كشف مديرإدارة الأمن الفكري بالمسجد الحرام محمد بن غالب البقمي عن برامج لربط الأمة بالعلماء وإبراز توجيهاتهم وفتاواهم، ونشر ثقافة الحوار وآداب الاختلاف، وإبراز سماحة الإسلام ويسره، وتوضيح العقيدة الصحيحة،وترسيخ منهج الوسطية والاعتدال القائم على العلم النافع والعمل الصالح. وقال في حوار مع «المدينة»: إن إدارته تضطلع بمسؤولية النهوض بمستوى الأمن الفكري، وتفعيل الأبحاث والدراسات المتخصصة فيه، وربطها بالقضايا المستجدة والنوازل الحادثة، والعمل على غرس الاهتمام بالأمن الفكري في عقول الشباب وتحصينهم، لتكوين جيل مميز يتحلى بالوسطية والاعتدال، مؤكدًا استثمار وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لنشر الأمن الفكري والاعتدال والوسطية، وأكد حرص ولاة الأمر على مناصحة المغرر بهم وإيضاح سبل الحق لهم، مؤكدًا أن المملكة أصبحت نبراسًا تهتدي به مراكز الأبحاث في مواجهة الإرهاب. وشدد على دور التعليم في غرس الولاء للوطن والقيم السمحة للإسلام في نفوس الطلاب. فإلى نص الحوار: دعم الوسطية والاعتدال •• في ظل التحديات الراهنة، ماهي أبرز مهام إدارة الأمن الفكري بالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام؟ أنشئت إدارة الأمن الفكري في عام 1435ه، بقرار من الرئيس العام الدكتورعبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، وكانت في ذلك الوقت تنضوي إداريًا تحت إدارة التوجيه والإرشاد بمسمى (وحدة الأمن الفكري)، وحظيت برعاية الرئيس العام الذي وجه آنذاك بتشكيل لجنة تضم نخبة من المشايخ لدعم الوحدة في مهامها، ثم صدر قراره في1436ه بأن تكون إدارة للأمن الفكري، ثم صدر قراره بإضافة ثلاث وحدات إليها، وهي (وحدة الوسطية والاعتدال، ووحدة الحوار، ووحدة التوعية الفكرية) وتعمل الإدارة على ربط الأمة بالعلماء وإبراز توجيهاتهم وفتاواهم، ونشر ثقافة الحوار وآداب الاختلاف، وإبراز سماحة الإسلام ويسره، وتوضيح العقيدة الصحيحة، ومنهج التلقي السليم عند السلف الصالح، وترسيخ منهج الوسطية والاعتدال القائم على العلم النافع والعمل الصالح، وتقوية اللحمة، وجمع الكلمة، وتوحيد الصف، والتحذير من الفرقة والتشرذم، وتحقيق الريادة في تقديم الخدمات البحثية والاستشارية المتخصصة في قضايا الأمن الفكري. وتضطلع بمسؤولية النهوض بمستوى الأمن الفكري، وتفعيل الأبحاث والدراسات المتخصصة فيه، وربطها بالقضايا المستجدة والنوازل الحادثة، والعمل على غرس الاهتمام بالأمن الفكري في عقول الشباب وتحصينهم، لتكوين جيلٍ مميزٍ يتحلى بالوسطية والاعتدال، ويملك آليات التعامل السليمة والبصيرة في الفهم، وفرزالأفكار المنحرفة وتفكيكها، وتفنيدها، وإحلال الأفكار الصحيحة محلها. خطط ثلاثية لنشر الأمن الفكري •• ما هي أبرز الأنشطة التي تقوم بها إدارة الأمن الفكري على مستوى منطقة مكةالمكرمة والمملكة وخارج البلاد؟ تعمل الادارة في عدة محاور وخطوط متوازية، من خلال استثمار وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لنشر الأمن الفكري والاعتدال والوسطية، وجذب الشباب وسائر أفراد المجتمع لتصل إليهم الرسائل المطلوبة، وهناك صفحة في موقع الرئاسة العامة تناقش قضايا الأمن الفكري، وأبحاث وكتب جديدة ونوعية يتم نشرها، وتغذي بها وسائل التواصل عمومًا، وصفحة الأمن الفكري بموقع الرئاسة خصوصًا. ولدينا برامج مكثفة طوال العام ولاسيما في شهر رمضان وموسم الحج، مع حرصنا على الاستفادة من توجيهات أعضاء هيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للإفتاء، وأئمة الحرمين الشريفين. كما أن هناك برامج خارج المسجد الحرام؛ حيث نتلقى دعوات من الجهات الأمنية والتعليمية لإلقاء محاضراتٍ في مجال الأمن الفكري، ومن أهم هذه البرامج: البرنامج الخاص بأبناء الشهداء، اما جانب المطبوعات، لايستهان به؛ إذ يستهدف مخاطبة الشباب والوصول إليهم بأفضل طريقة، مع مراعاة أن تكون المطبوعات متميزةً بالجودة في المضمون، وحسن العرض، وتقريب المعلومة، والوصول إلى الهدف من أقرب طريقٍ. وهذه المشاركات تنتقل عبر كبريات المعارض والملتقيات في مختلف مناطق المملكة، مثل معرض الرياض للكتاب، ومعرض جدة للكتاب، والمهرجان الوطني بالجنادرية، ويمتد هذا الحضور الفاعل خارج المملكة، ومن ذلك المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب وبرامج فكرية تستهدف الزوار والمعتمرين خلال رمضان. حملات لتعزيز الانتماء الوطني •• كم عدد البرامج والدورات التدريبية التي نفذت في مجال تعزيز الانتماء الوطني والأمن الفكري؟ منذ بداية هذا العام نفذت الإدارة فعليًا وعمليًا عددًا من الحملات، يدخل تحتها مفردات من البرامج المتفرعة عنها، وهي موزعة بين إدارة الأمن الفكري والوحدات التابعة لها، وكل وحدةٍ لها تخصصها، فوحدة التوعية الفكرية لها عشرة برامج متنوعة، تستهدف منسوبي الرئاسة وزوار بيت الله الحرام، واستفاد منها 210 موظفين، ووحدة الوسطية والاعتدال لها ثمانية برامج، استفاد منها 250 موظفًا، ووحدة الحوار لها برامجها المتخصصة، بلغت ست عشرة دورةً تدريبيةً معتمدةً من مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وقد بلغ عدد المستفيدين 480 من منسوبي الرئاسة نساءً ورجالًا. وتحرص الإدارة على أن يكون الكيف هو الرائد، وأن تكون البرامج نوعيةً ومتميزةً ومفيدةً. مواجهة الفكر الضال على مستويين •• كيف تعملون على مواجهة الفكر الضال المنحرف، والتشدد والفهم الخاطئ للدين الذي اعتنقه بعض الشباب؟ لا شك أن الأفكار المتطرفة تطل برأسها البغيض على العالم كله، خاصةً مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي تنتشر انتشار النار في الهشيم، وتسري كما يسري النغل في الأديم، وتسهل العمل في الظلام، فأصبحت تؤثر على بعض شبابنا الغض الطري، الذين ليس لديهم حصانة كافية، وربما غرهم زخرف القول، وانطلت عليهم الشبهات التي تستند إلى نصوصٍ شرعية ملوية الأعناق، مقطوعةٍ عن السياق، معزولةٍ عن بقية النصوص الأخرى التي توضح وتجلي الفهم الصحيح. وهناك شقان في التعامل مع هذه الفئات من الشباب، أحدهما تحصيني، فنبدأ بتحصينه قبل أن يقع في شرك الشبهة، من خلال جرعات متينةً تقوي لديه المناعة الفكرية، بحيث إذا تلقى هذه الأفكار لم تجد لديه قبولًا، بل يعافها ويرفضها، وتكون لديه قدرة على النقد والفرز والمعرفة الصحيحة، وهناك شق علاجي، نعمل فيه عن طريق بيان الحقائق وكشف الشبهات، وذلك عبر وسائل التواصل والكتب القيمة. تأهيل الكوادر الشابة في مجال الحوار •• هل لديكم برامج أو دورات لتأهيل القيادات الشابة في مجال الحوارات الفكرية المتخصصة؟ نعم، هناك تعاون مع عددٍ من الجهات، مثل مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني لتخريج دفعات من الشباب الواعي الذي يخدم دينه ووطنه، ومع مركز اعتدالٍ، برعايةٍ كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكةالمكرمة، وتعاون مع عدد من الجهات المختصة لإعداد حقائب في التحصين الفكري، وبث ثقافة الوسطية والاعتدال، وجعل الحوار قيمةً مجتمعيةً. أما القياس فهناك جهة متخصصة في الرئاسة العامة نتعاون معها بهذا الصدد، بما يؤدي إلى نجاح برامج الإدارة. •• وماهي أبرزالبرامج الموسمية التي تستهدف الزوار والمعتمرين خلال شهر رمضان المبارك؟ لدينا برامج يومية، وسلسلة لقاءاتٍ خلال شهر رمضان المبارك، تستهدف الزوار والمعتمرين نعزز فيها الصورة الذهنية للمملكة وما تقوم به من جهود جبارة وكبيرة، ونحرص من خلال البرامج على تعزيز الانتماء للوطن، و إبراز ما تقوم به القيادة الرشيدة من خدمة للحرمين الشريفين. 15 ألف كتاب ومطوية •• كم عدد النشرات والمطويات التي تم توزيعها لتعزيز الأمن الفكري؟ وزعنا في هذا العام أكثر من 15 ألف كتابٍ ومطويةٍ من الإصدارات النوعية المتخصصة، وهي توجه لعامة الناس، والمختصين من طلبة العلم والأكاديميين وغيرهم، كما نشارك بها في الملتقيات والمحافل داخل المملكة وخارجها. الشباب مستهدف •• ما هي نصيحتكم للشباب في ظل هذه الفتن والأفكار المنحرفة؟ الشباب مستهدف، وعليهم أن يحذروا من الدعوات المنحرفة، والصيحات التي تلبس لبوسًا ظاهره براق، وباطنه العذاب والسم الزعاف وتدمير العقول، والشحن ضد ولاة الأمر، و تخريب الأوطان، وعليهم أن يسيروا خلف علمائهم الناصحين في هذا الوطن المعطاء، الذين يبينون الحق مع رحمة الخلق، وينشرون الاعتدال، وعلى الشباب أن يكونوا على مستوى كبير من الوعي، فلا ينجرفون خلف التيارات والنداءات التي تأتي من الخارج، وأن يكون لديهم ولاء صادق لولاة أمرهم ووطنهم، كما يجب ان يكون للشباب دور فاعل في الدفاع عن وطنهم، ضد الحملات المغرضة التي تستهدف هذه البلاد المباركة، وكل شابٍ له نصيب من المشاركة بحسب ما يتقنه، •• كيف ترون دور الأسرة في أهمية تحصين أبنائها فكريًا؟ راعى النظام الأساسي للحكم ما يتعلق بالأسرة، فقرر في الباب الثالث من المادة التاسعة أن الأسرة هي نواة المجتمع، ويربى المواطن الصالح على أساس العقيدة الصحيحة والطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحب الوطن والاعتزاز به، والتوعية المجتمعية تتطلب بناء روابط أسرية قوية يصعب تفكيكها، وتجاهد في تربية أطفالها بالقيم الأخلاقية والوطنية السليمة لكي يتسلح المجتمع تسليحًا متينًا يفوت الفرصة على العدو المتربص، ويقضي على سرطان الإرهاب وما يفرزه من ندوبٍ تشوه وجه المجتمع وتضعف تماسكه، وترجعه عشرات السنوات إلى الوراء. التعليم خط الدفاع الأول •• على مستوى هذه الظاهرة العالمية، كيف ترون معالجة من انحرفوا فكريًا من الشباب؟ الفئات التي انحرفت فكريًا ليست على مستوى واحدٍ، هناك فئات صغيرة السن تم التغرير بها ولم تصل إلى الإضرار ولا اعتناق فكرة محددة، ولكن عندها بعض التشوه الفكري، وشيء يسير من اللوثة الفكرية، وهنا يأتي دور العلماء، باحتضان هؤلاء واحتوائهم وتوجيههم وبيان الحق لهم، وهم أبناء هذا الوطن، وولاة الأمر-أيدهم الله- حريصون على رد هؤلاء إلى جادة الصواب، ومناصحتهم وبيان الشبهات التي قد تراودهم، وتفكيك الأفكار التي تسربت إلى عقولهم واستئصالها، أما الذين اعتنقوا الفكر الضال وضلوا وأضلوا وانتهكوا الحرمات، فهؤلاء لهم أسلوب آخر في التعامل، والدولة حاربت بقوة وحزم الإرهاب و بكل الوسائل، وشهد لها العالم بذلك، بل صارت نبراسًا تهتدي به مراكز الأبحاث والدول في كيفية التعامل الناجح مع مثل هذه العقول المنحرفة وجانب التعليم هو خط الدفاع الأول عن الوطن، فبه يغرس الولاء له، وتنشر التعاليم الدينية السمحة التي من خلالها يتم بناء مجتمعات آمنة ومستقرة ومتطورة.