لقد كان إعلان الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الدولة السعودية في 21 جمادى الأولى عام 1351ه الموافق 23 سبتمبر 1932م هو بداية عصر جديد لأرض شاسعة من شبه الجزيرة العربية مزقتها حروب طاحنة وكبلتها قيود الفقر والجهل والمرض عن أي تقدم وتلاشت كل مظاهر الأمن والأمان وهددت حياة الناس بل والحجيج الذين يأتون الحج فلا يأمنون على حياتهم هذا فضلاً عن استلاب أرزاقهم من قطاع الطرق. لم يكن ذلك الوضع يرضي ذلك الفتى الشجاع الذي أحس بغصة الألم والحزن على ضياع الأرض والناس والدين فكانت خطواته الصادقة الراسخة في تأسيس أركان دولته ولم شمل مناطقها هي طموحه وهاجسه، ساعده في ذلك إيمانه بالله والتوكل عليه فدانت له معظم أجزاء الجزيرة العربية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها ليبقى (وسطها) هو القلب النابض الذي يبث العز والرخاء إلى كافة شرايين الدولة حيث اتخذ من الرياض عاصمة له. وجاء أبناؤه البررة الذين تشربوا منذ نعومة أظفارهم نهج الوالد المؤسس في جعل دستور الدولة الشريعة الإسلامية والسنة النبوية الشريفة أسلوب حياة فلا عصبية ولا قبلية ولا طائفية ولا مذهبية ولا مناطقية ولكنها إسلامية وسطية. بهذا النهج القويم استطاع أولئك القادة: سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، وعبدالله -رحمهم الله تعالى- مواصلة الطريق وإحداث نقلات تطويرية حضارية شاملة تسابق الزمن في جميع جوانب حياة الإنسان السعودي ووُضعت الدولة السعودية في مصاف الأمم المتقدمة.. ثم جاء عهد سلمان الخير.. سلمان الحزم والعزم فأحدث ما يشبه المعجزات والخيالات ليس فقط على المستوى الوطني بل على المستوى الإقليمي والدولي، فرحلاته وتنقلاته إلى دول العالم وعقد شراكات اقتصادية يعود حصادها الى رصيد الوطن كانت مثاراً للإعجاب والغبطة من الأصدقاء ومثاراً للحقد من الأعداء الذين كانوا يتربصون للانقضاض ويراهنون على مكانة عالمية زائفة لا تؤهلهم لها مكانتهم وقدراتهم السياسية والاقتصادية والإسلامية. ومما دعم الدولة السعودية في عصر سلمان الخير تعيينه لسمو الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد ليضفي على الدولة مزيداً من التقدم والازدهار، وجاءت رؤية 2030م وكان محمد بن سلمان عرَّابها وربانها للسير قدماً في تطوير الدولة. إنها الرؤية التي تمثل أهداف الدولة السعودية في التنمية والاقتصاد لأكثر من عقد من الزمان والتي أكدت على توفير موارد اقتصادية أخرى غير النفط لموارد الدولة.. فتنوعت المصادر ودعم صندوق الاستثمارات العامة بأكثر من 2 تريليون دولار لتطوير المرافق في الاسكان والترفيه وزيادة رقعة المساحة الخضراء والمجالات السياحية؛ حيث هناك 46 جزيرة ووجهة سياحية تشرع أبوابها للاستثمار. بل تم دعم المواطن السعودي بتضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء بإنشاء (حساب للمواطن). كما اهتمت الرؤية بسعادة الإنسان، وأنسنة المدن، وجودة الحياة من خلال إنشاء هيئة للترفيه لتوفر للإنسان السعودي والمقيم كل أسباب الترفيه البريء، ويصب ذلك في اقتصاد الوطن. بل لن ننسى اهتمام الرؤية بتطوير المتاحف الوطنية كجزء من مراكز الجذب السياحي، هذا فضلاً عن المشروع العملاق في القدية ومشروع نيوم الحضاري الذي اعتبر خيالاً فأصبح واقعاً.. وحولت المملكة إلى نموذج عالمي من خلال عناصر التقنية ومقومات اقتصادية قوية وتزويده بكوادر بشرية سعودية وعالمية تشرف على المشروع.. حيث إن من أهم أهداف الرؤية الاهتمام بالكوادر البشرية ترجمة لمقولة ولي العهد: «السعوديون هم العنصر الأهم لنجاح نيوم». نعم إنه عصر جديد ودولة سعودية جديدة حق لنا جميعاً أن نفخر ونقول: «الحمد لله أنا سعودي».