تقليدياً، قد يُجيب مُعظم الناس على هذا السؤال بالإيجاب، متأثّرين بالانطباع العام بالأهمية الاجتماعية للزواج، وفضيلته الدينية، وضرورته الحياتية والنفسية والجنسية، وما يقترنُ به من تكوين عائلةٍ وصلة أرحام، وإنجاب أطفال هم من زينة الحياة الدنيا، لكن الإجابة أكثر تعقيداً وتتعلّق بطبيعة مشروع الزواج من ناحية العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية المُتداخلة في العلاقة الزوجية والمُحدّدة لها. ولعلّ المُعضلة تكمُن في صياغة السؤال نفسه، فمن الممكن طرحه بصيَغٍ مُختلفة من ضمنها: كيف يُمكن للزواج أن يجعل الناسَ سُعداء؟ وفي أي مرحلةٍ من مراحل الزواج؟ وما هي العوامل المُرتبطة بسعادة الأزواج ؟. فمثلاً: هل يلجأ الناس إلى الزواج ليشعروا بالسّعادة؟ أم أنهم يتزوّجون لأنهم أصلاً سُعداء؟ وهل يُعد المال الوفير سبباً لدوام السّعادة الزوجية؟، وهل تزيد الأمراض العضوية والنفسية والمشكلات الاجتماعية الأزواج ارتباطاً، أم تزيدهم نفوراً وتعاسة؟. هناك ضغوطاتٌ تمارسها بعض المجتمعات على غير المتزوجين، فعُرفها الاجتماعي لا يقبل أن يظلّ الأعزب كذلك لفترة طويلة، مما يضطر كثيرين إلى الزواج نزولاً عند رغبة الأهل والمجتمع، واختيار شريك حياة بصورة مُتسرّعة وغير مُتّزنة، بالرغم من اختلافات فكرية واجتماعية وثقافية قد تكون وصفةً جاهزة لزواج بائسٍ غير متوافق، يتسبب في المُعاناة والتعاسة. ومن خلال اطلاعي، يبدو أن ارتباط الزواج بالسّعادة انطباعٌ غير دقيق ولا يمكن تعميمه، فدراسةٌ طُبّقت على (24 ألف) شخصٍ في ألمانيا، وجَدت أن الأشخاص المُتزوجين أصبحوا أكثر سعادة بشكل طفيف خلال السنة الأولى من الزواج فقط، ثم عادت مستويات سعادتهم إلى ما قبل الزواج، فقد ظهر أن المتزوجين حديثاً يعتادون ويتأقلمون سريعاً مع نمط زواجهم، حيث يقلّ مستوى الاهتمام لديهم تدريجياً بمرور سنوات الزواج مرتبطاً بانخفاض مستوى مادة (فينايل ثيلامين) في الجهاز العصبي المركزي المرتبطة بالشعور بالسعادة والإثارة، في إشارة إلى انحسار الشّغف وتسرّب الملل. يبدو أن لا إجابة مُحدّدة للسؤال عنوان المقال، فالزواج حقاً من أسباب السّعادة لبعض الناس بحسْب توافقهم وظروفهم، ومدى توفّر المودّة والرحمة والاحترام بينهم، لكن إن لم يكن الشخص سعيداً قبل الزواج، فلا يجب أن يعوّل على الزواج وحده لجلب السّعادة النفسية والاجتماعية.