استبقت المملكة اجتماع أوبك في فيينا الأسبوع المقبل بموقف حاسم من أجل دعم استقرار النفط، الذي تراجعت أسعاره مؤخرا على خلفية عدة عوامل منها تراجع الطلب وزيادة المخزونات والحرب التجارية. وتطالب المملكة بخفض الإنتاج بمقدار مليون برميل على الأقل من أجل تهدئة مخاوف السوق واحتواء التراجع الراهن. وتجسد ذلك الموقف بتأكيد خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في تصريحات صحفية أمس على هامش زيارته لدبي، على أن المملكة لن تخفض الإنتاج بمفردها وأن السوق بحاجة إلى موقف جماعي من أوبك ومن الدول خارجها لدعم الأسعار. ولعل ما يدعم تلك الرؤية إشادة الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين أمس بموقف المملكة وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مما أدى إلى نجاح اتفاق خفض إنتاج النفط، ودعم الأسعار من مستويات 40 دولارا إلى أكثر من 80 دولارا خلال العام الحالي قبل أن تعود إلى الانخفاض بفعل عوامل من داخل وخارج أوبك. وجاءت تأكيدات الفالح استنادا إلى تجارب سابقة عديدة من أبرزها نجاح تجربة الخفض الجماعي الذي تم إقراره في 2016 بسحب 1.8 مليون برميل يوميا، وصعوبة نجاح تجربة الخفض من جانب المملكة بمفردها، لأن أي دول يمكنها زيادة الإنتاج في المقابل، وبالتالي لن يكون لقرار الخفض المفرد أي جدوى اقتصادية كبيرة، وهذا الأمر يعلمه جيدا جميع المنتجين والمستهلكين على حد سواء. وجاء تأكيد المملكة في وقت دقيق للغاية، استبق قمة العشرين في الأرجنتين، التي يحضرها قادة السعودية وأمريكا وروسيا كبار منتجي النفط في العالم، وقبل أيام من اجتماع أوبك في فيينا من أجل دراسة وضع السوق الذي سادته مخاوف لزيادة المخزونات وتراجع الطلب مما يضغط بقوة على الأسعار. وانطلاقا من دورها الريادي، تعمل المملكة منذ وقت مبكر على دعم استقرار السوق النفطية لصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وكان لتحركها السريع مع روسيا في 2016 أهمية كبيرة في إنقاذ السوق في ذلك الوقت، وسبق ذلك تحرك مكوكي لوزير النفط السابق على النعيمي بين مختلف العواصم في تسعينات القرن الماضي من أجل إنقاذ الأسعار التي كانت قد تراجعت إلى أقل من 10 دولارات لا تمثل تكلفة الإنتاج من باطن الأرض. وتعول المملكة في تحركها على أهمية البناء على النجاحات السابقة التي وصلت فيها نسبة الالتزام بالخفض إلى 149%، وضرورة إعداد إطار مؤسسي تكاملي للتعاون بين أوبك والمنتجين من خارج المنظمة بما يصب في صالح جميع الأطراف، لاسيما وأن السوق يعاني حاليا من بطء ملموس في الاكتشافات وأعمال التنقيب، ومن الممكن أن يهدد ذلك بارتفاعات مفاجئة في الأسعار. السوق يتفاعل مع الفالح تفاعل سوق النفط أمس مع تصريحات وزير الطاقة خالد الفالح وارتفع 1% ليقترب خام برنت من مستوى 60 دولارا وسط ضغوط قوية يتعرض لها من أبرزها المخزونات الأمريكية. وكان مسح أجرته وكالة بلومبرج منذ أيام توقع أن يقر المجتمعون في فيينا خفضا في الكميات المنتجة يصل إلى 1.1 مليون برميل.