رأيتُ فيما يرى النائم أنّي أكتب مقالاً بعنوان (كشّاف أبي).. كنت أكتب المقالة في (الحلم) وأبي بهيبته المعروفة يتّجلى أمامي حاملاً عصاه وكشّافه، يسير بخطاه الواثقة التي لم يوهنها ضعف الكبر، كنت أكتب كشّاف أبي أضاء الكثير.. لكنّي مع الأسف استقيظت من نومي، وأنا لم أكتب الكثير.. ولا أتذكّر ما كتبت، ولا أعلم لماذا آتاني كشّاف أبي في حلمي في حين أنني لم يسبق لي أن استرعى انتباهي قط..!! استقيظت وفي نفسي ألف فكرة وحيرة، وأنا أردد كشّاف أبي أضاء لنا الكثير، ثمّ ماذا؟ لماذا استقيظت؟ أين ذهب الكشّاف؟ أين ذهب أبي؟ لماذا لم يكتمل الحلم.. ماذا أراد كشّاف أبّي أن يضيء لي من جديد؟؟ يا الله.. رأيته في منامي يتوكأ على عصاه ويضيّ مصباحه مكبرًا..!، استقيظت واستعدتُ رؤيته في شتاء قارس، وظلام حالك وضباب خانق، يتوضأ قبل الفجر تجلجل تكبيراته وتسبيحاته أرجاء المكان، أسمعه يؤدي سنّة الفجر، ثم ينطلق ملبيًا نداء الفجر.. لم يمنعه كبر سنه، ولا برودة الشتاء ولا الضباب الكثيف ولا ظلمة الليل.. أن يُشعل (كشّافه) وينطلق ماشيًا إلى المسجد.. يا الله يا أبي كم كنت عظيمًا لم ولن يُشبهك أحد.. حاولت كثيرًا أن أكون مثلك.. لم أنجح ولم ينجح أحد من بعدك ولا قبلك.. كيف استطعت يا أبي أن تفعل ذلك؟؟ كيف استطعت أن تجمع كل هذه الهيبة وكل ذاك الحنان..؟ لازلتُ يا أبي أحاول.. أتعلّم.. أمارس شيئًا مما علمّتنا لا تحزن إن فشلت، إن فشلنا.. سنحاول حتما وسننجح وسنكون مثلك.. كشّافك يا أبي أتاني في نومي في حلمي لأكتب عنه.. مالا أستطيع كتابته ولا تسعفني مفردات العالم في صياغته.. فعذرًا يا كشّاف أبي حيثُ أنّي لم أفكر يومًا فيك ولم اسأل إخوتي عنك.. ولا أعلم أين أنت؟ عذرًا يا كشّاف أبي.. لأنك لم تلفت انتباهي يومًا ولم أكتب عنك قط وعذرًا وأسفًا أنّي لم أفهم حتى الآن ماذا أردت أن تُضيء لي من جديد..!! عذرًا يا كشّاف أبي حيث ليس لدّي ما يليق بك.. إلا أنك أضأت عوالمنا في وجود أبي وغيابه.. فاللهمّ رحمة من لدنك تحتضن أمّي وأبي حتى الجنّة.