الأمن كنز ثمين، فبه تحفظ الأنفس، وتصان الأعراض والأموال، وتأمن السبل وتقام الحدود، والأمن نعمة منَّ الله بها على عباده فبدونها لا يهنأ عيش ولا يتحقق استقرار أو تنمية ولا يكون هناك ازدهار، فقد يتحمل الإنسان الفقر والجوع والعطش ولكنه لا يمكن أن يعيش في غياب الأمن، ولذلك جاءت دعوة الخليل إبراهيم عليه السلام قائلاً (رب اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات) فقدَّم نعمة الأمن على نعمة الطعام والغذاء لعظمها وخطر زوالها، فغياب نعمة الأمن يؤدي إلى الفساد في الأرض وانتشار الجهل والفوضى والخراب والظلم والعدوان. إن من ينظر في أوضاع بعض الدول من حولنا يعرف حقاً ما تعنيه هذه النعمة من قيمة عظيمة، فكم من بلاد حولنا يعيش أهلها الخوف والذعر والقلق والاضطراب فلا يأمنون على أرواحهم ولا على أموالهم ولا على منازلهم ولا يتمتعون بحياة بل إن بعضهم ينتظر الموت يأتيه في كل لحظة، ولا يقتصر المفهوم العام للأمن على الوضع العسكري بل يشمل الأمن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي فإن تحقق ذلك الأمن بهذا المفهوم الشامل عمت الطمأنينة والأمان. بالأمس نشرت صحيفة (الوطن) نتائج تقرير بحثي حديث لمؤسسة الملك خالد الخيرية لعام 2019م بعنوان (العدالة عبر الأجيال نحو إطار وطني للازدهار) يبين أن 97% من السعوديين يشعرون بالاطمئنان على سلامتهم الشخصية من الجريمة والعنف، ويشعر 88 % بالأمان أثناء المشي في الليل وحدهم في المملكة وذلك مقارنة بشعور 69% من سكان دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالأمان أثناء المشي ليلاً وحدهم، كما بلغ متوسط معدلات ضحايا جرائم القتل العمد في المملكة 0,67 لكل 100 ألف من السكان خلال عام 2018م مقارنة بمعدل عالمي يصل إلى 6,4 ضحية لكل 100 ألف وقد أشارت المؤسسة بأن ذلك المعدل يعد متدنياً وأن الشعور بالأمن والأمان يعد إحدى ركائز الازدهار لما يوفره من طمأنينة وعيش كريم يحمي الفرد من التعرض لخطر التعدي على النفس والمال. (الأمن) ليس كلمة تقال بل هو أمل ينشده الكثيرون في العديد من دول العالم، ونحن ولله الحمد والمنة نعيش في وطننا ونحن مطمئنون على أرواحنا وأموالنا ولا نملك إلا أن نرفع أكف الضراعة بأن يحفظ الله وطننا من شر الأشرار وأن يؤيد جنودنا البواسل الذين يقفون صفاً واحداً على حدودنا ليحمونا، ويبيتون الليل وهم مستيقظون لننام نحن وأبناؤنا آمنين.