* من رُزق البنات فقد رُزق قلوبًا له خارج جسده، حقيقة يدعمها واقع حنان البنت على والديها، وما أنعم الله به على البنت من عاطفة جياشة، وقلب (رحوم) يلمسه كل أب وأم من خلال تعامل البنات في محيط الأسرة، وكيف أنهن يعنين للأسرة فضاءً رحبًا من الحب، وذاكرة مشرقة من السعادة لا تغيب أبدًا عن الوالدين. * وهنا أستحضر حديث أحد القضاة الذي قال فيه: «عملت في القضاء لأكثر من خمس وعشرين سنة لم يمر عليّ قضية عقوق واحدة من بنت لوالديها» بل إنني أستشهد بمن امتنعت عن الزواج لا لشيء سوى رغبتها في البقاء بجانب والدها (المريض)، فأي بر هذا؟ والشواهد على ذلك لا تُحصى. * البنات شُرفة مشرعة نحو معنى الحياة، حيث يلمس كل أب أن نعمة (خِلفة) البنات باب رزق، وأحسب هنا أن الرزق لا يعني بالضرورة المال، فما يجده الأب من بناته من بر، وما يولينه من عطف، وما يراه منهن من امتداد لنبض حنان وعطف الأم؛ لهو أعظم رزق حيث لا يغني عن ذلك جاه ولا مال. * البنات بقدر ما فيهن من ضعف، إلا أنهن أقوى في غرس مفهوم (المودة) بمعناها الشامل، فهن السعادة ومن يصنعها، فعندما يصبح الخارج في عين الأب كبوة جواد، فيكفي أن يستحضر في الذاكرة نبض بناته من حوله؛ ليعاود النهوض إن لم يكن لأجله؛ فلأجل من جعلن لحياته معنى، كما هو صنع (بناته). * البنات صبر على تربيتهن، وتكاليف معيشتهن، يُورث (كُنَّ لَهُ) كما هو حديثه صلى الله عليه وسلم، وهو فضل ليس إلا لمن رُزق البنات، فما أعظمه من فضل، حيث تطيب بهن الحياة الدنيا، ويعظم من ورائهن أجر الآخرة حد (الحجاب من النار)، فهل يماثل رزق البنات للآباء من رزق؟! * البنات للأمهات هنا التقاء (نبع الحنان)، على أرضية من صناعة (الحب)، هنا التربية، والقرب المتسق مع طبيعة التكوين، هنا البر الذي يقدم نماذج لا تحصى من أمثلة مشرفة لبنات هن لأمهاتهن عناوين بر، وعطف، وحنان يدفع كل أم إلى أن تحمد الله على ذلك اليوم الذي بُشرت فيه بأنثى. * رزق البنات أحبتي حديث لا يمل، فمن عايش ذلك واقعًا أثق أن لديه ما يفوق هذا المقال تعبيرًا، ولديه من عناوين حب بناته له، وحبه لهن ما يجلي صورة كيف هو في قلوبهن، وكيف هن في قلبه، وإنني لأجد في صورة صراع كل أب مع دموعه حين يزف أحد بناته، ما يعبر بصدق على عِظم نعمة: مبروك جالك بنت، وعلمي وسلامتكم.