أشرنا في مقالنا يوم السبت 26/3/1440ه أن مرض النفوس المسؤول الأول عن نشر البغضاء والكراهية في مجتمعات البشر على هذه الأرض هو الحسد والحقد، وهو المرض الأسوأ بين أمراض النفوس، التي تفتك بالمجتمعات البشرية، فما إن ينتشر الحسد والحقد حتى تُنشَر ثقافة الكراهية والبغضاء بين الناس، سواء أكان ذلك عن طريق فكرة دينية، أو زعم مظالم اقتصادية أو عادية، وهي في الواقع لا وجود لها إلا في مخيلة الحسدة الحقدة، وهذه الأمراض اليوم تنتشر في كثير من المجتمعات، وبعضها يخطط له أن يكون دولياً، وهو ما رأينا له مثالاً واضحاً في الحرب التي شنَّها أعداء لبلادنا في الفترة الأخيرة. وإن كان الظاهر أن سببها مقتل إنسان هو مواطن بيننا، حتى وإن ارتضى موقفاً مغايراً من بلاده غير موقفنا، ولكن لا يظن عاقل اليوم أن كل هذا الحسد والحقد ناتج فقط عن مناصرة أخ لنا قُتِل، بل هو مرض من أمراض النفوس الإنسانية الدنيئة، تحمل في داخلها كراهية وبغضاء لنا، لا لأننا قد أسأنا إلى أحد، ولكن لأن في العالم من مرضى النفوس ما لا عدَّ لهم ولا حصر، وأظنهم في الإعلام أكثر، فكم من معركة أثارها الإعلام في كثير من بلدان العالم اليوم، انتهت أنها مصنوعة صناعة رديئة من مرضى نفوس تعتمل في نفوسهم أمراض الحقد والحسد لكل الناجحين إذا استطاعوا أن يحافظوا على وطنهم، ويعملوا على تطوير الحياة فيه، ومدوا يد الخير لكل شعوب العالم، وخاصة تلك الشعوب التي لها صلة بهم من عرب ومسلمين، فاشتغل أثر أمراض النفوس في الغرب والشرق، حتى كان ما كان، واليوم وسُحب الكراهية تنقشع عنا، ونرى الأمور تعود إلى نصابها الصحيح، لابد وأن نُذكِّر العالم أن الكراهية لا تكون فقط لأسباب دينية، فتلك لا تكون إلا مع الجهل بالأديان خاصة الإلهية منها، فكلها يحض على المودة والمحبة، ويُحرِّم الكراهية والبغضاء، ولكن أمراض القلوب إذا استحكمت فإنها تنشرها بأسرع مما ينشرها الجهل بالدين، وعلينا دوماً أن ننتبه لما يُخطِّط له مرضى النفوس في عالمنا مبكراً، وقبل أن يعلنوا حرباً جديدة، ولنكن لهم بالمرصاد، نكشف زيفهم وأحقادهم وتزويرهم، فنَكُفُّ شرهم.