إبان مشاورات السلام التي عقدت في الكويت 2016 بين وفد الحكومة الشرعية اليمنية وبين وفد الانقلابيين (الحوثي وصالح ) في عهد مبعوث الأممالمتحدة السابق «إسماعيل ولد الشيخ أحمد» صدرت تلميحات مفادها بأن «ولد الشيخ» اقترب من إنجاز اتفاق تاريخي من خلال تلك المشاورات التي استمرت عامين بعد أن أحرز تقدماً كبيراً حول الإطار العام الذي اقترحته الأممالمتحدة والذي يوضح هيكلية وإطار العمل بالنسبة للمحاور السياسية والأمنية والاقتصادية للمرحلة المقبلة، والكل قد فرح بهذا الإعلان وصفق له. إلا أن الحوثيين ومن خلفهم حزب المؤتمر أجهضوا هذه الفرحة بإعلانهم عن تشكيل مجلس سياسي أعلى يتكون من عشرة أعضاء لإدارة اليمن، مهمته إدارة شئون الدولة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإدارياً واجتماعياً، مما لا يتماشى مع الالتزامات التي قطعها (الحوثي وصالح) بدعم العملية السياسية التي تشرف عليها الأممالمتحدة، ويبدو لي أن هذا القرار هو الذي أحبط جهود «ولد الشيخ» ودعاه للانسحاب بعد محادثات واجتماعات مضنية استمرت زهاء العامين لدرجة أنه تعرض خلالها لمحاولة اغتيال في العاصمة صنعاء. واليوم يأتي «غريفث» ويتصدى لهذه المهمة التي بالتأكيد لن يكتب لها النجاح، وأنها مجرد تضييع وقت يتماهى مع السياسة التي يتبعها الحوثيون في إطالة مدى النزاع وكسب المزيد من الوقت وإعادة الصفوف، إذ إن غريفث تحدث عن رغبته في جمع الطرفين في جنيف، وأن محادثاته مع الطرفين أوضحت له أن الحل السياسي لهذه الحرب متاح، تماشياً مع القرارات ذات الصلة من مجلس الأمن ومبادرة دول مجلس التعاون الخليجي ومخرجات الحوار الوطني، مطالباً بدعم خفض التصعيد في الحديدة، وإبقاء البحر الأحمر خارج النزاع!! ، كيف ذلك والميليشيات الحوثية كما قال مندوب الكويت لدى الأممالمتحدة «لازالت تمارس أنماطاً جديدة من التحدي والتهديد لإرادة المجتمع الدولي من خلال استهدافها لسلامة الملاحة البحرية في باب المندب والبحر الأحمر سواء بزرعها الألغام البحرية، أو استهداف السفن التجارية والنفطية»؟!. أستغرب من التصريح الذي أدلى به «غريفث» المتضمن أن جهوده نجحت في تضييق الفجوة بشكل كبير بين الجانبين، وحقق ما لم يحققه سابقوه منذ 2012. المفروض أن يعمل المبعوث غريفث على تنفيذ القرار رقم 2216 الذي يتضمن انسحاب المليشيات عن كافة المدن وتسليم الأسلحة. وإذا كان هذا هو القرار الأممي بشروطه تلك، لماذا لا يسأل السيد غريفث الحوثيين عما إذا كان لديهم الاستعداد لتطبيق القرار أم لا؟!، وعلى ضوء إجابتهم يتخذ خطواته المناسبة، إما الاستمرار أو التوقف، لاسيما وأن حالة الفشل مرت بسابقيه (بن عمر، وولد الشيخ) وليس ببعيد أن يلقى نفس المصير. على الحكومة الشرعية ودول التحالف أن تعي بأن الحوثيين يعطون أملاً للمبعوث الدولي ولكنهم لا يوفون بعهد ولا وعد، ويديرون ظهورهم لأي مطالب تقتضي هدنة يتم فيها التوقف عن النجاحات التي تحققت، وكان حرياً بالأممالمتحدة أن توقف هذه المساعي، فلا يمكن أن يجلس القادة الشرعيون مع ميليشيات أنبتها النظام الإيراني، ولا بد من تحرير الحديدة مهما كان الثمن.