بعد أسبوع مكتظ بالخضرة والوفاء، يمكن أن نقف لنستعيد طيفاً من حكاياته الحالمة، وشفيفاً من ألحان الحب المجنون التي سطَّرها أبناء وبنات هذا الوطن، من مواطنين ومواطنات، ومقيمين ومقيمات. بالنسبة لي، قضيتُ أسبوع الوطن وأطيافه بين دبيبِ الكلمات التي احتشدت في مسابقةٍ مميزة، نظّمتها (أبيات)، ودَعَتْ مبدعي الوطن ومبدعاته ليجودوا بما لديهم من سحر البيان ويغرسوه في تربة وطنهم. أقول: إن مهمتي كانت صعبة رغم جمالها، لذيذة رغم صعوبتها؛ فالوطن قيمة خضراء تنبت في الإنسان بقدر ما ينبت أخضرُ الإنسانِ فيها. صعبةً لأن الموضوعَ صعب، فكيف تختارُ والمحبوبُ عزيزٌ على كل تمييز، لا ينافسه في الحب حب آخر، فأيُّ محبوب أجملُ وأوفى؟!.. وأي بلاطٍ أعز وأبهى؟!. كانت المهمة صعبة لأن المشاركات قاربت ستمائة (600) مشاركة، وكان لزاماً أن نعكف عليها ليل نهار، لاستخراج النتائج في موعد محدد، (قبل نهاية الأسبوع نفسه).. صعبةً لأن المشاركات انبثقت من مختلف الأقاليم والمدن والقرى، فاختلطت الكلمات بطين الأماكن وعبق الانتماء، الذي يأتي مجسّداً بملامح البيئة التي خرج منها، متسربلاً بتقاليد المجتمع وتقليعاته في الحب، وفي التعبير عنه.. صعبةً لأن قائمة المشاركات ضمَّت أعمالاً (من الفصيح والشعبي) لمبدعين ومبدعات تجاوز أثرهم الأدبي الحدودَ، لينفتح على الوطن العربي ككل، أذكر على سبيل المثال لا الحصر: (محمد إبراهيم يعقوب، مستورة العرابي، مفرح الشقيقي، حسن الربيح، ياسر آل غريب، صالح العوض، غيداء الناجم، عبدالمجيد الموسى، يوسف حدادي... وغيرهم كثير كثير). كانت المشاركاتُ عِقداً من الحب والوفاء لهذه الأرض الطاهرة، عِقداً يصعب -حد الاستحالة- أن تستصفي بعض جواهره، لأن جماله في اكتمالهِ عقداً يزين جيد المملكة الغالي. الآن أشعر بامتنان تجاه المنظمين وفريق العمل، وتجاه أخي وصديقي الوفي أ. د. عبدالرحمن السلمي (عضو لجنة التحكيم)، لاختياري لأكون ضمن الفريق، أشعر بامتنان لأن الفرصة سنحت لي لأسبح مع محمد يعقوب وهو يقول: أجلْ أهواهُ لا لغةٌ مطاوعةٌ تطوّعني أجل أهواهُ كيف ألوذ بالمعنى ليعتقني وأعشق أبجديّتهُ.. كَأَنَّ مَقامهُ أُذُني وأهتف باسمه أبداً سلمتَ.. سلمتَ يا وطني ولمستورة العرابي وهي تُغرِّد: حَاوَلتُ.. لَكِنِّي قَرَأْتُ الأبجديّةَ فِي حُنُوِّكَ فِي النِّهَايَاتِ البَعِيدَةِ فِي المبادِئ كُنْتَ وَحْدَكَ كَالقصِيدَةِ مُصْغِيًا كَالضَّوْءِ لِلجُمَلِ الَّتِي عَتَّقْتَهَا حَتَّى أَغِيبَ وَهَا أَنَا مُمْتَنَّةٌ جِدًّا لِهَذِي الأَرْضِ أكْتُبُهَا عَلَى جُدْرَان هَذَا القلبِ ذَاكِرَةً مِنْ الحُمَّى إِذَا لَمْ تُسْعِفِ الجُمَلُ سأظل ممتناً لأن المسابقة جعلتني أقرأ مثل هذا الجمال لغيداء الناجم: وطنْ أصبح سنين العمر لي شمسي عجز حتى شعاع الشمس عن حضنك يدفّيني لمست فْ دافيَ أحْضانك حنانٍ ذاب في حسي بعيش الحب لك ورده.. وفا وابيك تجنيني ف عيدك أنتشي الفرحه.. عروس ومقبله عرسي نقشتك عشق في قلبي وجرى نقشك على سنيني أحبك حب يا دار السعد من وين ما امسي اقول اني سعوديه فخر وارفع لكِ يْديني ولتقفوا -كما وقفتُ ملياً بدهشة وغبطة- أمام هذا الشموخ الذي يبنيه حسن مبارك الربيح: إِلى التِّسعينَ تَركُضُ في المَجالِ وأَنتَ فُتوَّةُ الزَّمنِ المُحالِ ووجهُكَ يَمنحُ الآفاقَ صُبحًا بَهيًّا، ليسَ تَمحُوهُ اللَّيالي وخَيلُكَ تُشعِلُ الدُّنيا صَهِيلًا يَطولُ الشَّوطُ، لكنْ لا تُبالي ونخلُكَ واقفٌ، مهما استَبَدَّتْ بِهِ رِيحٌ، مَنِيعٌ كالجِبالِ