أتحبينه؟؟!! هي: نعم.. ولهذا قبلت به زوجا. لكنه متزوج وعنده أولاد؟! : أعلم ذلك..! هل أنت مقتنعة؟ : إلى حد ما. وهل أنت سعيدة في حياتك معه؟ : نعم..! "هي" هنا حالة واحدة، لكنها تمثل قمة جبل الجليد، حيث يوجد الكثير من الحالات المماثلة، فالرجل متزوج ولديه أولاد ولا يرغب في ترك زوجته الأولى، أما العروس الجديدة فهي شابة صغيرة في مقتبل العمر، كانت كل الفرص متاحة أمامها لاختيار أكثر توفيقا، الأمر الذي يثير أكثر من تساؤل وتساؤل.. لكن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه بشدة يتعلق بطبيعة المتغيرات التي طرأت على تفكير بنات هذا الجيل، ودفعت جانبا منهن نحو قبول فكرة الارتباط برجل متزوج.. ترى ما الذي يجعل "الارتباط برجل متزوج" خيارا واردا وممكن الحدوث؟ أحيانا.. هو الحل! لكن قبل البدء في استطلاع آراء أصحاب الشأن أكد الكثيرون، ممن التقينا بهم، على أن الزواج الثاني كثيرا ما يكون حلا لمشلكة أو مشاكل والتالي فهو يمثل ضرورة لا غنى عنها، سواء للرجل أو المرأة، وإلا لما شرع الله عز وجل الطلاق والزواج بأكثر من واحدة. إن الحياة بين الزوجين قد تتعقد كثيرا وتدخل منعطفات كثيرة يصعب الرجوع فيها لماداخلها من تشابكات وآراء وعنت من الطرفين فكل صامد عند كلمته.. فلا تنازل للطرف الآخر فتستحيل العشرة بينهما فما الحل؟.. انه الطلاق، رغم انه أبغض الحلال الى الله. غير أن كثيرا من الأزواج يأبى أن تصبح زوجته (أم أولاده) سيدة مطلقة احتراما للعشرة أو لأجل أبنائهما، و هنا يتمسك بها كي يحافظ على كيان الأسرة وينقذ ما يمكن انقاذه، وهو بالتأكيد موقف نبيل.. لكن هل الأمر هو كذلك دائما؟؟ الحقيقة أن الزواج الثاني في كثير من الأحيان لا يكون حلا للمشكلة بل هو يزيد كمية المشاكل.. وعندئذ يكون الموضوع في حاجة الى وقفة جادة وإعادة النظر. بداية لنستمع إلى آراء وتعليقات صاحبات الشأن يتحدثن من واقع التجربة ووجهة نظرهن الشخصية وقد تصيب وقد تخطىء. السيدة "م. أحمد" في منتصف العشرينيات، جميلة.. أنيقة ومثقفة، تزوجت منذ حوالي شهرين فقط، أما الزوج فهو زميلها في العمل (تعمل في مستشفى) ولدى زوجها ولدان.. تقول السيدة "م": كان زوجي صريحا معي منذ اللحظات الأولى، ولم يخف عني حقيقة ظروفه، وصارحني منذ البداية بأنه متمسك بي، ولكنه لا يفكر مطلقا في الانفصال عن زوجته الأولى، ووعدني بأن يبذل قصارى جهده في سبيل تحقيق الاستقرار رغم هذا الوضع.. وأمام صراحته معي كان عليّ أن أقدر ظروفه، وأتنازل قليلا، خصوصا وأنني رفضت تماما أن أكون سببا في هدم بيته وتشتيت أسرته.. وحدث أن عارض أهلي بشدة في البداية، ولكن حيال تمسكي برأيي كان لي ما أردت، وقد تكيفت وتأقلمت مع حياتي الجديدة، وأنا الآن راضية عن حياتي. حالة ثانية: الزوج فيها طبيب مرموق تزوج لأول مرة منذ خمسة عشر عاما سيدة فاضلة ورقيقة وقفت الى جانبه وتحملت معه عناء بداية الحياة وله منها ثلاثة أولاد.. ولأنه يدين لها بالفضل في قرارة نفسه فهو متمسك بها.. ولهذا، حينما فكر في الزواج للمرة الثانية كان شرطه الوحيد على عروسه الجديدة ألا تطلب منه الانفصال عن زوجته الأولى، وكانت عرسه مفاجأة للجميع فهي شابة في مقتبل العمر وجذابة وعلى درجة من الثقافة وقبلت شرطه الوحيد، ومضى على زواجهما أكثر من سنتين. وكما ذكرنا سابقا فالحالات المشابهة عديدة، ولكن هل تمثل هذه الحالات رأي الأغلبية من فتيات هذا الجيل؟.. فلنحاول البحث عن الإجابة من خلال استعراض آراء مجموعة من الفتيات. "ليان الدوسري" 20 عاما، تبدأ اجابتها بسؤال منطقي وهو لماذا تقبل أي فتاة أن تكون سببا في تعاسة الآخرين، وأن تبدأ حياتها على حساب سيدة أخرى؟! غالبا ما تكون الضحية وليست هي السبب في المشاكل التي تحدث بينها وبين زوجها، والتي تدفعه نحو التفكير في الزواج بأخرى. إن قرار الزواج من شخص ما ليس أمرا سهلا لأنه قرار مصيري، وإذا لم تكن كل عناصر ومقومات النجاح متوافرة فيه فإنه سيمثل غلطة العمر.. إذن كيف يمكن أن يكون قرارا سليما في غياب عناصر الثقة والاحساس بالأمان في ظل التزام الرجل بأسرتين.. ومهما بلغ عدد الحالات التي قبلت فيها شابات صغيرات الارتباط برجل متزوج فإنها ستبقى حالات فردية لا تمثل رأي بنات هذا الجيل. "هيفاء المحيسن"، 27 عاما: ترى أن قرار الارتباط برجل متزوج هو قرار خاطىء يفتقر الى بعد نظر مهما كانت الاغراءات أو الظروف، فالعواقب كثيرة، والمشاكل التي ستنجم عن هذا الوضع لا حل لها. وقد تقبل بعض الفتيات (في نظر هيفاء) هذا الأمر تحت تأثير الاغراءات المادية مثلا، أو تحت تأثير اعجاب متهور إلا انه لا الاغراءات المادية ولا الايجابية يمثلان وحدهما اساسا سليما للاختيار، وغياب العناصر الأخرى الأكثر أهمية مثل الثقة والمشاركة الكاملة يحكم على هذا الاختيار بالفشل وينبىء عن من متاعب وعدم استقرار. تضحية بلا مقابل! "أماني باعوض" 24 عاما، تقول: "أعتقد أن قبول أية فتاة للارتباط برجل متزوج هو أمر يمثل تضحية كبيرة بلا مقابل.. فهي تضحي بفرصة الزواج من شاب في مقتبل العمر، لا يزال بلا التزامات أو ارتباطات حيال أسرة أخرى في مقابل الارتباط برجل متزوج.. والله وحده يعلم أسباب تفكيره في الزواج مرة ثانية والتي غالبا ما تكون أسبابا واهية وأعذارا هزيلة لا تبرر موقفه، ولا تضيف نقاطا الى رصيده وإنما تضعف موقفه لأنها تكشف عن عدم اتزانه ومدى هوائية تفكيره!". وتضيف "أماني": "إن هذا الرجل غير قادر على مواجهة مشاكله مع زوجته الأولى ومحاولة حلها والتغلب عليها.. هذا بالإضافة الى طبيعة الناس والمجتمع الى الفتاة التي تقبل الارتباط برجل متزوج، حيث ينظرون اليها باعتبار أنها تبني سعادتها على حساب تعاسة الآخرين".. أما "فاطمة النجيدي" وهي سيدة متزوجة فتقول: لماذا لا يضحي الرجل أيضا؟؟.. إن أي زواج معرض لبعض المتاعب، وهذا أمر طبيعي خلال رحلة الحياة القائمة على المشاركة، ولكن أن يهرب الرجل عند أول هبة ريح، ويفكر في الزواج مرة ثانية، فهذا تصرف غير مسؤول من جانبه، وحتى لو زادت المتاعب بين الزوجين على الحد المعقول والمقبول فإن المجتمع يطالب من المرأة بأن تتحمل وتضحي في سبيل الحفاظ على كيان الأسرة، فلماذا إذن لا يتحمل الرجل نصيبه من المسؤولية ويضحي قليلا هو الآخر عوضا عن التفكير في الزواج بأخرى وبناء سعادته على حساب امرأتين، زوجته الأولى التي تركها والزوجة الثانية التي ستكون ملزمة بتقبل التزاماته نحو أسرته الأولى؟.. وهي غالبا ما تكون ضحية اغراءات مادية أو وعود غير صادقة بتحقيق الاستقرار والتوفيق بين البيتين، وهو أمر صعب وفي حكم المستحيل..". وتقول "م. المبارك" 23 عاما: أرفض تماما فكرة الارتباط برجل متزوج، أيا كانت المبررات والظروف، لأن من الطبيعي أن تقوم الأسرة على المشاركة الكاملة والعطاء الكامل، وهذا لن يتوافر في حالة ارتباط الرجل بزوجتين، بالاضافة الى غياب عنصر الثقة في الرجل الذي فكر في الزواج مرة أخرى! اذن في امكانه التفكير في ثالثة ورابعة، ولهذا أعتقد أن قبول بعض الفتيات بهذا الوضع يمثل حالات نسبية لا تعبر عن وجهة نظر الجميع. وللأب رأي وعلى الرغم من تمتع بنات هذا الجيل بقدر كبير من الحرية عند اختيار شريك الحياة إلا أن مجتمعنا الشرقي له قيمه وتقاليده ومن باب أدب الأبناء مع الآباء تحتم أن تكون الكلمة الأولى والأخيرة في هذا الموضوع للأهل وللأب بصفة خاصة.. ونحن بدورنا نطرح عليه هذا السؤال: ترى ماذا سيكون رأيك لو تقدم رجل متزوج لطلب يد ابنتك؟؟.. يجيب "علي الهملي" وهو أب لأربع بنات وولدين قائلا: لا أعتقد أن هناك أب على وجه الأرض يكون مرتاح الضمير وهو يوافق على زواج ابنته من رجل متزوج أيا كانت المبررات، والأسباب في كلامي هذا كثيرة، فالزواج أساسا يفترض فيه أنه شركة تقوم على العطاء المتكامل والمستمر، والفتاة عندما تتزوج من رجل متزوج فهذا يعني اقتطاع جزء من حقوقها لصالح امرأة أخرى تشاركها في نفس الرجل ولها عليه نفس الحقوق والالتزامات، هذا بالإضافة الى المشاكل والمتاعب التي ستنشأ عن هذا الوضع غير المستقر، فلماذا إذن أقبل أن تبدأ ابنتي حياتها بمواجهة مشاكل وعقبات كان يمكن تلافيها من البداية؟!..