ولدي سألتك بالذي خلق السماء ألا تثور وتنتفض إن حان وقت مماتي.. إني تركت الناس في حفظ الإله وتركت قلبي في ثنايا حجرتي ليزور روحك عندما تنساني.. إني رحلت ورحلتي ميمونة، أرجو بها الرحمن في صلواتي، أعددت زادي والمتاع ودمعتي في ليلة وردية الظلماتِ، أيقنت أني راحلة فسألت ربي دائمًا سيرًا حثيث الجهد في الخطواتِ، وسالت ذكراك التي عاشت سنيناً طائلة في القلب والحجراتِ، ألا أموت بعيدةً، ألا أموت وحيدةً، ألا تسيل من الجفاء دمعاتي. ان عشت عمراً كاملا أهديته للقاك، إني تبسم خاطري والعمر حين أراك، يا مهجتي إني تركتك مجبرة، ورحلت نحو المقبرة، لكنني ما زلت أسكن روحك الولهة وفوق ثراك.. دوما تراني هاهنا وهناك بين يديك.. في مقعدي أو حجرتي أو بين أبنائي الذين عهدتهم أملاً وبلسم عمري المكتوب في الأقدارِ.. يارب أني قد رضيت فأرضه.. ولدي حبيبي البارِ.. أمي بكاك الناس والأزهار وبكاك حتى جارنا والبيت والأطيارِ.. أمي بكتك دفاتري ومحابري.. ومحاجري وموائد الافطارِ، أمي بكيتك حينما وارى التراب جمالك الوضاء.. يا ليتني قد كنت أملك حكمة الأدباء.. لرثيت موتك كلما رسمت حروفي للدنى أضواء. أني ما كبرت.... ما خط مفرق شعري الشيب الغزير لأنني ما زلت طفلك ذلك الذي أهوى معك.. فتات الخبز.. طعم الشاي.. طعم الحب يا أمي يسابق كل لقماتي.. والآن يا أماه تسابق لقمتي دمعةٌ.. ومعها كل آهاتي.. بكيت حينما واراك التراب وعدنا بدونك أمي.. تيقظنا على حقيقة أن أمي رحلت.. ابتعدت.. فصرت وحيداً بدونك أمي باردٌ، كل شيء هادئ، كل شيء. بكيتك أمي حد البكاء فرحماك ربي بقلبي ورحماك ربي بأمي ورحماك ربي بعينيّ.. أني فقدت الضياء، فقدت الهناء، فقدت الرجاء، بعودة أمي.. الى جنة الخلد أمي.. الى خير جار.. الى خير صاحب.. ستبقين يا أمي العمر كله بقلبي فرحماك ربي بأمي.