نشرت صحيفة المرصد الإلكترونية خبراً فاضحاً عن تسبّب إدارة الموارد البشرية في هيئة الغذاء والدواء بأزمة كبيرة بعد إرسالها لرسالة إلكترونية بالخطأ لجميع موظّفيها، كشفت فيها عن رواتب شهرية فلكية تصل إلى 80 ألف ريال للمديرين، ثمّ عادت الهيئة وحذفت الرسالة، وتوعّدت الموظّفين الذي يَفْشُون فحوى الرسالة بالفصل!. وبعيداً عن هذه الهيئة وفي العموم، فإنّ صرف رواتب فلكية للكثير من مديري الجهات الحكومية، خصوصاً الجهات المُؤسَّسَة حديثاً هو أمر واقع، وأزيد من الشعر بيتاً بأنّه ليس محصوراً في الرواتب، بل كذلك في كافّة الحوافز المادية الأخرى والبدلات مثل السكن والعلاج وتذاكر السفر وتكلفة الانتدابات الداخلية والخارجية وخارج الدوام وغيرها، ولا يستفيد منه سوى المديرون في الجهة الواحدة، وكِفّة ما يتمتّعون به ترجح في الميزان كِفّة ما يُصرف للسواد الأعظم من الموظّفين!. وهذا قد يكون طبيعياً ولا اختلاف عليه فيما لو جرى في جهات متخصّصة بأعمال نادرة لا يمكن إنجازها إلّا بفِكْر عبقري وإدارة خارقة لمديريها ممّا لا يتوفّر عند بقيّة الموظّفين، أمّا أن يجري في جهات عادية يكاد يتساوى أداؤها بين المديرين والموظّفين، وربّما كان للموظّفين أداء تفصيلي أكثر وأدقّ، فهو يضرّ بالأكثرية ويُحبِطها، ويكون لسانُ حالها هو أنّ رواتبنا قليلة رغم عملنا الكثير، بينما تُديرنا قلّة من المديرين يستأثرون بنصيب الأسد من الرواتب وأخواتها، فلماذا نُخلِص في العمل؟ بل لماذا نعمل أصلاً؟ وهو لسان حال خاطئ لكنّه يحصل، وفساد الموظّفين إن بدأ يبدأ للأسف من هذا الأمر، وهنا يبدأ الخطر!. أنا أتمنّى إجراء تصحيح لرواتب المديرين، كي تكون متوازنة، ولا مكان للفلكية فيها بل للمنطقية والمعقولية، وإن كانت هناك ضرورة لتمييز المديرين فلا تكوننّ بهذا الفارق الشاسع بينهم وبين الموظّفين، ودعوني هنا أشبّه المنظومة الوظيفية لأيّ جهة حكومية بالجبل، والموظفون مثل قاعدة الجبل، إنّها مهمّة كالقمّة، والاعتناء بها بأهمية الاعتناء بالقمّة، أمّا أن تستأثر القمّة دون القاعدة بالهواء الوفير، والزرع الكثير، والريّ الغزير، فذلك بالتأمّل وإعادة النظر شيء جدير!.