ملف العشوائيات يعد واحدًا من أهم وأخطر الملفات التي تواجه المسار الحضري وحركة التطوير لأي مدينة وذلك بما يمثله من أخطار أمنية واقتصادية وعمرانية وبيئية واجتماعية. وفي منطقة مكةالمكرمة يمثل هذا الملف الهاجس الأكبر لدى أمير المنطقة والجهات المسؤولة، وكانت تصريحات أمين مدينة جدة صالح التركي بفتح ملف العشوائيات والعمل على إيجاد حلول له تمثل بادرة جديدة وجيدة خلقت نوعًا من الاستبشار بالتصدي لهذه الظاهرة. (المدينة) حاولت رصد آراء ورؤى مجموعة من خبراء التخطيط والإسكان لطرحها على الطاولة لعلها تمثل بعض دلالات وخيارات الحلول. الى ذلك يرى المهندس أيمن الشيخ وهو مخطط عمراني مهتم بقضايا المدن وتحسين جودة الحياة بالمدن أن معالجة العشوائيات لا يجب أن تكون مبررًا كافيًا لتغيير الطابع العمراني ككل بل يجب العمل على تحييد جذور ومسببات المخاطر سواء كانت ضمن المناطق المخططة أو غير المخططة ولتقريب الفكرة فحالات الدهس للمشاة في المناطق المخططة هو أعلى منه في المناطق العفوية وهذا ليس سببًا كافيًا أن نعيد المناطق المخططة لتكون مناطق عفوية بل يجب دراسة أسباب الخطر وتحييدها ومن ثم معالجتها. لا لقولبة المعالجات ويؤكد أن «قولبة» المعالجة ليس الأسلوب الصحيح بل يجب دراسة كل منطقة عفوية ووضع الحل الأمثل لها بما يتناسب مع واقعها الحالي على مستويات عدة (اجتماعي، اقتصادي، استثماري، بيئي، عمراني)، ومن خلال هذه المصفوفة من البيانات نتمكن من تحديد الحل الأمثل الذي من الممكن أن يجمع كافة الخيارات، ويتيح خيارات أفضل مما يحافظ على الموارد المالية ولا يرفع من تكلفة المشروع وتأثيره المباشر وغير المباشر على المدن. تعدد المنفذين ويختم المهندس الشيخ حديثه بالقول ان كل شئ يجب ان يكون مدروسا و يخضع بحسب ما يتاح من مصفوفة البيانات الاجتماعية، الاقتصادية، البيئية، الإستثمارية، العمرانية والتي يلزم دراستها جيدًا وبدقة عالية واحترافية يتم تحديد الجهة الأكثر مناسبة وقد يكون لدينا مشروعًا يتعدد المنفذون فيه فتتعدد المهام ويتم توزيعها بحسب مجالات الأنشطة والأعمال، اما فيما يخص التعامل مع الملاك فيقول : إن أي مجتمع في أي حي يود دومًا أن تقدم له الخدمات بما يكفل له حرية الاختيار منها والمشاركة بها سواء كشريك أو ممول بالأصول وهنالك عدة تجارب لمبادرات تحسينية سابقة تمت في مناطق عفوية وجدت إسهامًا إيجابيًا من مجتمعات الأحياء العفوية ولذا يلزم السعي إلى تحقيق أهداف التطوير بما يجعل من مجتمع الحي مشاركًا وداعمًا لها ومشاركًا فيها. يرى الدكتورد فرحات طاشكندي أستاذ الإسكان في كلية العمارة والتخطيط بجامعة الملك سعود سابقًا أن العشوائيه قد لا تعني أن الأراضي غير مملوكة من السكان فقد تكون مخططة ومملوكة ولكن لم يلتزموا في البناء بالتنظيمات الخاصة بالبناء وربما تعني هذه الأراضي قد احتلت بوضع اليدsquatter settlement ووضع اليد قد يكون على أراضٍ حكومية أو أراضٍ خاصة. ليست الإزالة كل الحل ثم يذهب الى القول لقد ثبت أن إزالة العشوائيات دون إيجاد حلول واقعيه ومناسبة لهم يؤدي إلى نشوء أحياء أخرى شبيهة وقد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه وخاصة إذا أحس السكان بالظلم أو أنهم أبعدوا إلى مناطق تجعل من الوصول إلى أعمالهم ومدارسهم واحتياجاتهم صعبة وأكثر كلفة وتأخذ من وقتهم الكثير أو تغيير فرص العمل في مناطقهم. الارتقاء الحضري بدل الهدم ويضيف الدكتور طاشكندي: وأنا أدعو إلى أن تقوم الأمانة بالارتقاء الحضري upgrade أو ما يسمى بurban renewal بدلاً من الهدم خاصة إذا كانوا من السكان المحليين وذوي عوائل ويمتلكون صكوكًا، ولقد أوجدت الدولة لمثل هؤلاء ما كان يسمى ببنك التسليف حيث يعطيهم قروضًا في حدود 30 ألف ريال آنذاك لعمل الترميمات والصيانة الداخليه ثم تقسيطها بشكل مريح لمدة طويلة ويمكن تفعيل ذلك النظام وزيادة مبلغ القرض لأن المواطن أدرى بما يريد والشركات المطورة تنظر بمنظور الربح والخسارة وعلى كل حال أجمع خبراء البنك الدولي أن الاستثمار في إسكان الفقراء غير مجدٍ وهو قليل في العائد أو منعدم لتعثر السكان في السداد و لو استثمر نفس المبلغ في الصناعة لأعطى عائدًا مجزيًا لذلك لا أتوقع من الاقتصاديين والمعماريين أن يقدموا حلولاً للارتقاء بهذه الأحياء ولكن في الغالب يلجأون إلى الحلول السهلة والسريعة بإزالة هذه المستوطنات ومحوها وإقامة مشروعات لا تقل عنها تعاسة على المدى الطويل ومن عنده باع في إسكان ذوي الدخل المحدود يدرك ما أقول لأن تأهيل هذه الأحياء يتطلب جهادً وإخلاصًا وصبرًا وقليلًا من الإبداع، وللأسف هناك من لا يمتلك هذه الصفات ويتصدر بآراء لها انعكاسات اجتماعية وأمنيه يغفلون عنها. لا أتوقع حلولا من الاقتصاديين وعن من يقوم بالتطوير يقول : «لقد أوجدت الدولة لمثل هؤلاء ما كان يسمى ب»بنك التسليف» حيث يعطيهم قروضًا في حدود 30 ألف ريال آنذاك لعمل الترميمات والصيانة الداخليه ثم تقسيطها بشكل مريح لمدة طويل، ويمكن تفعيل ذلك النظام وزيادة مبلغ القرض لأن المواطن أدرى بما يريد والشركات المطورة تنظر بمنظور الربح والخسارة وعلى كل حال أجمع خبراء البنك الدولي أن الاستثمار في إسكان الفقر مختلف، وهو قليل العائد لو استثمر نفس المبلغ في الصناعة، لذلك لا أتوقع من الاقتصاديين والمعماريين أن يقدموا حلولًا للارتقاء بهذه الأحياء ولكن في الغالب ولجأون إلى الحلول السهلة والسريعة، بإزالة هذه المستوطنات ومحوها وإقامة مشروعات لا تقل عنها تعاسة على المدى الطويل ومن عنده باع في إسكان ذوي الدخل المحدود يدرك ما أقول. القروض الميسرة بعيدًا عن الاقتصاديين ويختم رأيه بأنه من الأفضل إشراك الناس في تحسن منازلهم بتسهيل الحصول على قروض ميسرة، وتدخل البلديات في توفير الخدمات والمرافق العامة مثل ما تقوم البليات بتقديمه كما في أحياء المدينة الأخرى فمن العدل أن يكون لهم نصيب من ميزانية البلديات. د. طاشكندي: إزالة العشوائيات دون إيجاد حلول واقعية ومناسبة للسكان يؤدي إلي نشوء أحياء شبيهة ويرى الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن استشاري تخطيط مدن : بأن الاختلالات الإدارية المتشابكة مع عوامل أخرى لعبة دورًا في خلق العشوائيات في مناطق أخرى مثل الكثافة السكانية وتدني التعليم وانخفاض معدل الدخل، وعليه فإن الخدمات في العشوائيات تتوزع بصورة عشوائية ولا تخضع لأسس وضوابط ومعايير التخطيط العمراني مع زيادة الاعتماد على خدمات المدينة نتيجة لافتقار هذه المناطق للخدمات التعليمية والصحية والثقافية وغيرها،وتفتقر هذه العشوائيات إلى شبكات البنية الأساسية مثل الصرف الصحي كما أنها تعاني -العشوائيات- طبقًا للدراسات من خلل واضح في التركيبة السكانية التي تتميز بالكثافة العالية وتدني مستوى التعليم والدخل وقلة الملاك مع ارتفاع معدل البطالة والانحراف الاجتماعي والأخلاقي. تقسيم المناطق العشوائية و يقسم المناطق العشوائية بجدة إلى أقسام وهي: - مناطق عشوائية نشأت ببناء المساكن والمباني باجتهادات فردية من الأفراد بعضها بتراخيص وبعضها بدون تراخيص وهى مناطق غير منظمة ولا تكتمل بها الخدمات والمرافق الضرورية وتصعب فيها حركة المركبات ولا يمكن معالجتها من خلال برامج التنمية العمرانية الاعتيادية. - مناطق عشوائية شبه منظمة يسهل التعامل معها بالتطوير والتحسين ويمكنها أن تستجيب لمعالجات وبرامج التنمية العمرانية المختلفة. -المنطقة التاريخية أو البلد القديمة التي تمثل النسيج العمراني العضوي التقليدي المخطط بطريقة عفوية بمبانيه القديمة التي لم تستخدم فيها تقنيات البناء الحديثةا لمعالجة المناسبة للعشوائيات ويجسد أساليب المعالجة في: - معالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لسكان المناطق العشوائية والخلل السكاني المهيمن عليها خاصة تكاثر المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وتحديد هوية المقيمين وتصحيح أوضاعهم الاجتماعية والتعليمية والصحية الخ. - تحفيز الجانب الاستثماري والتحسين الحضري لزيادة المردود الاقتصادي وإدخال هذه المناطق في دائرة السوق الاستثمارية العقارية. - اقتراح أنظمة للبناء في هذه المناطق بما يضمن استثمارها بالشكل الأمثل. - تيسير حصول المواطنين (الساكنين والمالكين لمبانيهم) لصكوك في حال بقائها على ما هى عليه بعد التطوير. - إيجاد الوسائل الكفيلة بالحد من إحداث عشوائيات جديدة أو توسع القائم منها. - تبني مبدأ التنمية المستدامة في تطوير المناطق العشوائية. - دعم توجه اشتراك القطاع الخاص في عملية التطوير. المعالجة التنظيمية ويضيف : إن المعالجة التنظيمية تخضع لتنوعات الأحياء: - مناطق عشوائية لها مقومات استثمارية لتشجيع مشاركة القطاع الخاص على تطويرها. -مناطق عشوائية ليس لها مقومات استثمارية ولا تشجع مشاركة القطاع الخاص على تطويرها. - مناطق عشوائية لها إمكانية ذاتية للتحسن والتطوير. - مناطق عشوائية بحاجة إلى معالجة جزئية عاجلة. شركة للتطوير بالتعاون مع أمانة محافظة جدة ويرى الدكتور عبدالله بأنه يجب أن تكون هناك شركة تطوير تتعاون مع الأمانة ويتم العمل كالتالي: - تجهيز موقع منطقة التطوير بتنسيق من شركة التطوير مع الأمانة/ البلدية والجهات الأمنية لإخلاء وإزالة المباني وتنظيم الموقع حسب المخطط الرئيس للمشروع. - اعتماد المخطط الرئيس للمشروع. - يجب على شركة التطوير حال حصولها على موافقة الأمانة/البلدية البدء بأعمال الإخلاء والإزالة والهدم بتجهيز الموقع وفق الضوابط المنظمة لذلك والمعتمدة لدى الأمانة/ البلدية. - تقوم شركة التطوير وبالتنسيق مع الأمانة/ البلدية بإبلاغ الملاك والمستأجرين بشتى فئاتهم عن تاريخ الإخلاء والإزالة والهدم. الخيارات المتاحة للمالك فيما يصنف الخيارات المتاحة للمالك كالتالي: - المشاركة كمساهم في شركة التطوير بأسهم وفق القيمة المقررة من لجنة تقدير تعويض العقارات. - البيع: بيع عقاره إلى شركة التطوير وفق القيمة المقررة من لجنة تقدير تعويض العقارات أو البيع لأى مشتر آخر ويكون للمشترى الجديد حق المشاركة في شركة التطوير بنفس القيمة التي يتم تقديرها للعقار من قبل لجنة تقدير تعويضات العقارات. - إذا رفض المالك أيًا من الخيارات السابقة (المشاركة في شركة التطوير أو البيع للشركة أو لمشترٍ آخر) فيعد عقاره ملكية ممتنعة تعالج وفق هذه اللائحة. إجرائيات وخطوات التطوير ويختم الدكتور عبدالله حديثه بتحديد بعض الخطوات لمشروعات التطوير ومنها: يتعين على الامانة / البلدية دعم اقتصاديات المنطقة المستهدفة لترتقي إلى مستوى المناطق التي لها مقومات استثمارية لتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في تطويرها وذلك باتباع ما يلي: - تقوم الأمانة/ البلدية بإعداد مخطط تطويري للمنطقة المستهدفة بعرض توفير طرق ذات كفاءة تصميمية ومرورية بالمنطقة وكذلك توفير خدمات بلدية ومواقع خدمات أخرى حسب حاجة المنطقة. - تعد الأمانة/ البلدية ميزانية تقديرية لتنفيذ المخطط التطويري المعد من قبلها ليشمل المبالغ المطلوبة لنزع الملكية والإزالة والتنفيذ لجميع الطرق والخدمات البلدية ومواقع الخدمات الأخرى المطلوب توسعتها أو استحداثها وعلى الأمانة/ البلدية عرض الميزانية التقديرية على اللجنة التحضيرية لمراجعتها تمهيدًا لرفعها إلى اللجنة الوزارية وتتم معالجة ما تطلبه من اعتمادات مالية. د. عبدالله: شركة تطوير تتعاون مع الأمانة وخيارات متعددة للملاك د. باعجاجة: شراكات للمطورين والمستثمرين وتعويض الملاك بمواقع أخرى من جانب آخريرى المستشار الهندسي طلال سمرقندي الرئيس التنفيذي لمكتب الخطوط المعمارية وعضو فريق تعزيز الهوية المكية بالهيئة العليا لتطوير منطقة مكةالمكرمة أن العشوائيات أدت إلى تجمع نوعيات محددة من السكان في أحياء معينة ليساعدوا بعضهم البعض في التأقلم مع البيئة الجديدة التي انتقلوا إليها وقد ساعد على ذلك، عدم وجود فريق رقابة مؤهل وكافٍ للتصدي لهذه الفئة وبالتالي انتشرت بسرعة كبيرة جدًا حتى أصبح عددها في حدود ال60 حيًا عشوائيًا في مدينة جدة لوحدها، وعدم وجود الصلاحية لدي لجان التعديات التي أنشئت من قبل الإمارة في حالة وجود مقاومة من قبل المعتدين على الأراضي وبالتالي كان هنالك صعوبة بالغة في إيقاف انتشارها، كذلك تجاهل القضاة في المحاكم وعدم الالتفات إلى اعتراض مندوب الأمانة على هذه التعديات وبالتالي بعد صدور صكوك الملكية أصبح أصحاب هذه التعديات ملاكًا شرعيين. اختلاف المعالجات باختلاف الأحياء وعن معالجة العشوائيات يقول : بأنه لا يمكن الجزم باستخدام حل وحيد لهذه الأحياء فقد يناسب بعض الأحياء المعالجة الكاملة بينما يناسب الحي الآخر الخلخلة والتطوير، وهذا يعتمد على عدة عوامل منها الموقع، المساحة، التكلفة، عمر المباني، شكلها العام، تقبل السكان. الملاك لهم حق الأولوية ويذهب المهندس سمرقندي في ختام رأيه إلى أن أفضل الحلول تتم بمشاركة السكان والملاك مع حفظ حقوقهم بشكل عادل، ويجب الأخذ في الاعتبار أن هؤلاء ملاك ولهم الحق والأولوية في تطوير حيهم من الناحية الشرعية وحق الشفعة، كما يجب أن يحفظ لكل مالك عدد من الأسهم يوازي ما يملكه عند التطوير ويعوض أيضا بما يتناسب مع نقله من مكانه إلى موقع آخر أثناء التطوير ومن ثم عودته مرة أخري بعد التطوير، وهذا يساعد في الحفاظ علي التركيبة السكانية وتماسك أفراد الحي، وهنا يأتي السؤال كيف يتم تحقيق الأرباح مع كل هذه المزايا للملاك الإجابة تكون من خلال إعطاء الشركات المطورة عدد أدوار أعلى وخدمات تحقق لهم أرباحًا مجزية مع تسهيل الإجراءت وتسريعها.