع المسجل لديها، وهو ما فعلته الهيئة العامة للسياحة والآثار وأمانة مدينة جدة؛ إذ يترأس البلدية الخاصة بالمنطقة التاريخية مهندس فيما وضع مدير لمكتب الآثار هناك من المبكر الإعلان عن اسميهما بعد، رغم أن اسميهما مدرجان وشبه معتمدان، ولكن الوضع لا يقتضي الإفصاح هذه الفترة. جهود مكللة فيما أشاد الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي عضو مجلس الشورى بالجهود المبذولة من قبل رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار من اللجنة العليا لتطوير الدرعية برئاسة الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، والتي تتوجت باختيار الدرعية ضمن قائمة التراث العالمي، وذلك بعد عمل متواصل على تنفيذ مشروع متكامل في إطار برنامج إحياء الدرعية التاريخية، والحفاظ على هذا الموقع التاريخي المهم وتطويره، منوهًا كذلك بجهود الهيئة العامة للسياحة والآثار برئاسة الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز. مضيفًا بقوله: السعودية كانت قد دخلت ضمن لائحة التراث العالمي لأول مرة في عام 2008، حيث تمكنت من تسجيل مدائن صالح كأول موقع سعودي في اللائحة العالمية. كما يدرس مركز الايكوموس حاليًا ملف الموقع السعودي الثالث المرشح للائحة العالمية، وهو جدة التاريخية، الذي سيناقش في مؤتمر لجنة التراث العالمي الذي سينعقد في البحرين في شهر يوليو المقبل. وتعد الدرعية واحة من واحات وادي حنيفة، تقع في منطقة انعطاف وادي حنيفة، حيث نشأت على وادي حنيفة واحات كثيرة تميزت بالاستقرار الحضري منذ أقدم العصور. وسميت بهذا الاسم نسبة إلى ابن درع حاكم اليمامة، أو نسبة إلى الدرعية التي قدم منها آل سعود في شرق الجزيرة العربية، فسكنوا المنطقة الواقعة ما بين غصيبة والمليبيد. وبقدوم جدهم مانع المريدي يبدأ تاريخ تأسيس الدرعية من عام 850ه/1446م. وقد تبوأت الدرعية صدارة طريق الحجاج إلى مكةالمكرمة، ولهذا امتد سلطانها إلى عدد من قرى وادي حنيفة، وقد ظهرت الدعوة الإصلاحية في ربوعها بعد أن احتضن حاكمها الإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى (1157 - 1232ه/ 1788 - 1818م) دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب، حيث بدأت صفحة جديدة في تاريخ الدرعية وانطلقت منها رسالة الإصلاح، وتحقق من خلالها الكثير من النجاحات، وعلا شأن الدرعية السياسي والعسكري، ونشطت في ربوعها الحركة العلمية، وغدت منارة للعلم ومقصدًا للعلماء، وتقاطر التجار على أسواقها، ونشطت فيها الحركة التجارية والاقتصادية. واشتهر أئمة الدولة السعودية الأولى بالعلم والعدل والحزم، والالتزام بالقيم الدينية والتمسك بروح العقيدة الإسلامية والعادات الحميدة، ولهذا استتب الأمن، وعاش الناس مطمئنين في حياتهم، وآمنين على أرواحهم وأملاكهم، وامتد نفوذ الدرعية ليشمل معظم أجزاء الجزيرة العربية. وظلت الدرعية أشهر مدينة في وادي حنيفة خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين (السابع عشر والثامن عشر الميلاديين). ويضيف الزيلعي: أولت الدولة اهتمامًا مباشرًا بالدرعية التاريخية، وقد توج هذا الاهتمام بصدور الأمر السامي بالموافقة على أن تتولى الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض مسؤولية تطوير الدرعية، وشمل برنامج تطوير الدرعية التاريخية القرى والأحياء الواقعة على الضفة الشرقية من وادي حنيفة، ومنها غصيبة والظهرة والظويهرة والبجيري والمليبيد، والواقعة أيضًا على الضفة الغربية، ومنها حي الطريف وما يتصل به من روافد الوادي وشعابه، ويتم العمل على تنفيذ هذا المشروع بالتعاون المستمر بين الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، والهيئة العامة للسياحة والآثار، ومحافظة الدرعية وبلديتها. واستمرت عناية الدولة بالدرعية التاريخية عندما صدر الأمر السامي بتكليف الهيئة العامة للسياحة والآثار بالعمل على تسجيل موقع حي الطريف بالدرعية ضمن القائمة الأولية للمواقع المراد تسجيلها في التراث العالمي. وتقع محافظة الدرعية شمال غربي مدينة الرياض، على بعد عشرين كيلومترًا من مركز المدينة، إلا أنها مؤخرًا اتصلت بها مع امتداد العمران، رغم أنها لا تزال تتمتع باستقلال إداري ضمن إمارة منطقة الرياض، والدرعية القديمة تقع على ضفاف وادي حنيفة، الذي يقسمها نصفين. وتتكون الدرعية من عدة أحياء رئيسة هي: حي الطريف، ويقع فوق الجبل الجنوبي الغربي من منطقة الدرعية، وهو حي محاط بالسور الأثري القديم، ويشرف من علو بارز على باقي المدينة، وفيه قصور آل سعود، وما زالت الآثار موجودة، ويزوره الكثير من الزوار لأخذ صور لتلك الآثار، كما يضم الحي مسجد الإمام محمد بن سعود وحي غصيبة، وهو الحي الرئيسي للدرعية القديمة وقاعدة الدرعية حتى 1100ه، ويقبع الحي على سفح الهضبة الواقعة عند زاوية التقاء شعب قليقل بوادي حنيفة، وللحي ثلاثة أسوار، ويأخذ الشكل المثلث، وجهته الجنوبية هي زاوية التقاء الرافد بالوادي، ويبلغ طول السور الشمالي 211 مترًا، وطول السور الغربي المشرف على وادي حنيفة 308 أمتار، فيما يبلغ طول السور الشرقي 308 أمتار أيضًا، وحي البجيري ويقع على الضفة الشرقية من وادي حنيفة وبه مسجد الشيخ محمد بن عبدالوهاب ومدرسته وبيته. تحفيز الآثاريين كذلك أكد عضو اللجنة الاستشارية للآثار والمتاحف الدكتور عبدالرحمن الطيب الأنصاري أن هذا الحدث بعث الحبور والفرحة في نفوس الأثريين من علماء ومهتمين، ذلك أن حدث تسجيل حي الطريف في قائمة التراث العالمي جاء بعد الاعتراف بمدائن صالح (الحجر) معلمًا عالميًا، ما يدعم الجمعية السعودية للمحافظة على التراث التي أنشئت في سبيل دعم هذه النماذج التاريخية للتراث العمراني، لافتًا إلى أن الدرعية وحي الطريف بشكل خاص يمثلان مرحلة تاريخية متميزة في تاريخ دولتنا المملكة العربية السعودية، حيث تعد الدرعية من أقدم المستقرات البشرية منذ عصور ما قبل التاريخ وفجره، وترقد على ضفاف وادي حنيفة مشكلة إحدى أهم نقاط التقاء طرق التجارة التي كانت تربط ما بين شرق الجزيرة العربية وغربها وشمالها وجنوبها. وأشار إلى أن دور الدرعية السياسي والحضاري برز مع تسلم الإمام محمد بن سعود مقاليد الحكم في نجد وتأسيس الدولة السعودية الأولى سنة 1139ه/ 1726م، وعلى مدى قرن من الزمان تقريبًا هو عمر الدولة السعودية الأولى نمت الدرعية وتطورت وازدهرت، وصارت مركزًا سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا، ووصفها المؤرخون المعاصرون في فترات ازدهارها بأنها كانت مدينة عامرة، بها العديد من الأحياء والمساجد والمباني، ويحيط بها سور ضخم مزود بأبراج وحصون، ويعد حي الطريف من أبرز أحياء الدرعية بما يضم من قصور وميادين ومساجد. واعتبر الدكتور الأنصاري أن «حصول الدرعية على هذا التقدير -وهو أقل مما تستحقه- يعني أننا استطعنا أن نثبت للعالم أن لدينا كنوزًا سوف ترتفع بالمملكة إلى قمة التفوق الحضاري والاجتماعي والثقافي، وأن النظرة السابقة التي كان ينظر بها إلى الجزيرة العربية بعامة والمملكة بخاصة لابد أن تتغير والشواهد على ذلك كثيرة»، مشيرًا إلى أن المملكة تعج بالمواقع الأثرية التي تدل على حضارة عريقة في القدم، وعلى عبق تاريخي متميز، وجميعها تستحق أن تُسجل على قائمة التراث العالمي، وما موقعا الحجر والدرعية إلا بداية فقط في هذا المضمار. من جهة أخرى، عدَّ الدكتور سعد بن عبدالعزيز الراشد مستشار رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار للتراث والآثار هذا النجاح خطوة رائدة للهيئة العامة للسياحة والآثار والجهات ذات العلاقة، ويأتي للتأكيد على أن الهيئة اتخذت منهجًا علميًا وإداريًا وفنيًا رصينًا في تعاملها مع المواقع الأثرية والتاريخية في المملكة، وفقًا للمعايير المتفق عليها دوليًا في التوثيق والتسجيل والدراسة والبحوث، والشراكة المميزة مع أجهزة الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المحلي، ولهذا فإن هذا الحدث مهم للغاية لكونه يسجل اعترافًا دوليًا بالقيمة التراثية والحضارية المميزة للدرعية التاريخية. وعن حصول ملف الدرعية على إجماع كامل ودون الحاجة إلى تصويت، قال: «بحسب متابعتي لمنهجية عمل لجنة التراث العالمي فإن هذا يعد من الحالات القليلة التي اتخذتها اللجنة في قبول تسجيل المواقع التراثية والطبيعية على قائمة التراث العالمي»، مرجعًا السبب في ذلك إلى «أن ملف حي الطريف أعد بعناية فائقة، وشارك في إعداده مختصون بارعون في الهيئة العامة للسياحة والآثار والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وتم الأخذ بكل المعايير التي وضعتها الجهات المختصة في منظمة اليونسكو، كما أن واقع العمل في حي الطريف من حيث التوثيق والمحافظة والتسجيل والترميم والتوظيف لآثار ومعالم المنطقة التاريخية قد لا يتوفر في كثير من المواقع التاريخية والأثرية في بعض الدول، ويضاف إلى ذلك أن الدرعية التاريخية تتميز بعناصر قوة تتمثل في تاريخها المرتبط بنشأة الدولة السعودية الأولى، والشواهد التاريخية والمعمارية الباقية التي تدل على الدور الكبير لهذه المدينة منذ نشأتها، فقد كانت من أكبر الحواضر العربية والإسلامية في الجزيرة العربية، وتميزت بخصائص مهمة سياسية وثقافية وفكرية واقتصادية واجتماعية، إلى جانب أن النسيج العمراني لحي الطريف بعناصره التخطيطية والفنية ووظائف المباني المتعددة من مساجد ومنازل ودور وقصور وحصون وأسوار وأبراج ومرافق متعددة والبيئة المحيطة، جعل من الدرعية التاريخية أنموذجًا فريدًا لا مثيل له. وأوضح الراشد أن تسجيل الدرعية التاريخية على قائمة التراث العالمي سيؤدي إلى مواصلة الجهود المشتركة بين الهيئة العامة للسياحة والآثار والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض لاستكمال البني التحتية في الدرعية وتهيئة الموقع بأكمله وتوظيف المباني الجاري ترميمها حسب الدراسات المعتمدة لكل مبني، والشروع في تنفيذ الفعاليات الثقافية والحرف والصناعات التقليدية والبرامج التعليمية الموجهة للطلاب والطالبات على حد سواء. كما أن تسجيل الدرعية على قائمة التراث العالمي سيشجع القطاع الخاص وملاك المباني والمزارع المرتبطة بالمنطقة التاريخية والمجتمع المحلي على تبني مشروعات ذات نفع اقتصادي، خاصة أن موقع حي الطريف وما يرتبط به من معالم يتميز بقربه من الرياض العاصمة ومجاور لمحافظة الدرعية، وعلى مفترق طرق رئيسة وريفية، ويشرف الموقع على وادي حنيفة المتميز بجمالية تكوينه الطبيعي وما عليه من مرافق وخدمات، خاصة السدود المائية. امتياز ثقافي ويؤكد الدكتور زياد الدريس، سفير المملكة لدى منظمة اليونسكو، أن تسجيل (الدرعية التاريخية) في لائحة التراث العالمي لم يكن أمرًا سهلًا أو يسيرًا، بل أنه وصل الحال بالوفد السعودي المشارك في مؤتمر لجنة التراث العالمي الذي انعقد في البرازيل الأسبوع الماضي، إلى الشعور في بعض لحظات المؤتمر بأن الوضع أصبح معقدًا وصعبًا، لكن بعد مضي نصف ساعة من النقاش حول الموقع، الذي استمر ساعة ونصف، بدأت الأمور تنفرج قليلًا وتتضح جدوى التحركات الدبلوماسية ما قبل الاجتماع والردود الفنية أثناء الاجتماع، حتى تحقق الهدف بحمدالله، وأعلنت رئاسة اللجنة عن قبول تسجيل الموقع السعودي في اللائحة العالمية. وفي مجال المقارنة بين أوضاع المواقع السعودية الثلاثة المقدمة إلى منظمة اليونسكو، أشار الدريس إلى أن موقع مدائن صالح (الذي سجل عام 2008 م) كان هو الأسهل مقارنة بما سيليه، وأن موقع جدة التاريخية (الذي سيناقش عام 2011 م) سيكون هو الأصعب بالنظر إلى حالة الموقع المأهول بالسكان، والذي تعرض إلى عدد من حوادث الانهيار والحريق والاستخدام السيئ للموقع من لدن فئة من ساكنيه الذين لا يدركون أبعاده التاريخية والتطلعات المرسومة للحفاظ عليه كمكنون ثقافي وطني يراد له أن يكون عالميًا بإذن الله، وأن القرارات التي وجه بها سمو أمير منطقة مكةالمكرمة الأسبوع الماضي ستخفف من تعقيدات وضع الموقع، وخصوصًا منها قرار تعيين إنشاء بلدية مستقلة جدة التاريخية وتعيين رئيس لها. وأكد السفير السعودي لدى اليونسكو أن تسجيل المواقع الآثارية في لائحة التراث العالمي هو امتياز ثقافي تمنحه هذه المنظمة الدولية الكبرى (اليونسكو) المعنية بثقافة وتراث وذاكرة العالم. لكن هذا الامتياز الذي يعود على الموقع والدولة بمكاسب معرفية ومادية ومعنوية، ينطوي بالمقابل على التزامات وضوابط يجب إتباعها، وإلا أصبح الموقع مهددًا بإسقاطه من اللائحة، من خلال الإجراءات التي تتخذها اللجنة لاحقًا بشأن مراجعة المواقع المسجلة وتحويلها إلى لائحة المواقع المهددة بالخطر أو إسقاطها من اللائحة إذا أصرت الدولة العضو على عدم الالتزام بضوابط اليونسكو، ومركز التراث العالمي التي لا تقل أهميتها فيما بعد التسجيل عنها فيما قبل التسجيل، ويأتي في مقدمة تهديدات الموقع إنشاء مبانٍ جديدة داخل الموقع المسجل أو في المنطقة الحامية له (البفر زون) مما يؤثر على أصالة الموقع الذي هو من أهم المعايير التي اختير على ضوئها أي موقع جديد في اللائحة. وفي ختام تعليقه، أشاد د. زياد الدريس بالتعاون المتكامل والمثمر من الهيئة العامة للسياحة والآثار برئاسة الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز مع اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم برئاسة سمو وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد، ومعالي نائبه الأستاذ فيصل بن معمر، في دعم مساعي المندوبية الدائمة لدى اليونسكو لتنشيط وتفعيل الحضور السعودي في المنظمة، وتحديدًا في مجال الحفاظ على التراث المادي، وتمنى أن يحظى الحفاظ على التراث غير المادي للمملكة بنفس الاهتمام.