اعتبر مراقبون دوليون، اليوم الاثنين، أنّ الانتخابات البرلمانية في بيلاروسيا لم تظهر أي احترام للمعايير الديموقراطية، وذلك بعد أن فشل معارضو الرئيس الكسندر لوكاشينكو في الحصول على مقعد واحد. ودانوا ما قالوا انه عمليات تزوير واسعة وتجاوزات في انتخابات الاحد رغم جهود لوكاشينكو التقارب مع الغرب. وقالت مارغريتا سيديرفيلت رئيسة بعثة المراقبة قصيرة الأجل لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا للصحافيين في مينسك إنّ "هذه الانتخابات تفتقد احترام الالتزامات الديموقراطية". وحذّرت من أن "الانتخابات التشريعية تواجه خطر أن تصبح أمرا شكليا" في الجمهورية السوفياتية السابقة التي يحكمها لوكاشينكو بقبضة من حديد منذ العام 1994. وأظهرت النتائج الرسمية التي نشرت اليوم الاثنين فوز الأحزاب الموالية للرئيس بجميع مقاعد مجلس النواب وعددها 110. وتصف المعارضة المجلس بانه "شكلي". وكانت المعارضة تشغل مقعدين في البرلمان السابق. وأكثر من نصف النواب الجدد موظفون حكوميون بما في ذلك مسؤولون وصحافيون يعملون في وسائل إعلام حكومية. ومن أبرز النواب الجدد ملكة جمال البلاد للعام 2018 ماريا فاسيليفيتش (22 عاما) التي ظهرت الى جانب لوكاشينكو في المناسبات الرسمية خلال الاشهر الماضية. وأشرف لوكاشينكو (65 عاما) الذي يوصف بأنه "آخر دكتاتور في أوروبا"، على عدد من الانتخابات اعتبرها المراقبون الدوليون غير نزيهة. ومن المقرر أن تجري البلاد انتخابات رئاسية العام المقبل. وأكد لوكاشينكو أثناء ادلائه بصوته الاحد انه سيكون مرشحا. وقال انه يدرك ان الدول الغربية تراقب الانتخابات البرلمانية، ولكن سكان بيلاروسيا لهم الكلمة الفصل. واضاف "نجري هذه الانتخابات في بلادنا من أجل شعبنا، ولتحسين الأمور، ونجريها بحسب فهمنا". بدورها، دعمت روسيا الانتخابات، إذ أبلغ وزير الخارجية الروسيّ سيرغي لافروف نظيره البيلاروسي في موسكو أنّ الانتخابات شكّلت حدثا مهما. وقال لافروف حسبما نقلت عنه وكالة ريا نوفوتسي "أوّدأن اهنئ اصدقائنا على اجراء (الانتخابات) بنجاح". السعي للتقارب مع الغرب ولم يكن أمام منتقدي لوكاشينكو سوى خيارات قليلة عند صناديق الاقتراع، بعد منع قادة المعارضة الرئيسيين ونائبي المعارضة الوحيدين في البرلمان الحالي من الترشح. وأفادت حملة مراقبة الانتخابات التي نظمتها أحزاب المعارضة عن 524 انتهاكاً بعد ظهر الاحد، معظمها تضخيم أعداد الناخبين في مراكز الاقتراع مقارنة مع الاعداد التي أحصاها المراقبون. وندّد رئيس حزب الجبهة المدنية الموحدة والمرشح الخاسر بالانتخابات "المزورة". وأفاد وكالة فرانس برس الاثنين "مع هذا التزوير المخزي والمعيب، تترك السلطات الناس بلا خيار ... فهم يدفعون الناس إلى الشوارع". فيما قال كورين يونكر رئيس بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا للمؤسسات الديموقراطية وحقوق الانسان للصحافيين في مينسك "لقد كان هناك أجواء من الترهيب" خلال الحملة الانتخابية و"حتى اعتقالات مؤقتة لبعض مرشحي المعارضة". واشتكى نشطاء حقوق الانسان الذين يراقبون عملية التصويت من طرد المراقبين ومنعهم من التقاط صور وحجب الرؤية عنهم. وبحسب السلطات فقد صوت أكثر من 35 في المئة من الناخبين البالغ عددهم 6,8 ملايين قبل يوم الاقتراع. ويسعى لوكاشينكو منذ أشهر للتواصل مع الدول الغربية التي تنتقد سجله في حقوق الإنسان والديموقراطية. وقام لوكاشينكو بزيارة نادرة إلى أوروبا الغربية هذا الشهر قابل خلالها قادة النمسا في فيينا. وقال إنه يريد أن يكون الاتحاد الأوروبي "شريكًا سياسيًا وتجاريًا مهمًا" لبلاده. كما استقبل جون بولتون مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض آنذاك لإجراء محادثات نادرة في مينسك في أغسطس، وقال إن هناك "فصلاً جديداً" في العلاقات مع واشنطن. ويتطلع لوكاشينكو إلى الغرب لاتخاذ مزيد من الخطوات بعد رفع بعض العقوبات المفروضة على بلاده اثر قمع احتجاجات 2011 . كما يسعى للحصول على توازن في العلاقات مع جارته العملاقة روسيا التي تحرص على ضمان بقاء بيلاروسيا ضمن دائرة نفوذها. وشكل البلدان "اتحاداً" رمزياً وعززا العلاقات التجارية والعسكرية بينهما، لكن لوكاشينكو عارض الوحدة الكاملة. وقال أمس الأحد "من يريد اتحادا مثل هذا؟" متذمرا من ان روسيا "تواصل طرح شروط جديدة". وكانت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي مايا كوشيانسيتش قالت إن الاتحاد الأوروبي يراقب الانتخابات من كثب. وصرحت للصحافيين في بروكسل أن "معاييرنا عندما يتعلق الأمر بالانتخابات مرتفعة للغاية .. لا نتوقع أي شيء آخر عندما يتعلق الأمر ببيلاروسيا: انتخابات شفافة نزيهة تتفق مع المعايير الدولية". وقالت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في تقرير لها هذا الشهر "الناس لا يتوقعون أن تكون الانتخابات تنافسية حقا"، مؤكدة ان ثقتها في العملية "ضئيلة". وقد أرسلت المنظمة 400 مراقب إلى هذه الانتخابات. ولم تعترف بأن أي انتخابات في بيلاروسيا منذ عام 1995 كانت حرة ونزيهة. واشتكت أحزاب المعارضة من أنها واجهت صعوبة في تسجيل المرشحين وحتى المراقبين.