الإنسان الغبي اجتماعياً يفتقر إلى المنطق السليم في التعامل مع الأحداث المُختلفة والمواقف المُتنوعة، وغيره من الأشخاص بمختلف مرجعيّاتهم وفئاتهم، ولا يمتلك اللّباقة المطلوبة خلال تواصله الاجتماعي، وهو مُصاب بخللٍ في ردود الأفعال الطبيعية المقبولة اجتماعياً ومنطقياً. وفي أوقات كثيرة، لا يُمكنني التفريق بين الغباء الاجتماعي الناتج عن تخلّف التعليم ورداءة التثقيف وقلّة الوعي، وبين الوقاحة والسفاهة وقلة الأدب الناتجة عن سوء التربية واضطراب الأخلاق الشخصية والسلوك الإنساني !. فمن واقع التجارب والمُلاحظات، ليس ضرورياً ارتباط الغباء الاجتماعي بانخفاض مستوى التعليم وقلّة الشهادات العلمية، فعدد من أصحاب الشهادات المُتخصصة والتعليم العالي لا يمتلكون الفِطنة والكياسة والذكاء السّلوكي للتعامل السّوي المُوقّر مع غيرهم في مواقف مُتباينة وحالاتٍ مُختلفة، وهو ما يؤثر سلْباً على قَبولهم في مُحيطهم المهني ومدى نجاحهم الاجتماعي، في حين ترى عدداً من المُتواضعين دراسياً وعلمياً، يتمتعون بلباقة مشهودٍ لها، وقبولٍ اجتماعيّ جيد نظير إتقانهم مهارات التعامل وفنون التواصل السليم مع الآخرين، بحسْب ما يقتضيه الموقف والظرف. وبعكس الذكاء الاجتماعي، يتميّز صاحب الغباء الاجتماعي بقلّة تعاطفه مع الآخرين، وبَلادة تفاعله مع مُشكلاتهم ومشاعرهم، وصعوبة تقبّله النقد وتأقلمه الفعّال مع مُحيطه، وعدم تحكّمه في انفعالاته وإيماءاته ونبرة صوته ولغة جسده وبدنه، وتسرّعه في الحُكم على الناس من خلال مَظاهرهم، وتخلّيه عن سلوكيات التهذيب وأدب الإنصات، وعدم احترامه للاختلاف وآراء الآخرين فضلاً عن تقبّلها، إضافة إلى تضخّم حجم «الأنا» لديه، واستمرائه الجِدال والتعصّب المَقيت، وغياب حسه الأدبي وانخفاض مستوى ذوقه العام، وبخاصة خلال تعاملاته مع المرأة. يبدو لي أن غياب المرونة الاجتماعية المطلوبة أمرٌ مُكتسب، فسلوكيات الإنسان وتصرفاته تخضع في مُجمَلها لعوامل بيئيةٍ تربويةٍ تعليميةٍ ثقافية، يكتسبُها من مُحيطه وأقرانه وعاداتهم وقِيمهم الاجتماعية السائدة، وهو أسيرُ الجماعة التي ينتمي إليها، ويتأثر بالإيحاءات الثقافية التي يتربّى عليها، وينصاع في الأغلب لتوجّه العقل الجمعي، مما يضع مسؤوليةً كبيرةً على دُور التربية والتعليم، والإعلام بقنواته المتعددة، لتنمية مشاعر الفرد وضبط سلوكياته، وتكريس الذكاء العاطفي لديه، بُغية تواصله بشكلٍ أفضل مع الأفراد والمجموعات، وعلاجه من فقر الأدب العام واضطراب الشخصية الغبية اجتماعياً.