يفرض مجتمع القرن الحادي والعشرين على المؤسسات التربوية تحقيق التميز في الأداء، وقد ظهر ذلك بعد أن شهدت عمليات الإشراف التربوي حركة الإصلاح القائم على التميز والتي أكدت على ضرورة إدارة منهجية التميز في الاشراف التربوي.. وقد تزايدت الحاجة إلى التوجه نحو تطبيق مدخل إدارة التميز المؤسسي في ظل ما يشهده الاشراف التربوي في العصر الحالي من حدوث تغيرات في أساليب العمل الاشرافي، وتعدد المداخل التي يمكن الاستفادة منها في تحسين إنتاجية المشرف التربوي. وذلك باعتباره مدخلاً يجمع مقومات بناء عمليات إشرافية على أسس متفوقة تحقق لها قدرات متميزة في مواجهة التحديات المحيطة بها من ناحية، كما تكفل لها تحقيق الترابط والتناسق بين مكوناتها الذاتية واستثمار قدراتها المختلفة. يعد مدخل إدارة التميز بمثابة فلسفة تعنى بالقدرة على توفيق وتنسيق عناصر عمليات الاشراف التربوي وتشغيلها في تكامل وترابط لتحقيق أعلى معدلات التفاعلية، والوصول بذلك إلى مستوى المخرجات الذي يحقق رغبات ومنافع وتوقعات أصحاب المصلحة ويعود الفضل في ظهوره إلى مطلع الثمانينات من القرن الماضي من خلال جهود عدد من الخبراء والتنظيمات أخذت على عاتقها مهمة البحث عن أنجح الطرق للارتقاء بأداء المؤسسات التربوية بوجه عام. وتتطلب تطبيق إدارة التميز المؤسسي في الاشراف التربوي: - إحداث تغييراً جذرياً في تنفيذ العمليات الإشرافية بالمؤسسات التربوية. - ابتكار أساليب مرنة لتنفيذ العمليات الإشرافية تناسب مع متطلبات الأداء المتميز. - التدريب المستمر للمشرفين التربويين، بهدف بناء ثقافة التميز بها. - تحقيق التفاعل والتكامل بين المشرفين التربويين والمستفيدين. - وجود إدارة إشرافية ذات كفايات متعددة تتميز بالمرونة، والقدرة على التكيف مع متغيرات العصر، والقدرة على تحليل وإدراك العلاقات واتخاذ القرارات. وقد عرف الفكر الإداري مداخل عديدة، جسدت مفهوم إدارة التميز في العمل الاشرافي بمساهمتها في تحقيق مرتكزاته، كمدخل الإدارة الاستراتيجية باعتبارها طريقة تفكير تعمل على وضع الرؤى المستقبلية للعمليات الإشرافية، ومدخل إدارة الجودة كفلسفة إدارية لضمان جودة أداء المشرف التربوي، ومدخل إعادة الهندسة كطريقة جديدة للتفكير والتغيير الجذري للعمليات الإشرافية بهدف التطوير، ومدخل القياس المقارن بالأفضل كعملية بحث مستمرة لقياس ومقارنة أداء المشرف التربوي بأفضل الرواد في نفس مجاله وتخصصه. ولبناء عمليات إشرافية تتحقق فيها "إدارة التميز" فإنه لابد من التحديد الدقيق والواضح للغايات والأهداف المرجوة واعتمادها كأساس للتخطيط والتوجيه في كافة مجالات النشاط الاشرافي، وتحديد أساليب تنفيذ المهام المختلفة من خلال اتباع أسلوب فريق العمل، واستخدام آليات مقننه للتقييم والتقويم باعتبارها وسيلة التأكد من تميز الإجراءات السابقة. -- * مديرة إدارة الجودة وقياس الأداء بوزارة التعليم