عندما فكرت في اختيار موضوع أتحدث فيه عند الاحتفاء باليوم الوطني، توقفت مليًا عند هذه الذكرى الغالية على قلوبنا لأتأمل شخصية هذا القائد الهمام، لطالما تحدثنا عن عزيمته وإصراره وإيمانه العميق بربه، إنه موحد البلاد بعد الشتات، وصانع حضارة الوطن، ومؤسس هذا الكيان، اسمه سطَّره التاريخ بمدادٍ من ذهب، بل من أنفس كنوز الأرض، الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود. بين يدي إصدار من إصدارات مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، الذي أفتخر دومًا بانتمائي إليه، ومتحدثة باسمه في كل محفل وطني، هذا الإصدار بعنوان: «آفاق الحوار في فكر الملك عبدالعزيز»، للدكتور محمد الشويعر، في مقدمته استوقفتني كلمات (بأن الخلود سمة الرجال العظماء، فكم من الرجال الذين يأتون للدنيا ويذهبون دون أن يؤبه بهم أو يُذكر اسمهم أو يحفل التاريخ بذكرهم، بيد أن هناك رجالاً يأبون إلا أن تخلَّد أسماؤهم بفضل حنكتهم وعبقريتهم، فحياتهم منذ الولادة حتى الممات سجل حافل بالأعمال الجليلة، والصور المشرقة التي هي محل فخر شعوبهم واعترازهم بهم). نعم نحن أمام شخصية فريدة من نوعها في العصر الحديث، ما تحقق له من توحيد المملكة يعد مفخرة وطنية، وستبقى شخصيته -طيب الله ثراه- محل الاهتمام، وسيظل إلى الأبد يُمثِّل لنا قدوة الرجل الحكيم والقائد المغوار المؤمن بربه إيمانًا راسخًا.. يترجم معاني الحزم والحلم، والإقدام والشجاعة، والكرم والإصرار على تحقيق الهدف مهما كان صعبًا، فلا مستحيل مع الإرادة والطموح والتوكل على الله. تمنيت وأنا أتكلم بين طالبات الثانوية الثانية بالصناعية؛ أن أقضي يومي كله في تدارس سيرة الملك عبدالعزيز بكل فخرٍ واعتزاز، لنُردِّد معًا: نحن السعوديين في كل وقتٍ وحين، نُجدِّد عهدنا وبيعتنا لولي الأمر، ونقول لك يا وطن العز: سنبذل قصارى جهدنا لنثبت لك وللعالم بأننا نستحق هذه الهوية، بتحقيق منجزات وطنية بأيدٍ سعودية مُحلِّقة فوق هام السحب. وكم أتمنى من مركز الحوار الوطني -الذي يحمل اسم المؤسس وسام شرف على جدرانه وعلى مطبوعاته- بأن يُنظِّم جلسات حوارية عن سيرة الملك عبدالعزيز في كل منطقة من مناطق المملكة، وأن نطلق مسابقة وطنية في إعداد وتنفيذ ملحمة كبرى تُعرض في دور السينما السعودية والعالمية من قِبَل شباب وفتيات الوطن، تحكي قصص الأمجاد والبطولات. أوبريت سيرة آل سعود، للشاعر القدير ضاوي، عبَّر بلغةٍ مميزة وألحان معبِّرة، وصور مُبهرة، وأداء احترافي من الفنانين عن هذا التاريخ المجيد، وأعتقد أن جيل اليوم يريد مزيدًا من هذه الأعمال التي تُوثِّق التاريخ بلغة العصر، والفن وسيلة فعالة لإيصال الرسالة بأجمل وأبهى صورة، ولدينا نخبة من المبدعين والمبدعات الذين سيُبهروننا بمزيدٍ من العطاءات، لوطنٍ يستحق المجد والعلو والرفعة على مر الأعوام.. دام عزك يا وطن.